توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة التعديلات القضائية فى إسرائيل

  مصر اليوم -

قصة التعديلات القضائية فى إسرائيل

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

الاحتجاجات فى إسرائيل ضد قانون التعديلات القضائية هى الأضخم وربما الأخطر منذ هزيمتها المذلة فى حرب أكتوبر 1973، وربما منذ زرع هذا الكيان الاستيطانى فى المنطقة فى ١٥ مايو ١٩٤٨.
هذه الاحتجاجات مستمرة منذ ١٢ أسبوعا وبلغت ذروتها مساء الأحد الماضى حينما خرج 650 ألفا رفضا لهذه الاحتجاجات.
وقبل أن نخوض فى الاحتمالات المختلفة، ينبغى أن نعرض طبيعة هذه التعديلات وسر الرفض الواسع لها فى قطاعات عديدة فى المجتمع الإسرائيلى.
الموضوع باختصار أن القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة تنظر إلى النظام القضائى الإسرائيلى خصوصا المحكمة العليا، باعتبارها ذات توجهات يسارية. ويجور على حق المواطنين الذين اختاروا أحزابا معينة فى الانتخابات.. وبالتالى كان المطلب الأساسى لهذه الأحزاب هو ضرورة إجراء هذه التعديلات على النظام القضائى، وجوهرها سحب الصلاحيات الممنوحة لقضاة المحكمة العليا فيما يتعلق بمراقبتها لعمل الكنيست أو البرلمان. وبالتالى فإن التعديلات تقلص صلاحيات المحكمة العليا فى إسقاط القوانين التى ترى أنها غير قانونية وإلغاء حجة ما يسمى بـ«المعقولية»، وهذه الحجة تعطى الصلاحية للمحكمة العليا فى إلغاء أى قرارات حكومية ترى أنها غير منطقية. كما تمنح التعديلات الحكومة صلاحيات أكبر فى تعيين القضاة، خلافا لما هو قائم حاليا عبر لجنة تضم ٩ قضاة من جهات متعددة مثل نقابة المحامين والبرلمان والحكومة والقضاة. لكن وخلافا لرأى اليمين فإن المفارقة أن استطلاعا للرأى جرى فى الأسابيع الأخيرة أظهر أن ٦٦٪ من الإسرائيليين يرون أن المحكمة العليا يجب أن تستمر متمتعة بسلطة إلغاء أى قانون إذا كان يتعارض مع القوانين الأساسية التى هى بديل للدستور، وإسرائيل كما هو معروف لا يوجد لها دستور حتى الآن.
والمحكمة العليا فى إسرائيل هى الهيئة الأعلى فى الجهاز القضائى الإسرائيلى، ويخدم فيها ١٥ قاضيا ورئيسها هو رأس النظام القضائى، وبصفتها محكمة استئناف فهى تنظر إلى الاستئنافات المقدمة إليها على القرارات التى تصدرها على الجهات. كما تبت فى الالتماسات لجميع الناس ضد الهيئات العامة والسلطات الحكومية، وهى تملك صلاحية تعيين لجنة تحقيق بناء على طلب الكنيست أو الحكومة، مثلما جرى فى الكثير من الأزمات والأحداث التى مرت بإسرائيل خصوصا لجنة إجراءات عقب هزيمة إسرائيل عام ١٩٧٣.
وبما أن أحزاب اليمين المتطرف هى التى تقود الحكومة الآن بعد فوزها فى انتخابات الكنيست فى نوفمبر الماضى، فقد نجحت فى تمرير هذه التعديلات فى القراءة الأولى فى فبراير الماضى ويتبقى لها ضرورة تمريرها مرتين.
وإذا كانت الأحزاب اليمينية المتطرفة هى التى تقف وراء هذه التعديلات، فإن مهندس هذه التعديلات هو وزير العدل ياريف ليفين الذى قدم هذه التعديلات ويدافع عنها بحرارة رغم أن المعارضين يقولون إنها تقوّض أسس الديمقراطية لإسرائيل.
ورغم أن عددا من قادة الحكومة وحزب الليكود الحاكم تراجع عن موقفه المؤيد لهذه التعديلات بعد الاحتجاجات الواسعة، فإن ليفن أعلن أنه سوف يستقيل إذا تم التراجع عن إقرارها. وتصف المعارضة ليفن بأنه «مهندس الانقلاب القضائى فى إسرائيل»، وأنه يهدف إلى إحكام قبضة السلطة على المجتمع والمس بمبدأ التوازن بين السلطات.
وتعهد ليفين أكثر من مرة برفض أى إضراب يخوضه القضاة ضد التعديلات معتبرا ذلك خطا أحمر.
ومعروف عن ليفين أنه منتقد أساسى لنظام المحاكم فى إسرائيل، ولذلك فإنه حينما قرر نتنياهو ــ وهو صديق له ــ تعيينه فى منصب وزير العدل توقع كثيرون أن يبدأ الصدام وهو ما حدث بالفعل.
وليفين من مواليد ١٩٦٩ وعمل فى جهاز المخابرات ويجيد اللغة العربية وحاصل على شهادة الحقوق ومتخصص فى القانون المدنى التجارى، وكان رئيسا للكنيست بين عامى ٢٠٢٠ ــ ٢٠٢١، وتولى حقائب منها الأمن الداخلى والاندماج والسياحة ثم تولى منصب وزير العدل أواخر عام ٢٠٢٢.
هذه هى الخلفية التى بسببها اشتعلت الأزمة فى إسرائيل، ورغم أن نتنياهو انحنى قليلا للعاصفة وقرر تأجيل تمرير التعديلات لمدة شهر، فإن المعارضة تصر على ضرورة إسقاط التعديلات وليس فقط تجميدها. والسؤال: ما هى الخطة التالية؟!
ما حدث هو انتصار جزئى للمعارضة لكن من الذى سينتصر فى النهاية؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة التعديلات القضائية فى إسرائيل قصة التعديلات القضائية فى إسرائيل



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon