توقيت القاهرة المحلي 21:31:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تتويج تشارلز يحدّث نهج إليزابيث

  مصر اليوم -

تتويج تشارلز يحدّث نهج إليزابيث

بقلم - بكر عويضة

السبت المقبل، سوف يدخل تتويج الملك تشارلز الثالث، خلفاً لوالدته الملكة إليزابيث الثانية، سجلات التاريخ كيوم متميز، ليس فحسب داخل المملكة المتحدة، ودول الكومنولث، بل أيضاً على صعيد يتجاوز حدود القارة الأوروبية، ليشمل العالم ككل. ألم يُقل من قبل إن الشمس لم تكن تغيب عن الإمبراطورية البريطانية؟ بلى؛ ثم أتى لاحقاً زمن رَمْي أُناس بين الناس، على امتداد العالم، بريطانيا بأوصاف تنم عن مقاصد شتى. من ذلك، قول بعضهم إنها بلد «يشيخ» بشكل سريع، أو السخرية من شعارها الشهير بإعطائه وصف «الأسد البريطاني العجوز»، أو الإكثار من ترديد القول إن أكثر من نصف سكانها عجائز يعيشون على حساب دافع الضرائب، فيقبضون مخصصاتهم كل أسبوع من نفقة الضمان الاجتماعي و... يعمرون طويلاً.
الواقع أن في بعض ذلك التوصيف للحال البريطاني المعاصر ملامح واقع قائم، والبحث في مظاهره أمر متاح لكل ناظر يمحص أحوال الأمم، ويدرس أسباب تراجع أمجاد ماض تولى. ثم إن الحديث بوضوح تام عن هكذا واقع مسموح، وليس من عائق يحول دونه، ولا توجد قوانين توقع عقوبات بحق من يمارس الانتقاد، بل على العكس من ذلك، هو حديث يُشجَع عليه، فيدلي أهل العلم، وذوو الرأي الوازن، بوجهات نظرهم في أسباب مشكلات المجتمع، وما يطفو على السطح من سلبيات. مع ذلك، ربما يفيد التذكير أن إطلاق أوصاف كتلك على بريطانيا، تحديداً من خارجها، لم يك بريئاً في الأحوال كلها. فقد مورس زعيق كهذا، خصوصاً خلال ستينات، ثم سبعينات، القرن الماضي، من قبل قوى وتكتلات سياسية، وفق هوى سياسي محض، إما بقصد التشكيك المطلق في إمكانية نهوض يعيد الوهج للدور البريطاني، أو بغرض شماتة كانت مجرد اجترار لكلام إنشائي، لم يُسمن هزيل البدن، وما أطعم الفقير الجائع.
مظاهر الجمع بين تحديث أساليب آل وندسور في التعامل مع مقتضيات الواقع المعاصر، والتجديد المتفق مع متطلبات الزمن الحديث، وبين الإبقاء على معظم تقاليد اعتلاء العرش البريطاني، سوف تتجلى بوضوح خلال مراسم التتويج، التي تبدأ منذ السادسة من صباح نهار الأرجح أنه سيكون مشحوناً بتدفق عواطف تجيش بها صدور الغالبية العظمى من شعوب الجزر البريطانية، تجاه الأسرة الملكية. بين تلك المظاهر، التي سيلاحظها ملايين الناس، داخل بريطانيا وخارجها، أن الملك تشارلز الثالث، وقرينته الملكة كاميلا، سوف يستقلان عربة من الماس صُممت في أستراليا عام 2012 خصيصاً لمناسبة اليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية، بدلاً من عربتها الذهبية، التي أقلتها يوم تتويجها في السادس من فبراير (شباط) عام 1952، كما استقلها من قبل والدها الملك جورج السادس نهار تُوج في الثاني عشر من مايو (أيار) سنة 1937، بعد تنازل شقيقه الملك إدوارد الثامن نتيجة إصراره على الزواج بواليس سيمبسون، وهي سيدة مجتمع أميركية وقع في غرامها رغم معرفته بوضعها الاجتماعي، إذ في ذلك الزمان، لم يكن مقبولاً أن يتزوج عاهل المملكة المتحدة بامرأة سبق لها الطلاق، وتسعى للطلاق من زواجها الثاني.
العربة الماسية سوف تقل الملك تشارلز والملكة كاميليا من قصر باكنغهام إلى كنيسة ويستمنستر التي شهدت تتويج ملوك بريطانيا منذ العام 1006، وتشارلز الثالث هو الملك الأربعون الذي يُتوج في رواقها التاريخي. لكن مظاهر تحديث نهج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، ليست تقتصر على مجرد استبدال عربة، بل ثمة الأهم من ذلك كثيراً. خذ، مثلاً، أن تشارلز الثالث أول ملك يرأس الكنيسة الأنجليكانية، ويحضر تتويجه ممثلو الديانات الإبراهيمية الثلاث، ويكون لكل منهم دور خلال المراسم، بعدما كان هكذا حضور مقتصراً في السابق على أسقف كانتربيري. ثانيا، هناك أيضاً التوجيه بأن تبث مراسم التتويج، عبر الإذاعة والتلفزيون، بلغات أسكوتلندا، وويلز، وآيرلندا، إلى جانب الإنجليزية.
تلك جوانب من سمات تحديث تشارلز الثالث لأساليب التاج البريطاني. بيد أن التحديث المهم جداً سوف يتجلَّى بوضوح أكثر من خلال إدارة ملك مثقف، يمتلك تجربة ذات جذور متينة، لشؤون مملكته في الداخل وفي الخارج، مع احترامه لمبدأ أن وزراء حكومته المُنتَخبين هم مَن يدير البلاد، لأنه يبقى فوق مستوى التدخل اليومي بكل صغيرة وكل كبيرة. ضمن هذا السياق، من المُرجح أن تشهد علاقات بريطانيا على الصعيد الدولي تقدماً سوف تتضح أبعاده الإيجابية لاحقاً في مجالات وحقول عدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تتويج تشارلز يحدّث نهج إليزابيث تتويج تشارلز يحدّث نهج إليزابيث



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon