بقلم - عماد الدين حسين
رغم كل الانتقادات الموجهة لجامعة الدول العربية وآليات عملها ومدى فاعليتها إلا أن كثيرين كانوا يقولون إن المهم هو قدرتها على دورية انعقادها فى مارس من كل عام.
لكن حتى هذا المكسب الصغير والشكلى تماما، لم نعد قادرين على الالتزام به، والدليل أننا فى السنوات الأخيرة انعقدت القمة الأخيرة أول نوفمبر الماضى فى الجزائر، وستعقد فى القمة التالية فى ١٩ مايو المقبل بالرياض.
ويوم الأحد الماضى أعلن السفير حسام زكى الأمين العام المساعد والمشرف على شئون مجلس الجامعة أن القمة رقم ٣٢ ستعقد فى العاصمة السعودية فى ١٩ مايو المقبل، وذلك عقب المشاورات التى قام بها الأمين العام السفير أحمد أبوالغيط مع الحكومة السعودية.
ونتذكر أنه وعقب انتهاء القمة العربية الأخيرة فى الجزائر فى الثانى من نوفمبر الماضى، أعلن الأمين العام للجامعة العربية أن القمة العربية المقبلة ستعقد فى الرياض قبل ٣٠ مارس ٢٠٢٣.
نعلم جميعا أن الموعد اللائحى المفترض لانعقاد القمة العربية الدورية هو قبل نهاية شهر مارس من كل عام، وبالتالى فإذا جاز لنا أن نعذر الجامعة وكل الدول العربية خلال انتشار فيروس كورونا وتوقف الحياة تقريبا فى معظم أنحاء العالم، فما هو المبرر الذى لا يجعل الجامعة والدول الأعضاء تلتزم بهذا الموعد الآن؟
بالطبع أظن أن الجامعة وإدارتها أو أمينها العام ليسوا هم السبب فى ذلك، وأخشى أن السبب هو تراجع اهتمام بعض الدول العربية بمؤسسة القمة، بل وربما بالعمل المشترك من أساسه.
ظنى أن القمة السابقة كان يمكن عقدها فى الجزائر فى الموعد المقترح وهو مارس ٢٠٢٢، أو حتى بعد أسابيع قليلة منه، لكن خلافات عربية كثيرة خصوصا فيما يتعلق بمسألة عودة سوريا للجامعة، هى التى حالت دون ذلك، وبالتالى أصرت الجزائر وهى الدولة المضيفة على عقدها فى أول نوفمبر ليتزامن مع عيدها الوطنى بالتحرر من الاستعمار الفرنسى البغيض، رغم أن ذلك كان يؤثر إلى حد ما على درجة حضور بعض القادة العرب لقمة المناخ العالمية فى شرم الشيخ والتى انعقدت فى الأسبوع الأول من نوفمبر الماضى.
وحينما تم الإعلان يوم الأحد الماضى عن انعقاد القمة فى ١٩ مايو المقبل بالرياض تابعت نقاشا طريفا على أحد الجروبات المهتمة بالعمل السياسى والدبلوماسى العربى والدولى.
أحد الأعضاء فسر سر اختيار مايو وليس مارس لانعقاد القمة بأن خلال مارس وأبريل هناك شهر رمضان ثم عيد الفطر وإجازته، فرد عليه عضو آخر قائلا: «يبدو أن شهر رمضان جاء مفاجئا هذا العام!!. مضيفا: «الحقيقة أن كل منهاجية مؤتمرات القمة تحتاج لمراجعة من حيث التوقيت، ومدة المؤتمر وإذاعة خطابات ٢٢ دولة على التليفزيون بخلاف كلمات الضيوف، ووصول المشاركين فى آخر لحظة «استعراضا لأهميتهم» ومغادرتهم فور الانتهاء القادة من كلماتهم، ثم صدور قرارات فى ٢٥٠ صفحة دون متابعة أو تقييم للقرارات السابقة».
هذا كلام مهم وفى الصميم ويحتاج من الدول العربية قبل الأمانة العامة قراءته ومناقشته ومحاولة إيجاد حلول عملية له، أو حتى القول إنه لا يوجد أفضل مما هو متاح.
من الخطأ والخطر البالغين أن يعتقد البعض أنه أهم من الجامعة أو يحاول أن يسخرها لسياساته.
مرة أخرى ليس هذا نقدا لأحد، وأنا أصنف نفسى بأننى شديد الواقعية، ورأيى أن مجرد انعقاد القمة أمر مهم رغم أن البعض يرفض ذلك وينتقده طوال الوقت. الجامعة العربية رمز قومى مهم ينبغى أن نحافظ عليه بكل الطرق. لكن لا يعنى ذلك أننا لا نستطيع حتى المحافظة على رمزية وموعد انعقاد القمة الدورية فى مارس من كل عام.
المفترض أن الأمانة العامة للجامعة لديها جداول ومواعيد وإجازات رمضان وأعياد الفطر والأضحى وسائر الأعياد المهمة بكل دولة عربية على حدة، وبالتالى وحينما أعلن الأمين العام أول نوفمبر الماضى من الجزائر أن القمة المقبلة ستعقد قبل نهاية مارس فى الرياض، كانت أمامه أجندة كل الأحداث والفاعليات والمناسبات والسؤال: ما الذى حدث حتى يتم التأجيل إلى 19 مايو؟!!
فى كل الأحوال نتمنى قمة عربية ناجحة فى الرياض تحاول تغيير الصورة النمطية للقمم العربية التى تصدر بيانات ختامية لا يتم تنفيذ إلا القليل القليل منها.