توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنجاز أبطال... وعجز فصائل

  مصر اليوم -

إنجاز أبطال وعجز فصائل

بقلم: بكر عويضة

قهر السجان للأسير مُتوَقَّعٌ. ليس في الأمر جديد. غير أن التميز في هذا الوضع يتمثل في خصوصية تنوّع أساليب القهر الإسرائيلي لكل أسير فلسطيني يقبع بإحدى زنازين أيٍّ من قلاع ما تُسمى السجون في إسرائيل، لأن كلاً منها بالفعل قلعة يكاد يكون مستحيلاً اختراق تحصيناتها. كما صار معروفاً، سجن جلبوع واحد من الأكثر تحصيناً بين تلك القلاع بأسوارها العالية، وجدرانها الملّغمة بالأسلاك الشائكة. لذا، أنْ يخترق ستة أسرى فلسطينيين كل تحصينات أمن ذلك الحصن، وأن يتمكنوا من حفر نفق يُخرجهم من ظلمات سجانهم، إلى فضاء حرية أرضهم المحتلة، ولو لبضعة أيام، هو في حد ذاته واحدة من أبدع آيات إمكانية أن يُبدع الفلسطيني المقهور في إيقاع القهر بمرارة أشد، على سجانيه ومحتلي أرضه. أمِن عجب إذنْ، إذا قيل في وصف أولئك الستة إنهم أبطال؟ كلا، على الإطلاق.
حقاً، إنجازٌ بطولي يستحق صفة الإعجاز أنْ ينجح أسرى فلسطينيون في هز هيبة الأمن الإسرائيلي ككل، وإحداث شرخ في جُدُر تحصينات السجون المخصصة للفلسطينيين تحديداً. سوف يوثَّق هذا الحدث في سجلات التاريخ بشكل بارز، والأرجح أن يرجع إلى وقائع الهروب من قلعة جلبوع الإسرائيلية، في مستقبل الأيام، باحثون كثرٌ من مختلف بقاع العالم، ولأهداف عدة تتوخى الوقوف بدقة على النجاح في حفر النفق ثم الانطلاق من عتمته إلى النور. ذلك هو الشق الأساس في النظر إلى ما جرى. ثمة شق آخر، ربما يتوقف عنده باحثون في شؤون الحركات الوطنية عموماً، وما يُعنى، خصوصاً، بتطور أساليب وفنون المواجهة بين الطرف الأقوى في السلاح والتجهيز، هو المُحتل للأرض طبعاً، والآخر الأضعف سلاحاً، لكنه الأمضى عزيمة، وهو المتمثل في كل مُقاوم لأي احتلال. إذا حصل هكذا تدقيق مستقبلاً، لعل من الجائز الافتراض أن يتوقع المعنيون، فلسطينياً، تساؤلات لن تسرّهم، ولعلها لم تخطر على بال أي منهم.
يمكن تخيّل أن أول تلك التساؤلات سوف يأتي على النحو التالي: كيف تخفق التنظيمات الفلسطينية ككل، خصوصاً «حركة الجهاد الإسلامي»، أولاً، كونها فصيل الأسرى الستة، ثم حركة «حماس»، ثانياً، من منطلق أنها تنفصل بحكم قطاع غزة، في توفير ملاذ آمن للأسرى الفارين، اعتباراً من يوم وقوع الفرار؟ من الجائز أن يُقال إن هكذا إخفاق كشف عن عجز صاعق في أداء الفصائل الفلسطينية. أَمَا كان ممكناً لمن يجيد حفر الأنفاق داخل قطاع غزة، وبينه وبين مصر، توجيه أولئك الشبان نحو كيفية الوصول إلى مقرات آمنة؟ كلّا، رُبّ قائل يسارع فيجيب، وربما يضيف أن التساؤل في حد ذاته سخيف، ويعبِّر عن سذاجة في فهم تعقيدات الصراع الميداني ضد عدو بحجم إسرائيل. حسناً، ذلك رد يجب أخذه في الاعتبار. إنما، هل يمكن الرد عليه بطرح تساؤل مختلف على النحو التالي: لماذا يفشل أمن إسرائيل في العثور على جلعاد شاليط طوال أكثر من خمس سنوات أمكن خلالها لأمن «حماس» أن يخفيه جيداً، بينما تتمكن الأجهزة الإسرائيلية من اكتشاف مخابئ الأسرى الستة، واحداً بعد آخر، في ظرف أيام؟ تُرى، أكان ذلك التمكّن، لدى أجهزة «حماس» من مستوى خارق بالفعل، لدرجة أنه شلّ إمكانية كل الأجهزة في إسرائيل ففشلت في الوصول إلى استرجاع «ابن الجميع» -كما أُطلق على شاليط، تعاطفاً، في المجتمع الإسرائيلي- أم يجوز الافتراض أن مسؤولي الأمن الإسرائيلي، التزاماً بقرار سياسي، أطالوا أمد اختطاف ابنهم حتى وقت معلوم، ما دام إسرائيل مطمئنة إلى حُسن التعامل معه، بغرض أن يصبح إحدى أوراق المساومة، لاحقاً، سواء في صفقة تبادل أسرى، أو في التفاوض على وقف إطلاق نار عندما تنفجر واحدة من حروب إعادة خلط الأوراق، كي يُعاد رسم خرائط التحرك المسموح بها على مسرح تعطيل أي توصل إلى تسوية تتيح للفلسطينيين مجال التنفس بلا قلق من التحسب لاحتمال حرب جديدة تدق الأبواب؟
لست أزعم دراية بخفايا ليس لديَّ ما يوثّق زعمي بشأنها. إنما هي حيرة تعيد فرضها، أحياناً، تعقيدات تراجيديا جديدة يمر بها الحال الفلسطيني. حقاً، طوبى لكم أبطال إيقاع شق في قلاع السجان الإسرائيلي، عبر نفق سجن جلبوع. ثُم، أمَا حان للسادة قيادات الفصائل الفلسطينية أن تلمّ الشمل، علّها تغار من نجاح الأسرى الستة، فتنجح في ترميم شقوق خلل الأداء داخل فصائلها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنجاز أبطال وعجز فصائل إنجاز أبطال وعجز فصائل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon