توقيت القاهرة المحلي 22:56:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على غلاف الإيكونوميست.. سقوط المهرج

  مصر اليوم -

على غلاف الإيكونوميست سقوط المهرج

بقلم - جميل مطر

في يوليو (تموز) 2021 ادعى المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ، على أركان في الطبقة السياسية، بجناية «القصد الاحتمالي» بالقتل. طال الادعاء، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس، إلى قادة أمنيين مثل اللواء طوني صليبا مدير عام جهاز أمن الدولة، واللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام وآخرين. وكان المستند الذي اعتمده القاضي طارق البيطار، تأكده أن المدعى عليهم، تسلموا بالفعل كتاباً خطياً، يحذّر من مخاطر مدمرة لبيروت ومميتة لأهلها، إن تفجرت شحنة الموت المخزنة في العنبر «رقم 12» في المرفأ!

لم يستقل مسؤول، ولم يعتذر ثانٍ، ولم يرف جفن ثالث، ولم يتم توقيف أحد. بل اتحدت الطبقة السياسية المتمسكة بقانون «الإفلات من العقاب»، لحجب الحقيقة ومصادرة العدالة. اتهم القاضي البيطار بالكبائر، وتم التشكيك بنزاهته ومصداقيته. تحول سياسيون إلى مراجع قضائية وهم مدانون داخلياً وخارجياً بتهم خطيرة، وراح الكل يفتي بأولويات التحقيق وهو سري وفق القانون. استخدموا منابر البرلمان والحكومة والمنابر الطائفية وسخروا الإعلام، لحماية المتهمين ومنع استجوابهم كي تبقى مجهولة الجهة، أو الجهات، التي منعت مسؤولين كباراً من التبصر بما قد ينجم عن إهمالِ تحذيرٍ هو بمثابة جرس إنذار. تصدر الحملة مع حفظ الألقاب: حسن نصر الله، وسعد الحريري، ونبيه بري إلى المجلس الأعلى للدفاع برئاسة ميشال عون!
منذ يوليو 2021 بدأ المدعى عليهم حرب الدعاوى القضائية لـ«رد» قاضي التحقيق، أو «كف يده»، أو «مخاصمة الدولة»، فأسقط القضاء بين صيف وخريف العام الماضي نحو 25 ادعاء. وكان أحد العناوين المعلنة، إلى جانب حماية المدعى عليهم ومنع كشف متورطين آخرين، عدم تمكين المحقق العدلي من وضع قراره الاتهامي قبل الانتخابات النيابية، وقالوها علناً؛ ما من جهة يمكنها أن تتحمل وزر وتبعات اتهام بالمسؤولية عن ترميد العاصمة، وإبادة جماعية طالت 240 شخصاً، وسقوط نحو 7 آلاف جريح، وتهجير 300 ألف مواطن نتيجة تدمير كلي أو جزئي، لنحو 90 ألف وحدة سكنية ومؤسسة عامة وخاصة!
سقطت كل محاولات إطاحة المحقق العدلي الشجاع، وانتفض قضاة كبار واتخذوا أحكاماً كبيرة، لكن كل المدعى عليهم ما زالوا على كراسيهم وكأن جريمة الحرب جرت في بلدٍ آخر! أما التحقيق العدلي فقد وضع على الرف منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021، مع فقدان نصاب هيئة محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية مناط بها الفصل في دعاوى «مخاصمة الدولة»، وهي الدعاوى التي قبل البت بها لا يمكن قانوناً للقاضي البيطار متابعة التحقيق! لكن مجلس القضاء الأعلى تمكن من وضع مرسوم تشكيلات قضائية جزئية، طالت غرف محكمة التمييز، من شأنها تأمين نصاب الهيئة ما يُفعِّل العمل القضائي بمجمله.
تم احتجاز المرسوم لدى وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على رئيس البرلمان بري بذريعة، بدعة فقدان «الميثاقية» (...) وهي حجة مردودة، كون التشكيلات لحظت دائماً 10 غرف لمحاكم التمييز، لا يترأس أي منها رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي يترأس الهيئة العامة للتمييز. وكانت التشكيلات الأخيرة عام 2020 انتهجت هذا المسار ووقعها يومها وزير المال غازي وزني المحسوب على بري دون اعتراض! هنا تجدر الإشارة إلى أن صفة وزير المال، تنحصر بشقٍ تقني إجرائي، وبما أن المرسوم لا يرتب أعباء مالية، ما كان ينبغي أن يصل إلى وزير المال لأن لا صفة له، فلماذا وكيف أرسل إليه؟ فيما أن احتجازه عطل صلاحيات رئيس الجمهورية المناط به إصدار القرارات والمراسيم!
يعرف اللبنانيون من التجربة، وبالأخص تجربة السنوات العجاف للعهد الأسود، عهد الانهيار الشامل وتغطية اختطاف الدولة وارتهان البلد واقتلاعه، وانضمام أهله إلى شعوب «قوارب الموت»، أن الكل شركاء وأصحاب مصلحة ببقاء «نظام الحصانات» و«الإفلات من العقاب»، وإلا لكانت الرئاسة تحركت! لكن مع الضغوط العالمية للإفراج عن التحقيق والعدالة، ومع اقتراب ذكرى السنة الثانية على جريمة الحرب، واستعادة المسؤولين مشهد مليونية السنة الأولى، على بقاء المدعى عليهم فارين من العدالة باشروا التحرك!
نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب، وهو مستشار عون، وعلى المنوال الحقيقي برفض اتفاق الطائف والدستور، والمضي بحكم البلد بالفتاوى والبدع، أطل من زاوية مصلحة الموقوفين على ذمة التحقيق باقتراح متصادم مع الدستور والقوانين. إنه مشروع تعديل يقزم مكانة ودور رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويرضخ إلى فتوى طائفية خلفها رئيس البرلمان والذريعة: «هناك أشخاص موقوفون وهم يمكن القول عنهم أسرى (...) وهؤلاء الجالسون في السجن يريدون حلحلة المرسوم (...) ولا تفرق معهم إذا كان هناك ميثاقية طائفية بل يريدون الملف أن يمشي»! وتشاء الصدف أن يتزامن ذلك مع محاولة رشوة للقضاة في محاولة لتوريط القضاة بمنافع غير مشروعة!
ما يطرحه بوصعب، لن يحرك التحقيق أنملة، لأن القرار بذلك لدى «الثنائي المذهبي» بموافقة الآخرين، والكل يريد طي صفحة التحقيق بأي ثمن. فشكل الطرح نموذج تدمير ممنهج للدولة بالتسليم ببدعة «التوقيع الثالث»، بعد توقيعي رئيسي الحكومة والجمهورية، الذي يسعى بري وخلفه نصر الله لفرضه من ربع قرن!
يزعمون أن القضية بحثت في الطائف، ومن يزعم لم يكن موجوداً، ولا قيمة لهذا الادعاء لأنه ما من وثيقة مكتوبة تبرز ذلك. كل ما حدث أن أفكاراً طرحت ولم يتم الأخذ بها. الأساس إذن لم يرد في وثيقة الوفاق الوطني، ولا يوجد نصّ دستوري له، بل يستند إلى قوة الأمر الواقع: التعطيل للفرض، والتعطيل للقضم، والتعطيل لارتهان الدولة، والتعطيل لاقتلاع البلد وممارسة الحكم من خلال البدع والأعراف!
قبل نحو العامين «تبرع» سعد الحريري بوزارة المال لأن تصبح إقطاعاً شيعياً، فيصبح وزير المال سوبر وزير ويمنح حق الفيتو (...) ولأنه محمي ببندقية لا شرعية يعيث في المالية العامة، على ما بينت ذلك مضبطة العقوبات الأميركية، ضد علي حسن خليل، الذي منح «حزب الله» صفقات وعقوداً لا قانونية مكنته من التغول على الدولة! والأمر اللافت تمثل في انضمام ميقاتي مؤخراً لهذا المنحى بذريعة «ما بدي أفتح معركة الآن حول الموضوع»! والحريري وميقاتي، كما الجميع، يدركون أن هاجس «الثنائي المذهبي» المضي بتمزيق الدستور، والذهاب إلى حجز وتعطيل أي قضية، لا ترضي المخطط الخارجي لاقتلاع البلد، الذي يمر عبر تعليق الدستور وتجويف المؤسسات، وتعطيل السلطة بتهزئة مكانة رئاسة الوزراء والشغور في رئاسة الجمهورية! لذلك لا بديل للمتضررين من زلزال 4 آب 2020، من المضي في معركة العدالة للضحايا وللبنان، والفوز في هذه المعركة، بات رافعة لاستعادة الدستور ووقف تهديم الدولة واستباحتها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على غلاف الإيكونوميست سقوط المهرج على غلاف الإيكونوميست سقوط المهرج



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon