توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سامحني.. وقد تجاوزت

  مصر اليوم -

سامحني وقد تجاوزت

بقلم:جميل مطر

غابت. تباعدت فترات اتصالها بالرجل الذى تعلمت على يديه ما لم تتعلمه فى المدرسة والجامعة وبيت أهلها. عادت من رحلة عرضت خلالها بعض ما أنتجت من فنون الرسم وألقت بمحاضرات فى عدد من أكاديميات الفنون والمعاهد المتخصصة، عادت لتجد فى انتظارها رسالة من معلمها تنطق كلماتها بقلق كاتبها. هذه المرة طالت فترة الغياب وفى مثل هذه الأيام التعيسة، أيام الكورونا، ينفد سريعا صبر الناس إن طال غياب من يحبون ومن يعشقون ومن أنشأوا وربوا ورعوا وعلموا. أحد هؤلاء الناس كتب إلى تلميذته الأكثر بين تلاميذه استحقاقا للقلق يستعجل الرد على رسائله التى لا شك تراكمت خلال فترة غيابها ويعاتب عتاب من يقلق فيحنو وليس عتاب من يغضب فيقسو ويعنف.
• • •
سيدى ومعلمى،
أعتذر عن القلق الذى تسببت فيه لا لرعونة من جانبى ولكن لظرف أمر به لم أحطك بعد بتفاصيله. أردت أن أستجمع كل شجاعتى لاتخذ القرار المناسب بعيدا عن ضغوط، وسامحنى لو كنت اعتبرت نصائحك ومواقفك معى حوافز منحازة وضغوطا أبقتنى لسنوات عديدة حبيسة أمل يرفض أن يتحقق. كنت ألمح فى عينيك شفقة لا أتمناها ولا أحبها. ما لمحته فى عينيك كنت ألمحه فى عيون جدتى وعمتى وشقيقتى الكبرى. معهن، باستثناء جدتى، تجاسرت فأعلنت عدم الرضا عن علاقات تختصرها مشاعر الشفقة. اقتنعن ولكن بعد مرور وقت طويل. حاولت معك وأظن أننى كدت أفلح.
نعم تجاوزت الثلاثين ولم أتزوج، ولا حتى اقتربت من الزواج. حملتنى دائما المسئولية. كنت تتهمنى بأننى لا أبذل مجهودا نحو تغيير وضعى. لا أختلط كما يجب أن تفعل كل من كانت فى عمرى. سيدى كنت دائما معك صريحة. لم أخف عنك واردة أو شاردة. لم تكن مجرد المعلم والمربى، كنت أيضا المستمع باهتمام والمشارك فى المساحة المشتركة التى مهدناها معا لتصير موقع عملنا وساحة ملعبنا ومكان نزهتنا ومصدر إلهام مشترك لكلينا وخزينة بعض أهم أسرارى. أصارحك وراجية ألا تغضب منى. أنا لم أقتنع يوما بقولك أنت والكثيرين من أهلى وأهل صديقاتى أننى مقصرة فى حق نفسى وأننى يجب أن أسعى بحجة أن من لا يسعى لن يحصل على ما يتمناه. تعرف أننى لست، ولم أكن فى أى يوم، من الفتيات اللائى جعلن الزواج بذاته أمل الحياة. لم أفهم المنطق وراء هذا الأمل. ثم ليتك تجبنى من فضلك، لماذا تلقون العبء كله على المرأة. ألا يكفيهم أننا فى النهاية نتحمل مسئولية فشل الزواج. يتهموننا عند الفشل أننا لم نقم بالواجب. يعنى أننا لم نحاول أو أننا رفضنا أن نجيد التعامل مع الوحش المقيم داخل كل رجل. اعذرنى إن بالغت أو أخطأت فى نقل الصورة التى تحملها كل فتاة فى عصرنا عن شبان نختلط بهم فى الشارع أو العمل، أضف من فضلك رجال «الساحل» بمفهومه المستجد و«الجيم» الجديد علينا جميعا.
• • •
صديقى الأكبر.. والأعز!
سألت نفسى وصديقاتى المقربات وأسالك، هل توقف الرجال عن الوقوع فى الحب؟ أسالك بعد أن سألت شبانا ورجالا أكبر عمرا ونضجا فاستنكروا السؤال. أغلبهم قاطعنى معلنين أنهم وقعوا فى الحب ومرارا ومازالوا يقعون. أعود إليك وأسأل إذا كانوا حقا ما زالوا يقعون فى الحب فلماذا لا يتزوجون؟ أسأل أيضا هؤلاء الذين يزعمون أنهم وقعوا فى الحب ثم تزوجوا فلماذا يطلقون؟. حاولت الإجابة من تجربتى أو من تجارب أصدقاء وصديقات اقتربت منها. قد تبدو إجابتى لك ولغيرك من الرجال سطحية وربما متهورة أو ظالمة أو صادرة عن غضب وألم. عزيزى، أعتقد عن ثقة أن قلة نادرة من شبان هذه الأيام وربما الرجال من متوسطى العمر هم الذين وقعوا فى الحب، الحب الذى تعرف عنى أننى عرفته وعشت فيه ونعمت به. كثيرون يتعاملون اليوم مع كلمة «الحب» باستهتار وفى الغالب بخفة شديدة. كنت فى السابق أستثنى جنس النساء من هذه الحالة الخبيثة. اليوم لا أعفى ولا أستثنى وبخاصة المنتميات لتصنيف الشباب. فالظاهرة عامة. شباب هذه الأيام، إناثا وذكورا، لم يعيشوا الحب. وإن تحدثوا عنه، وهم بالفعل يتحدثون، ولكن عن ممارسة ومشاعر أخرى زينت نفسها لهم على شكل الحب. يا إلهى، تكاثر الحب أنواعا وفصائل. هناك المحلى والأجنبى والهجين وشبه الأصلى والصحراوى والنيلى ومتوسط العمر وابن اللحظة أو الساعة!! إن رحت تبحث عن الحقيقى مثلما فعلت أنا فستكون كمن يبحث عن إبرة فى كوم من عشب جاف.
• • •
يا معلمى،
يزداد الضغط علينا. مثلى كثيرات وتتضاعف كثرتنا فى مجتمع أصلا متوتر وغاضب. بيننا من لم يدخل التجربة، يعترفن أنهن لم يذقن طعم الحب، الطعم الذى لا تتوقف الجدات عن اجتراره أمام الحفيدات. وبيننا من ذاقت الطعم قبل أن تمتد يد لئيمة فتنتزعه من حلقها وجسدها وعقلها ومن قلبها. وبيننا من تقلبت بين أنواعه المتعددة عساها تقع على الطعم الأصلى فأحبطت. كلنا، أو أكثرنا، عاش زمنا على أمل أن يتزوج عن حب وإلا فلا زواج. والنتيجة هى ما تراه.
اتصلت بى صباح اليوم صديقة تزاملنا فى صفوف مدرستك. عرفت منها أنها تعانى من الضغوط مثل ما أعانى، وعرفت منى أنك لم تعد تقف فى صف الضاغطين. قالت تعالى نزور معلمنا ونعرض عليه اقتراحا كبديل ثالث. سألتها عن البديل الذى تنوى عرضه عليك لمناقشته فى حضور أخريات. تذكرها ولا شك فهى من نوع نادر. نوع شديد القسوة بنعومة بالغة. أسلوبها الساخر فى الحديث والكتابة أكسبها جاذبية فريدة. محبوبة ومرغوبة بشدة ولكن برهبة. تعرف أشياء عن أى شىء ووجودها ضرورى لصالح كل شىء. قوية والصدق مصدر قوتها وسبب قسوتها. صريحة وصراحتها المتطرفة أودت بزواجها.
• • •
معلمى،
حدد الموعد. حدده بعد تفكير عميق. صديقتنا المشتركة سوف تعرض بديلا صعبا كان يمكن أن تشجعها وتشجعنا على تبنيه فى ظروف أقل تقلبا. يا ترى هل ما زلت هذا الرجل أم تعرضت كغيرك من الصالحين لخدوش بدلت من طبيعتك، خصمت منها أو أضافت إليها ما لا نعلم مداه. سامحنى إن كان الشك فى جنس الرجال امتد إلى ناحيتك. صاحبتنا تبالغ. تريد أن تعلن من على منصتك أن كل النساء يتعين عليهن أن يتمردن على كل الرجال. فى رأيها، ورأيها لم نتوافق بعد عليه، أن الوقت حان لتنتقم النساء مما فعله بهن الرجال عبر القرون. إنها كما تقول، وستقول فى حضرتك، اللحظة الراهنة لحظة رد الاعتبار. إنه البديل الثالث والوحيد المتاح أمام النساء. يبدأن بالتمرد ويصعدن به نحو العصيان العاطفى الشامل.
• • •
صديقنا الغالى،
من فضلك، حدد بالسرعة الممكنة موعد اللقاء لا أريد أن تذهب صديقتنا إلى منصة أخرى تجد عندها الترحيب والتشجيع وربما.. الاحتضان. أنت تعلم حق العلم، وأنا من هنا أؤكد بعض ما نما إلى علمك، تعلم أن الغالبية الساحقة من شباب النساء غاضبة ومحبطة، أنت نفسك كنت تردد يا ويل مجتمع اعتزل نساؤه النشاط.
أملنا الآن فى رجال لم يرثوا شرف أو تركة تميزهم كجنس على جنس النساء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سامحني وقد تجاوزت سامحني وقد تجاوزت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon