توقيت القاهرة المحلي 05:23:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرق المصحف.. وحرية التعبير القاتلة

  مصر اليوم -

حرق المصحف وحرية التعبير القاتلة

بقلم - عماد الدين حسين

فى بعض الأحيان أعتقد أن هناك مؤسسات أوروبية تتعمد توفير كل الفرص والذرائع من أجل أن تستمر داعش وأمثالها حية ومنتعشة وبالتالى الإساءة إلى الإسلام واستهدافه.
للأسف الشديد ومهما تعددت التبريرات فإن ما يحدث فى بعض الدول الغربية من تشويه وتدنيس للقرآن الكريم لا يمكن تفسيرة إلا فى هذا الإطار الذى بدأت به.
نعلم أن اللاجئ الأشورى العراقى فى السويد سلوان موميكا حرق صفحات من المصحف الشريف أمام أكبر مسجد فى العاصمة السويدية ستوكهولم يوم عيد الأضحى المبارك فى نهاية يونية الماضى. يومها تعمد ركله مثل الكرة وشاهد الجميع فعلته النكراء على العديد من المنصات الإعلامية والاجتماعية.
وفى يوم الخميس الماضى عاد هذا المتطرف لتدنيس المصحف مرة أخرى أمام السفارة العراقية فى ستوكهولهم، فى الوقت الذى كان فيه بعض مسلمى السويد يحتجون فى نفس المكان على تدنيس المصحف.
هذه ليست المرة الأولى بالطبع التى يقوم فيها متطرفون ومخابيل ومجانين ومصابون بـ «الإسلاموفوبيا» بحرق وتدنيس المصحف الشريف والإساءة إلى الرسول الكريم خصوصا منذ عام ٢٠١٠، حينما قام تيرى جونز بذلك فى أمريكا مرورا بالرسوم المسيئة للرسول فى صحف دنماركية وفرنسية.
وهنا نعود إلى ما بدأت به: ألا تخشى الدول الغربية أن يؤدى هذا السلوك إلى مزيد من التطرف باسم الدين؟، وهل الأولوية لحرية التعبير حتى لو أدت إلى كوارث أم احترام العقائد الدينية حتى لو تضمن ذلك بعض التضييق على حريات مزعومة؟!!.
وهناك من يقول إن ما فعله موميكا هو جريمة، مكتملة الأركان حتى بالتفسير الأوروبى نفسه لأنه عبّر علنا عن كراهيته لفئة محددة وهم مسلمو السويد، واستخدم خطاب كراهية لا لبس فيه، ناهيك عن الآثار الدبلوماسية والأمنية. والغريب أنه بعد كل ذلك تقر له المحكمة الإدارية فى السويد بحرق المصحف باعتباره حرية تعبير!!
نعلم أن معظم الدول الإسلامية أدانت واستنكرت تدنيس المصحف، وبعضها استدعى السفير السويدى وأبلغه رسائل احتجاج شبه متطابقة.
ونعلم أكثر أن أقوى وأعنف رد فعل كان فى العاصمة العراقية، حينما اقتحم متظاهرون مقر السفارة السويدية فى بغداد وحرقوا بعضها.
بالطبع سلوك هؤلاء المتظاهرين غير سليم لأنه يتنافى مع اتفاقيات دولية تعطى السفارات حصانات وحماية كاملة. وحسنا فعلت السلطات العراقية حينما ألقت القبض على هؤلاء المقتحمين وإحالتهم للقضاء.
لكن البعض يسأل: هل يمكن أن نلوم المتظاهرين المسلمين الغاضبين وهم يرون أقدس رمز دينى عندهم يتعرض للتشويه والتدنيس والازدراء؟.
أطرح هذا السؤال ليس التماسا لعذر أولئك الذين اقتحموا السفارة السويدية، فهو سلوك مرفوض قطعيا، ولكن لأنبه إلى النقطة المهمة وهى أن استمرار عمليات تدنيس وتشويه المصحف والإساءة للرسول، هى أفضل وصفة يمكن تقديمها للتنظيمات المتطرفة وأنصارهم المغرر بهم.
تقديرى أن قادة هذه التنظيمات يتاجرون بالإسلام، لكن المؤكد أكثر أن عددا كبيرا من أنصار هذه الجماعات المتطرفة ضحايا لتطرف وعدم الإدراك الكامل للصورة الكلية، وبالتالى فإنهم حينما ينتفضون دفاعا عن دينهم فهم يفعلون ذلك لسبب بسيط هو الغيرة على دينهم، وبالتالى فإن ما يفعله بعض المتطرفين فى الغرب من إساءة للمصحف والرسول هو وصفة سهلة ومجربة لإشعال المزيد من التطرف فى العالم الإسلامى لدرجة تشعرك فى بعض الأحيان أن العملية كلها مقصودة.
شخصيا أقدس حرية الرأى والتعبير لأنها الأساس لعملى ووظيفتى فى الصحافة، لكن لا أفهم إطلاقا سر هذا التناقض الضخم فى العديد من البلدان الغربية التى تعتبر حرق وتدنيس المصحف أو أى كتاب سماوى حرية رأى وتعبير، فى حين أنها تحاكم أى شخص يتجرأ ويختلف فى شأن عدد ضحايا المحرقة التى نفذها هتلر ونظامه النازى فى ألمانيا بحق اليهود، كما حدث مع الفيلسوف روجيه جارودى وغيره.
ثم إن العديد من الدول الأوروبية تمنع تأسيس أحزاب نازية أو عنصرية. وهنا نسأل ألا تعتبر الإساءة للأديان جريمة بهذا المنطق؟!
والسؤال الأهم وحتى لو كان حرق الصحف حرية تعبير، أليس لدى الدول الأوروبية مخاوف من أن تؤدى هذه الحرية إلى جريمة أكبر وهى مزيد من العنف فى العالم أجمع، وبالتالى لماذا الإصرار على تشجيع هذا السلوك الشاذ؟!
للأسف كلها أسئلة بلا إجابات منطقية.
والسؤال الأخير: أليس لدينا كمسلمين طريقة عملية لمواجهة هذه الجرائم بحق الإسلام، بدلا من الشجب والإدانة واستدعاء السفراء الغربيين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرق المصحف وحرية التعبير القاتلة حرق المصحف وحرية التعبير القاتلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon