توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين والغرب.. وعلاقة الثقافة بالإنسانية

  مصر اليوم -

فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية

بقلم - عماد الدين حسين

ما قيمة الثقافة والتقدم والعلم والتمدن، إذا لم يقترنوا بأن تكون إنسانية عادلة ومؤمنة فعلاً بحقوق الإنسان، وليس فقط مجرد كلام في الهواء؟!

 

أطرح هذا السؤال، بمناسبة الموقف الصادم للعديد من الدول والمؤسسات في أمريكا وأوروبا مما جرى ويجري من مجازر للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ صباح 7 أكتوبر الماضي، وحتى الآن.

في بدايات الصراع، أعلن معرض فرانكفورت للكتاب، عن دعمه الكامل لإسرائيل في هجومها ضد الشعب الفلسطيني، وإدانته لهجمات حركة «حماس»، وأن هذه الهجمات ضد المبادئ الإنسانية التي ينادي بها معرض فرانكفورت، بل إن المعرض، وحسب رئيسه، يورجن بوس، قرر تخصيص جانب من فعالياته لدعم الأصوات الإسرائيلية، واستضافة بعض الكتاب اليهود للحديث عن الإرهاب ضد إسرائيل، في 23 أكتوبر الماضي.

ولم يكتفِ المعرض بذلك، بل قرر إلغاء تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، على روايتها «تفصيل ثانوي»، ومنحها جائزة «ليبراتور»، وبالتالي، لم يكن غريباً أن يقرر اتحاد الناشرين العرب، والعديد من الهيئات والمؤسسات الثقافية العربية، الانسحاب من المشاركة في المعرض.

وبسبب الموقف العربي الموحد، تراجع بوس، وقال في بيان «لقد تأثر الملايين من الأبرياء في إسرائيل وفلسطين بهذه الحرب الرهيبة، وأود أن أؤكد مرة أخرى، أن تعاطفنا معهم جميعاً»، وأن المعرض «لقاء سلمي، يجمع الناس من أنحاء العالم»، وأن حرية التعبير هي العمود الفقري لصناعة النشر لدينا.

طبعاً معرض فرانكفوت واحد من أهم وأقدم المعارض عالمياً، ودورته الأخيرة كانت رقم 75، وهو القبلة الأساسية للناشرين والمؤلفين ووكلاء الأدباء، وهو نموذج للنظام والدقة والاحترافية، والاهتمام بالكتب والمؤلفين.

لكن السؤال، ما قيمة أي شيء، إذا لم يكن عادلاً وإنسانياً، وكيف يمكن معاقبة شعب كامل، وعدم الالتفاف إلى جوهر المشكلة، هو الاحتلال الإسرائيلي للأرض المحتلة، وليس عملية عسكرية، مهما كان الخلاف حولها، أو حتى معارضتها؟.

ويفترض أن دور الثقافة الحقة، هو التقريب بين وجهات النظر، وليس إسكات صوت مقابل إعلاء صوت آخر، وانحيازاً لصوت إسرائيل على حساب صوت فلسطيني، وإعلاء لثقافة إسرائيلية على حساب الثقافة العربية، وهذا ليس دور الثقافة، ثم إن دور الثقافة، هو إعلاء القيم الإنسانية، وتقبُّل الآخر، والمزيد من الاحتفال بالاختلاف بين الآراء، وليس التحيز لرأي واحد.

التعبير عن الانحياز بكل هذا الوضوح، هو أمر غريب، خصوصاً أن هذا المعرض كان له موقف محترم ونزيه بعد أحداث 11 سبتمبر 2011، بل إنه بعد ذلك بثلاث سنوات، احتفل بالثقافة العربية، والتعريف بأن العرب والمسلمين ليسوا إرهابيين، وبعدها جاء معرض لندن وأمريكا، الذي جعل الثقافة العربية ضيف شرف، فما الذي حدث لمعرض فرانكفورت وغيره بعد 7 أكتوبر؟!

نتذكر أنه قبل تفجر الأحداث الأخيرة، فإن الانتقادات الأوروبية المدنية ضد إسرائيل قد زادت، ومنها مثلاً أن 600 أكاديمي هولندي، طالبوا حكومتهم بمقاطعة إسرائيل، وإنصاف الفلسطينيين، وكان ذلك في 28 مايو 2021.

وفي 7 أبريل 2022، أصدرت كلية القانون التابعة لجامعة هارفارد، تقريراً بأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين ترمي إلى جريمة الفصل العنصري، وهي كلية القانون الأولى في الولايات المتحدة، والدراسة في 22 صفحة.

الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة، جعل كثيرين يتساءلون: كيف يمكن أن يكون هناك مثقف أو أديب أو مفكر حقيقي، لا يؤمن بالإنسانية والمساواة بين البشر، ولا يريد أن يرى الفارق الضخم بين الظالم والمظلوم؟!

كيف يمكن لمعرض كتاب دولي ومرموق ومهم، مثل فرانكفورت وغيره، أن يقع في مثل هذا الخطأ الفادح والعنصري؟!

كيف يلغي تكريم أديبة فلسطينية متميزة، لمجرد أنها فلسطينية، رغم أنها بالمناسبة قد تكون مختلفة مع «حماس»؟!

كيف لا يرى معرض فرانكفورت أن هناك احتلالاً غير شرعي، طبقاً للقانون الدولي، للأرض العربية المحتلة في الضفة والجولان، منذ عام 1967، وحصار قاتل لقطاع غزة منذ عام 2005؟.

كنت أتفهم أن يدعو المعرض لإدانة العنف ضد المدنيين، مهما كان مرتكبوها، وإلى تطبيق الشرعية الدولية، بدلاً من الانحياز الفج لسياسة الفصل العنصري، التي تمارسها إسرائيل.

صحيح أن هناك مؤسسات كانت لها مواقف محترمة وإنسانية من الهجوم الأخير، لكن ما فعله معرض فرانكفورت وغيره من المؤسسات الغربية، سقطة خطيرة، تتنافى مع كل ما تدعو إليه الثقافة الحقة، وهو أمر يدعونا لمناقشة حقيقة إيمان الثقافة الغربية بحقوق الإنسان والمساواة وحريات التعبير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon