توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكساس ليست مجرد ولاية عادية

  مصر اليوم -

تكساس ليست مجرد ولاية عادية

بقلم - عماد الدين حسين

كيف ستنتهي المواجهة بين ولاية تكساس والحكومة الاتحادية في واشنطن؟

 

هل يتم حل المشكلة بهدوء، أم عبر المحاكم ووسائط الإعلام والصراعات الحزبية، أم تتفاقم وتصل إلى حد المطالبة بالانفصال عن الولايات المتحدة، بل الخشية الكبرى من صراعات دامية؟

قد يستغرب بعضهم طرح هذه الأسئلة أصلاً، ولكنها بدأت تسرب لبعض الكتابات والتعليقات.

قبل محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة يفترض بنا أولاً أن نلقي الضوء على أصل المشكلة.

حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت دخل صراعاً قانونياً مع وزارة العدل الاتحادية على طريقة مواجهة المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك، إذ أقام أسلاكاً شائكة على طول الحدود، وحواجز عائمة في نهر ريو غراندي لمنع دخولهم.

ولكن إدارة الرئيس جو بايدن عدت هذه الأساليب قاسية، ووصل الخلاف إلى المحكمة العليا التي حكمت في 22 يناير بإزالة هذه الحواجز، كلما رأت الحكومة الفيدرالية ذلك.

ولكن الحاكم أبوت تحدى المحكمة اعتماداً على مبدأ «الحق في الدفاع عن النفس» ضد المهاجرين، ودخل الصراع مرحلة خطرة حينما وقّع 25 من حكام الولايات الجمهوريين على خطاب يدعمون فيه حاكم تكساس، بل إن شخصيات جمهورية محافظة أمثال غراهام ألين وكارمين سايبا وتيرينس وليامز تحدثوا عن احتمال وجود حرب أهلية، وألقوا باللوم على سياسة بايدن.

النقطة المهمة أن تكساس ليست مجرد ولاية عادية، بل إنها لو كانت دولة مستقلة لصارت ثامن أو تاسع أغنى دولة في العالم متفوقة على دول مثل إسبانيا وروسيا والمكسيك وكوريا الجنوبية وأستراليا.

تقول العبارة الدارجة هناك «إن كل شيء أكبر في تكساس»، وترجمة ذلك رقمياً أنها ثاني أغنى ولاية أمريكية بعد كاليفورنيا، ولديها 24تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ما يمثل ٪9 من الناتج المحلي لأمريكا، ولديها أكبر حقل مكتشف للنفط والغاز عالمياً، وتنتج ٪43 من إنتاج النفط و٪27 من الغاز الأمريكي و٪20 من الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية.

ولذلك يطلقون عليها محطة الطاقة الكبرى في أمريكا، واقتصادها متنوع بشكل واضح من البتروكيماويات إلى الموسيقى مروراً بالتكنولوجيا والخدمات العسكرية وصناعة الفضاء. 

سكان تكساس 30 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر ولاية من ناحية عدد السكان، وكذلك من ناحية المساحة، ولديها ثاني أكبر عدد من الأصوات الانتخابية وعدد المقاعد في الكونغرس ولديها ثاني أكبر قوة عمل مدنية على ظهر الكوكب بحجم 14 مليون شخص، ولديها بنية تحتية ممتازة، و180 كلية وجامعة.

وانتقلت إليها معظم المقار الرئيسة للشركات الكبرى، ويبلغ معدل خلق فرص العمل %4 وأعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ %2.7 ومعدل البطالة فيها لا يزيد على %4.1.

نعود إلى السؤال الذي بدأنا به، كيف ستنتهي المواجهة بين ولاية تكساس والحكومة الاتحادية في واشنطن؟

والإجابة المنطقية تقول إن تكساس كانت جزءاً من المكسيك حتى أعلنت استقلالها في سنة 1836 وصارت جمهورية تكساس المستقلة، واعترفت بها الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا ثم انضمت إلى الولايات المتحدة في سنة 1845 لتصبح الولاية رقم 28، ثم انفصلت عنها في سنة 1861.

وبعدها انضمت إلى «الكونفدرالية الأمريكية» في أثناء الحرب الأهلية، وأعيدت إلى الاتحاد في سنة 1870  وظلت محتفظة بما يسمى «الهوية التكساسية المتميزة».

وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي لا يحظر الانفصال نظرياً، فإن المحكمة العليا عدت ذلك غير قانوني في سنة 1869.

كما أن الانفصال حال حدوثه يواجه تحديات متعددة مثل صعوبة الاعتراف الدولي وإنشاء النظام الدفاعي والمالي المستقل. بعض المواقع والتقارير نسبت إلى ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق، نائب رئيس مجلس الأمن القومي قوله في منصة «إكس» إن ولاية تكساس سوف تنفصل عن الولايات المتحدة، ما سيشعل الحرب الأهلية الأمريكية.

وإن ذلك لو حصل فإنه سوف يفتح الباب أمام انفصال ولايات أخرى، ما يقود أمريكا إلى الوقوع في فوضى مدمرة. وزارة الخارجية الأمريكية ردت يوم 27 يناير الماضي بالقول: «نحن لا نأخذ كلام ميدفيديف على محمل الجد.. هذا هراء معتاد من الكرملين»!

بالطبع من حق روسيا وكبار مسؤوليها أن يحلموا بتفكك أمريكا، ولكن طبقاً لخبراء كثيرين فإن الوقائع على الأرض لا تقود إلى تحقيق مثل هذه «الأمنيات الروسية» .

والسبب أن النظام الأمريكي الفريد عالمياً ما يزال قادراً على حل معظم مشكلاته داخلياً، ثم فإن الحديث عن انفصال تكساس أو غيرها، أو تطور الأمور إلى صراعات   أمر مستبعد تماما، على الرغم من أن ذلك لا ينفي شدة الاستقطاب بين الجمهوريين والديمقراطيين، وخصوصاً  في الانتخابات  الرئاسية المقبلة .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكساس ليست مجرد ولاية عادية تكساس ليست مجرد ولاية عادية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon