توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البقاء والانتماء... تعقيب غاضب

  مصر اليوم -

البقاء والانتماء تعقيب غاضب

بقلم - بكر عويضة

في ختام مقالة الأربعاء الماضي، المنشورة هنا، ورَدَ الآتي: «مع مرور الزمن، سوف يتضح هل تأثر انتماء المغادرين إلى فلسطين، سلباً، أم بقي صامداً يواجه أعتى رياح وأعاصير شد الرحال إلى منافي الاغتراب؟».

«محمد»، المقيم في أستراليا، رد بـ«إيميل» تضمن التالي: «أود أن أعقب على سؤالك. الغزاوي، والفلسطيني عموماً، في أراضي 1967 متنبه لخطر وعواقب الهجرة. وهو لا يهاجر إلا مضطراً، وفي داخل أعماقه يرفض فكرة الهجرة، ويعود كلما سنحت الفرصة لذلك. ولكن الفلسطيني إنسان، وما هو بكائن فضائي، لذا مُتوقع منه، ومقبول، أن يطلب الأمان، ويغادر غزة، عندما يُقذَف من السماء والأرض والبحر بقذائف حمم لهب تشوي لحم أطفاله».

«محمد» الذي أحتفظ باسم عائلته؛ لأنني لم أستأذن في نشره، يستطرد فيضيف: «عندما أبلغتُ أخي أنني استخرجت له تأشيرة للقدوم مع عائلته إلى أستراليا، رفض، رغم أن منزله مدمر، وكان وعائلته يأوون أحياناً إلى سيارة تهشمت نوافذها، أو ينتقلون من منزل لآخر، وعندما وصلوا أبلغوني فوراً أنهم سيعودون إلى غزة بمجرد وقف الحرب. أنا ألاحظ تركيزاً غير بريء من بعض الأقلام على موضوع سفر الغزيين، واعتباره برهاناً على نجاح إسرائيل، وخسارة المقاومة، وبالتالي اتخاذه تبريراً للهجوم على المقاومة بشكل عام، وتحديداً عملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. الواقع أن مشكلة الهجرة قائمة مِن قبل، ويكفي أنْ تُراجع أعداد أهل قطاع غزة والضفة الغربية المغادرين والقادمين التي تنشرها هيئة المعابر يومياً، كي تكتشف العدد الذي يبقى في الخارج».

يختم محمد التعقيب مستنتجاً التالي: «سبب هجرة الشباب الفلسطيني هو أن إسرائيل جعلت غزة والضفة غير قابلتين للحياة بالنسبة للجيل الجديد، حتى أن بعض الناس ألقوا بأنفسهم في البحر طلباً للعمل والحياة، وليس هرباً من (حماس)، أو (فتح). انظر إلى صور غزة من الأعلى، وسوف ترى أن بيوت مخيم الشاطئ، والنصيرات، ودير البلح، قد وصلت حافة شاطئ البحر بسبب التكدس. لو أردت أن تشتري قطعة أرض مساحتها 200 متر مربع، فلن تجد من يبيعك، لعدم وجود أرض فارغة في معظم المناطق. الغزيون لا يقدرون على شراء عقار في الضفة، ولا حتى الإقامة هناك. لهذا كله كفر الناس بكل الكلام الفارغ، بعدما اتضح لهم أنه أوهام سلام، وقرروا أن يدقوا جدران الخزان. هل تعتب على الناس أنهم دقوا جدران الخزان؟ محمد- أستراليا».

واضح أن القارئ الفاضل متابع مُلِم. دليل ساطع على ذلك أنه استحضر روح إبداع غسان كنفاني، الكاتب الروائي، الأديب الصحافي، الفنان الحالم، والعاشق المقاوم، عندما أزهق لهب الصحراء أرواح أبطال روايته «رجال في الشمس»، بينما هم يدقون جدران الخزان طلباً للحياة. إجابتي، باختصار: كلا. هي كذلك اليوم، وغداً، وما طلعت عليَّ شمس، وغربت عني. لستُ أعتب على أحد، وأنَّى لي الحق في عتب كهذا، وأنا المقيم في ديار اغتراب شاءت أقداري أنها البلاد التي آوت غربة شبابي، ووفرت أجواء أمان لتربية أطفالي، بعدما أسهمت في اقتلاع طفولتي من بئر السبع، ورحيل أسرتي إلى قطاع غزة. حقاً، كتبتُ هنا من قبل، ما مضمونه، أن ليس لأحد يقيم بعيداً، ولو على بعد متر واحد فقط من غزة أو الضفة، أن يقذف الصامدين هناك تحت قذائف المحتل الإسرائيلي، بمزايدات تزيد آلامهم ألماً. عيب. ذلك مربط الفرس. لكنني، بألم ممزوج بوعي، سأظل متمسكاً بهامش اعتراض على الخروج بعد السابع من أكتوبر لسبب بسيط، ولاهب، كشمس رجال غسان كنفاني، خلاصته هي أن أي خروج جماعي -لو حصل- هو بالضبط غرض إسرائيل الخبيث في الأصل، أولاً وآخراً. وللحديث تتمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البقاء والانتماء تعقيب غاضب البقاء والانتماء تعقيب غاضب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon