بقلم :طارق الحميد
يبدو أننا أمام تحول استراتيجي في التعامل الإسرائيلي مع النظام الإيراني، ليس فيما يتعلق بالملف النووي وحسب، وإنما للرد على «البطولات المزيفة» لطهران، حيث استغلال الميليشيات، ومنها «حزب الله» و«حماس»، بالمنطقة.
عملية استهداف منشآت إيرانية في أصفهان من قبل طائرات مسيرة إسرائيلية، انطلقت من داخل إيران نفسها، وحسب المعلومات المتوافر إلى الآن، يعني أن هناك تحولات استراتيجية، من شأنها أن تؤدي إلى متحولات حقيقية.
والتحولات الاستراتيجية التي يمكن رصدها، هي أن خطة «استهداف رأس الأخطبوط» الإسرائيلية، والتي تعني ضرب الرأس الإيراني، وليس أذرع الميليشيات، قد فعلت، ولم نعد نرقب «حرب الظل» التي كنا نشهدها من الإسرائيليين من قبل.
صحيح أن استهداف منشآت نظام الملالي في أصفهان، من قبل الإسرائيليين، عملية نوعية ونقلة بالاستهداف الإسرائيلي للمشروع النووي الإيراني، لكنها أيضاً تأتي مع عودة بنيامين نتنياهو لرئاسة الوزراء.
وحدثت بعد اجتماعات إسرائيلية أميركية حول الملف النووي الإيراني، وبعد اجتماع غير معلن، كشفت عنه بعض الصحف الأميركية مؤخراً، لمدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في إسرائيل.
وهذا الاجتماع لا يعني أن هناك معلومات واضحة عن ضوء أخضر أميركي، لكن الضربة الإسرائيلية لأصفهان تأتي بعد مناورات عسكرية إسرائيلية أميركية ضخمة، قبل أسبوع تقريباً.
وكل ذلك لا يمكن تجاهله بالطبع، إلا أن اللافت أيضاً هو أن الضربة الإسرائيلية للمواقع في أصفهان جاءت بعد الأحداث التي أودت بحياة فلسطينيين وإسرائيليين، مما يعني أن تحولاً استراتيجًيا في الموقف الإسرائيلي يعتمد على الرد مباشرة في الأراضي الإيرانية، وليس الرد على الميليشيات.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن فيديو يروج الآن لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بينيت، الذي استمر بمنصبه عاماً واحداً، قوله: «إنه قرر وضع بطاقة ثمن، والضرب داخل إيران؛ رداً على أي هجوم على الإسرائيليين أو اليهود في أنحاء العالم جميعها».
وقال بينيت: «الجنود يموتون على الحدود»، في حين أن القادة الإيرانيين «يجلسون بهدوء في طهران، ونحن لا نفعل شيئاً لهم».
وقامت إسرائيل من قبل بتصفية أحد القيادات الأمنية، داخل إيران، الذي كان يخطط لاغتيال رجل أعمال إسرائيلي في تركيا.
وعليه فإن العملية الإسرائيلية في أصفهان، وعبر طائرة مسيرة من الداخل الإيراني، تقول لنا إن إسرائيل تخترق الأجهزة الأمنية الإيرانية تماماً. والحديث عن استهداف مصانع صواريخ باليستية، أو مصانع طائرات مسيرة، يعني أن إسرائيل تتحرك أيضاً وفق الأجندة الأوروبية.
والأوربيون الآن تحت ضغوط حقيقية لتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمةً إرهابية، ورغم تصريحات مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل التي لاقت استهجاناً، حيث يقول إنه لا يمكن تصنيف الحرس الثوري منظمةً إرهابية من دون حكم محكمة أوروبية.
خلاصة القول، نحن أمام تحول استراتيجي إسرائيلي في التعامل مع النظام الإيراني، ووسط تصريحات أميركية متزايدة عن انعدام فرص الاتفاق النووي، الآن. وبالتالي فإن ذلك يقول لنا إننا على أعتاب مواجهات مختلفة، تبدو إيران هي الأضعف فيها، وخياراتها كلها انتحارية.