توقيت القاهرة المحلي 12:20:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين والغرب.. وعلاقة الثقافة بالإنسانية

  مصر اليوم -

فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية

بقلم - عماد الدين حسين

ما قيمة الثقافة والتقدم والعلم والتمدن، إذا لم يقترنوا بأن تكون إنسانية عادلة ومؤمنة فعلاً بحقوق الإنسان، وليس فقط مجرد كلام في الهواء؟!

 

أطرح هذا السؤال، بمناسبة الموقف الصادم للعديد من الدول والمؤسسات في أمريكا وأوروبا مما جرى ويجري من مجازر للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ صباح 7 أكتوبر الماضي، وحتى الآن.

في بدايات الصراع، أعلن معرض فرانكفورت للكتاب، عن دعمه الكامل لإسرائيل في هجومها ضد الشعب الفلسطيني، وإدانته لهجمات حركة «حماس»، وأن هذه الهجمات ضد المبادئ الإنسانية التي ينادي بها معرض فرانكفورت، بل إن المعرض، وحسب رئيسه، يورجن بوس، قرر تخصيص جانب من فعالياته لدعم الأصوات الإسرائيلية، واستضافة بعض الكتاب اليهود للحديث عن الإرهاب ضد إسرائيل، في 23 أكتوبر الماضي.

ولم يكتفِ المعرض بذلك، بل قرر إلغاء تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، على روايتها «تفصيل ثانوي»، ومنحها جائزة «ليبراتور»، وبالتالي، لم يكن غريباً أن يقرر اتحاد الناشرين العرب، والعديد من الهيئات والمؤسسات الثقافية العربية، الانسحاب من المشاركة في المعرض.

وبسبب الموقف العربي الموحد، تراجع بوس، وقال في بيان «لقد تأثر الملايين من الأبرياء في إسرائيل وفلسطين بهذه الحرب الرهيبة، وأود أن أؤكد مرة أخرى، أن تعاطفنا معهم جميعاً»، وأن المعرض «لقاء سلمي، يجمع الناس من أنحاء العالم»، وأن حرية التعبير هي العمود الفقري لصناعة النشر لدينا.

طبعاً معرض فرانكفوت واحد من أهم وأقدم المعارض عالمياً، ودورته الأخيرة كانت رقم 75، وهو القبلة الأساسية للناشرين والمؤلفين ووكلاء الأدباء، وهو نموذج للنظام والدقة والاحترافية، والاهتمام بالكتب والمؤلفين.

لكن السؤال، ما قيمة أي شيء، إذا لم يكن عادلاً وإنسانياً، وكيف يمكن معاقبة شعب كامل، وعدم الالتفاف إلى جوهر المشكلة، هو الاحتلال الإسرائيلي للأرض المحتلة، وليس عملية عسكرية، مهما كان الخلاف حولها، أو حتى معارضتها؟.

ويفترض أن دور الثقافة الحقة، هو التقريب بين وجهات النظر، وليس إسكات صوت مقابل إعلاء صوت آخر، وانحيازاً لصوت إسرائيل على حساب صوت فلسطيني، وإعلاء لثقافة إسرائيلية على حساب الثقافة العربية، وهذا ليس دور الثقافة، ثم إن دور الثقافة، هو إعلاء القيم الإنسانية، وتقبُّل الآخر، والمزيد من الاحتفال بالاختلاف بين الآراء، وليس التحيز لرأي واحد.

التعبير عن الانحياز بكل هذا الوضوح، هو أمر غريب، خصوصاً أن هذا المعرض كان له موقف محترم ونزيه بعد أحداث 11 سبتمبر 2011، بل إنه بعد ذلك بثلاث سنوات، احتفل بالثقافة العربية، والتعريف بأن العرب والمسلمين ليسوا إرهابيين، وبعدها جاء معرض لندن وأمريكا، الذي جعل الثقافة العربية ضيف شرف، فما الذي حدث لمعرض فرانكفورت وغيره بعد 7 أكتوبر؟!

نتذكر أنه قبل تفجر الأحداث الأخيرة، فإن الانتقادات الأوروبية المدنية ضد إسرائيل قد زادت، ومنها مثلاً أن 600 أكاديمي هولندي، طالبوا حكومتهم بمقاطعة إسرائيل، وإنصاف الفلسطينيين، وكان ذلك في 28 مايو 2021.

وفي 7 أبريل 2022، أصدرت كلية القانون التابعة لجامعة هارفارد، تقريراً بأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين ترمي إلى جريمة الفصل العنصري، وهي كلية القانون الأولى في الولايات المتحدة، والدراسة في 22 صفحة.

الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة، جعل كثيرين يتساءلون: كيف يمكن أن يكون هناك مثقف أو أديب أو مفكر حقيقي، لا يؤمن بالإنسانية والمساواة بين البشر، ولا يريد أن يرى الفارق الضخم بين الظالم والمظلوم؟!

كيف يمكن لمعرض كتاب دولي ومرموق ومهم، مثل فرانكفورت وغيره، أن يقع في مثل هذا الخطأ الفادح والعنصري؟!

كيف يلغي تكريم أديبة فلسطينية متميزة، لمجرد أنها فلسطينية، رغم أنها بالمناسبة قد تكون مختلفة مع «حماس»؟!

كيف لا يرى معرض فرانكفورت أن هناك احتلالاً غير شرعي، طبقاً للقانون الدولي، للأرض العربية المحتلة في الضفة والجولان، منذ عام 1967، وحصار قاتل لقطاع غزة منذ عام 2005؟.

كنت أتفهم أن يدعو المعرض لإدانة العنف ضد المدنيين، مهما كان مرتكبوها، وإلى تطبيق الشرعية الدولية، بدلاً من الانحياز الفج لسياسة الفصل العنصري، التي تمارسها إسرائيل.

صحيح أن هناك مؤسسات كانت لها مواقف محترمة وإنسانية من الهجوم الأخير، لكن ما فعله معرض فرانكفورت وغيره من المؤسسات الغربية، سقطة خطيرة، تتنافى مع كل ما تدعو إليه الثقافة الحقة، وهو أمر يدعونا لمناقشة حقيقة إيمان الثقافة الغربية بحقوق الإنسان والمساواة وحريات التعبير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية فلسطين والغرب وعلاقة الثقافة بالإنسانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 10:52 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان
  مصر اليوم - محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا

GMT 21:55 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نشوب حريق هائل داخل محل تجاري في العمرانية

GMT 00:40 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد إمام يفتخر بحضارة مصر الفرعونية في باريس

GMT 23:15 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يحيي ذكرى رحيل «زامورا» «سنظل نتذكرك دائما»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon