توقيت القاهرة المحلي 02:15:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبنانى؟

  مصر اليوم -

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبنانى

بقلم: عماد الدين حسين

«سرقوه، نهبوه، اغتصبوه، ودمروه» تلك هى الكلمات التى غرد بها الفنان اللبنانى المعروف راغب علامة عقب إعلان سعادة الشامى نائب رئيس الحكومة اللبنانية عن إفلاس لبنان ومصرفها المركزى.
تصريحات الشامى كانت خلال حوار مع تليفزيون الجديد مساء الأحد الماضى، وأحدثت ردود أفعال قوية خصوصا بين الشعب اللبنانى بمختلف أطيافه وطوائفه.
بالأمس كتبت عن سياق التصريحات وارتباطها بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولى والتى يقودها الشامى بنفسه، واليوم أسأل: من الذى سوف يدفع ثمن هذا الإفلاس سواء تم إعلانه رسميا من الحكومة، أو حتى من دون إعلان؟!

الإجابة ببساطة أن الشعب اللبنانى هو المتضرر الأول والأساسى من هذا الواقع المرير.
حينما سئل الشامى عن توزيع هذه الخسائر كان صريحا وواضحا، حينما قال إن إمكانيات الدولة والمصرف المركزى والبنوك ضئيلة وبالتالى فإن جوهر كلامه هو أن المواطنين هم الذين سوف يتحملون الثمن الأكبر لهذه النهاية المأساوية للاقتصاد اللبنانى.

المفارقة السوداوية أن الذين تسببوا فى هذه الكارثة لن يتحملوا شيئا فى حين أن الضحايا الفعليين هم الذين سوف يتحملون كل شىء.
فساد غالبية الطبقة السياسية والاقتصادية فى لبنان طوال السنوات الماضية هو الذى أوصل لبنان إلى هذا النهاية المحزنة، والكبار أو الحيتان أو المسئولون الفاسدون عن هذا الوضع لن يتأثروا لأن ثرواتهم كبيرة، وربما معظمها موجود فى بنوك أجنبية آمنة جدا.

بسبب الفساد وسوء الإدارة والانقسامات السياسية والمذهبية والولاءات الخارجية على حساب الوطن، فقد توقف لبنان عن سداد أقساط الديون منذ مارس ٢٠٢٠، خصوصا حينما تبين أن المصرف المركزى كان يستدين بفوائد عالية جدا من المواطنين، ويمارس سياسة «تلبيس الطواقى» على حد تعبير الكاتب الصحفى خالد منصور، مثلما كانت تفعل شركات توظيف الأموال فى مصر. ثم توقفت البنوك اللبنانية عن رد الودائع الدولارية للناس، أو صرفها بالعملة المحلية أى الليرة التى تدهورت قيمتها وانهارت حيث صار الدولار يساوى ٢٢ ألف ليرة علما بأن سعره ظل ثابتا حتى عامين مضيا عند ١٥٠٠ ليرة لمدة زادت عن ٢٥ عاما.
حينما ستبدأ قسمة الغرماء فإن الدائنين الأجانب سوف تكون لهم الأولوية.

بعض البنوك شاركت فى عملية سرقة مدخرات وودائع الشعب اللبنانى، التى جمدت كل الإيداعات الدولارية، ولم تسمح للمودعين إلا باسترداد مبالغ صغيرة منها، أو استيرادها بالقيمة المنهارة للعملة المحلية.
على حد تعبير منصور، فإن ما جرى فى لبنان كان أكبر عملية سرقة قامت بها النخبة المصرفية المحلية وبعلم المصرف المركزى ضد المودعين الذين صدقوا أسعار الفائدة الخرافية التى قدمتها هذه المصارف على الإيداعات الدولارية، والمعتقد أن البنوك كانت تدفعها من أصل الإيداعات ذاتها.
الفجوة المالية التى يعانيها لبنان تقدر بنحو ٧٥ مليار دولار، وكبار المسئولين يتجنبون حتى الآن الحديث الصريح والواضح عن توزيع الخسائر المحققة على رباعى الأزمة وهم: الدولة والبنك المركزى والمصارف والمودعون.
وهناك تسريبات مسبقة عن تذويب رساميل البنوك البالغة ١٨ مليار دولار.

دوليا فإن تصنيف لبنان لدى مؤسسات التمويل الدولية هو الأدنى على الإطلاق، ووكالة موديز للتصنيف الائتمانى وصفت فى تقريرها السنوى الاقتصاد اللبنانى بأنه يعانى من تآكل الاحتياجات من العملات الأجنبية، وقفزة فى معدلات التضخم ولذلك صنفت الاقتصاد عند الدرجة «C» مع غياب النظرة المستقبلية، وأن الخسائر التى سوف يتكبدها حاملو السندات ستفوق ٦٥٪ من إجمالى قيمة استثماراتهم فى السندات التى أصدرتها الدولة طبقا لتقديرات موديز وهى بالمناسبة تتحدث عن بيانات ٢٠٢١، فإنها توقعت أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى الاسمى من ٥١٫٤ مليار دولار إلى ٣٦٫٤ مليار دولار، وإلى ٣٣٫٩ مليار دولار هذا العام بنسبة انكماش ٢٢٪ ثم ٦٫٦٪، أما معدل التضخم فقد كان التوقع هو ١٥٠٪ عام ٢٠٢٠، ثم ١٠٠٪ فى ٢٠٢١.

الديون الخارجية بلغت فى ٢٠١٩ نحو ٩١٫٦ مليار دولار ثم ٥٤٫٥ مليار فى ٢٠٢١ ثم ٤٨٫٤ فى ٢٠٢١، أما خدمة الدين فإنها ارتفعت لتصل إلى ٤٨٫٤٪ من إجمالى الإيرادات عام ٢٠١١ و٦٠٫٨٪ فى ٢٠٢٠ و٦١٫٣٪ فى إيرادات ٢٠٢١.
هذه صورة سريعة تبين الواقع المؤلم الذى يعيشه الاقتصاد والشعب اللبنانى، أما الأكثر إيلاما وإدهاشا فهو قدرة الطبقة السياسية واللبنانية على الإفلات طوال السنوات الماضية من عقاب الشعب اللبنانى، بل والاستمرار فى تصدر المشهد بنفس الوجوه تقريبا التى كانت سببا فى هذا الخراب الكبير!
كان الله فى عون هذا الشعب الشقيق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبنانى من سيدفع ثمن الإفلاس اللبنانى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 02:15 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل وحزب الله تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار
  مصر اليوم - إسرائيل وحزب الله تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي

GMT 05:00 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

تفريغ 964 طن حديد في ميناء غرب بورسعيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon