توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التوطين أفضل الأسوأ للاجئين

  مصر اليوم -

التوطين أفضل الأسوأ للاجئين

بقلم - بكر عويضة

فلسطينيين كانوا، أو من أي عرق وجنس ودين، يبدو أن التوطين يظل هو أفضل الأسوأ بين مشاريع حلول تختلف مضامينها، وتتباين مراميها، جرى التداول بشأنها منذ أزمان بعيدة، بين الأطراف المعنية أساساً باتخاذ موقف منها، والقوى ذات النفوذ الممسك بمفاتيحها، التي تقف وراء وضع خطوط تلك المشاريع ثم تفاصيل خطط تطبيقها واقعياً على الأرض. بيد أن كل حديث ذي صلة بالتوطين، لم يلبث أن توارى في الظل، بعدما استجد من أحداث وتطورات أدى مسارها غير المُتوَقَع، وما تمخض عنها، إلى اتخاذ القرار بتأجيل أي كلام من ذلك القبيل، وأن يُطوى، ولو مؤقتاً، في خزائن الأرشيف، حتى يحين الوقت المناسب فيطل مجدداً.

ضمن هذا السياق، ليس مستغرباً، ولا مفاجئاً، أن أحدث اشتباكات شهدها مخيم عين الحلوة، أحيت من جديد حديث التوطين، ولو ليس على نطاق واسع. قبل التوسع بشيء من التفصيل في مسألة التوطين الشائكة، يجدر القول إن اشتباكات آخر أيام الشهر الماضي، ومطلع الحالي، ليست على الأرجح الأخيرة. مبرر هذا القول واضح، وخلاصته أن مختصر ما تردد خلال الاشتباكات، أعاد التذكير بتجدد الاقتتال بين الفصائل الفلسطينية. ذلك صحيح، إنما يلفت النظر غياب التفريق بين الجماعات التي تتقاسم النفوذ في أكبر مخيمات اللاجئين في لبنان، إذ قليلاً ما يُذكر، وربما من النادر جداً أن يجري التوقف أمام تبدلات عدة حصلت، وما تعكس من مدلولات خطيرة.

معروف أن جماعات وفصائل فلسطينية الاسم والمنشأ، والأصل والعنوان، توجد على أرض مخيم عين الحلوة، أسبقها تاريخياً حركة «فتح»، تليها حجماً ومن ثم تأثيراً حركة «حماس»، إضافة إلى جبهات أقدم تأسيساً، لكنها باتت أقل حضوراً. في المقابل، هناك مجموعات ليس من الدقيق أن تُلحق بالنسيج العام للفصائل الفلسطينية، ذلك أنها، أولاً، نبتت فجأة في مخيم عين الحلوة، وفي غيره من مخيمات اللجوء الفلسطيني على الأرض اللبنانية. وثانياً، هي مجموعات تختلف أساساً في المنهج الذي تعتنق، والأرجح أنه جرى إنشاؤها، ثم إيفادها إلى لبنان لغرض محدد. على كلٍ، في الحالتين؛ الأولى أي الأصل، والثانية بمعنى الطارئة، ليس ثمة ما يمنع أن تندس في الصفوف عناصر ليست تربطها بفلسطين علاقة انتماء، أو مصير، أو تحرير، بل على النقيض من ذلك تماماً، هي عناصر مهمتها تدمير كل محاولة تصالح فلسطينية، ووسيلتها إشعال الفتنة من جديد كلما أطفئِت نارُها.

ما سبق يقود إلى طرح سؤال ليس جديداً، إنما في الآن ذاته، ليس واضحاً متى يجري التوافق على جواب عنه بشيء من المنطق، وبلا توتر أعصاب، أو إرهاق غير ضروري للنفس. نعم؛ إنه سؤال التوطين. وفق إحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن عددهم في لبنان وصل إلى 489 ألفاً، إضافة إلى 31 ألف لاجئ أتوا من سوريا خلال السنوات الأخيرة. هؤلاء من المنطقي أن يعادوا إلى من حيث وفدوا. أما النازحون بفعل نكبة نشوء إسرائيل على أرضهم، فما الذي يمنع توطينهم على نحو يعطيهم إحساس أمان ينعم به الناس في كل الأوطان، ولكنه لن ينزع عنهم، ولن يقتلع من قلوبهم، ولا ضمائرهم، حق الأمل بالعودة ذات يوم، إلى موطنهم الأساس، فلسطين. في هذا السياق، يمكن الاقتداء بالنموذج الأردني. المخاوف القائمة في لبنان إزاء أي تغيير في تركيبة السكان مفهومة، إنما يمكن وضع حلول لها تحول دون المساس بالحساسيات الطائفية. ليس سهلاً إقناع كل الناس بما يبدو مستحيلاً، ومن المستحيلات، أحياناً، تقبل حقيقة أن أفضل الأسوأ قد يجنِّب المجتمعات كثيراً من الخضات الأكثر سوءاً من واقع تكلّس أكثر مما يجب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوطين أفضل الأسوأ للاجئين التوطين أفضل الأسوأ للاجئين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon