توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيد بيت لحم غير سعيد

  مصر اليوم -

عيد بيت لحم غير سعيد

بقلم : بكر عويضة

بينما تعمُّ أنحاء العالم بهجة الاحتفال بيوم مولد عيسى ابن مريم العذراء، عليهما السلام، وفيما تتلألأ معظم أسواق القرى والمدن في المشارق والمغارب بأضواء «الكريسماس»، تتشح بالحزن مدينة بيت لحم التي حباها الخالق، عزّ وجلّ، بشرف أن يُولد فيها المسيح، أما شوارعها فتغرق في صمت يُطبق في الآن نفسه على صدور الناس. أمِنْ عجبٍ في ذلك؟ كلا، فأيام الأعياد تحل للعام الثاني على التوالي، في حين يعربد زعيق أزيز طائرات المحتل الإسرائيلي فوق رؤوس المدنيين العُزل، وهي تحوم في سماء قطاع غزة، تقذف حمم القنابل، فتخطف الأرواح، وتُطفئ بريق الحياة في أعين أطفالٍ، ونساءٍ، ورجالٍ، بينهم شبان، ومنهم عجائز. لكن الصلوات لن تتوقف في كنائس بيت لحم، ولا تراتيل صوامع التعبّد فيها، بل يكثر الابتهال إلى الله، أن يوقف حرب إسرائيل على أهل غزة، بعدما طال أمدها، واتّسع دمارها، أكثر مما تصوّر زعماء أطرافها الذين أشعلوا أوارها.

إلى جانب بيت لحم، تختفي أجواء أي احتفاء يليق بمناسبة «الكريسماس» هذا العام من كل قرى فلسطين ومدنها، وفي مقدمها القدس. صحيح أن قرار الإلغاء التام لاحتفالات الأعياد كان قد اتُّخِذ العام الماضي، إذ لم يكن مضى على هجوم «طوفان الأقصى»، وانطلاق رد إسرائيل الهمجي عليه، سوى بضعة أشهر. إنما يصح أيضاً التذكير بحقيقة أن بهجة الاحتفال بأي عيد، إسلامي أو مسيحي، بدأت تنطفئ منذ بدأ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967. هذا أمر طبيعي، وهو مُتَوَقَّع حيثما وقع احتلالٌ أجنبي، وأينما تعرّض شعب أي أرض لمعاناة تحمُّل ممارسات جنود الاحتلال من قهرٍ، وإذلالٍ، وسجنٍ، واغتصابٍ، إلى غير ذلك من صنوف التوحش التي تمارسها جيوش الاحتلال في كل زمان، وكل مكان.

بالإضافة إلى فقدان الإحساس النفساني ببهجة العيد، في بيت لحم وفي غيرها بالطبع، والاكتفاء بإحياء البعد الروحاني للمناسبة، ولو على صعيد ذاتي، هناك أيضاً المعاناة، كما أثبت الواقع دائماً، في الجانب الاقتصادي. فمن المعروف أن خصوصية مدن معينة، كما بيت لحم، والقدس الشرقية، والناصرة، تشد اهتمام طوائف المسيحيين في مختلف أنحاء العالم. لذا، اعتاد كثيرون منهم أن يخصوا تلك الأماكن بزيارتها والتجول بين بقاعها التاريخية، وفي أسواقها، فينفقوا ما استطاعوا، وفي ذلك إنعاش لأحوال أهلها الاقتصادية يعينهم على مواجهة تكاليف العيش الآخذة في الارتفاع عاماً بعد آخر.

ضمن هذا السياق، أدت الحرب الجارية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، إلى تراجع كبير في أعداد أولئك الزوار، مما تسبّب في انتكاس الوضع الاقتصادي لمجمل الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة. أليس من المنطقي القول إن العالم المحتفل بأعياد «الكريسماس» هذا العام يجب ألا ينسى حقيقة أن العيد في مهد السيد المسيح عيسى، عليه السلام، غير سعيد على الإطلاق، وبالتالي فإن عواصم القرار الدولي مطالبة بألا تضع جانباً مسؤولياتها إزاء ضرورة التوصل إلى وقف فوري للحرب الدائرة في فلسطين؟ بلى، والحق أن انتظار ضحايا هذه الحرب لقرار يجلب السلام لكل الناس طال فعلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد بيت لحم غير سعيد عيد بيت لحم غير سعيد



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عودة «زعيم الفن العربي»!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon