بقلم - عماد الدين حسين
اليوم يبدأ المؤتمر الاقتصادى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكل الأمل أن يؤدى المؤتمر، الذى يستمر ثلاثة أيام إلى نتائج يشعر بها المواطن المصرى العادى هذه الأيام أو فى الفترة المقبلة.
نعلم تماما أن هناك أزمة اقتصادية حقيقة يعانى منها عدد كبير من بلدان العالم، بما فيها دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا، لأسباب تتعلق بتداعيات «كوفيد ــ 19» والأزمة الأوكرانية، لكن المؤكد أن هناك أسبابا داخلية نتحملها نحن المصريون، وبالتالى فلا يصح أن نكرر أن كل الأزمة أسبابها مستوردة بالكامل.
التطور المهم الذى لفت نظرى هو توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بالرد على أسئلة واستفسارات مجلس أمناء ومقررى الحوار الوطنى.
لماذا هذا الأمر ملفت للنظر؟!
لأنه يؤكد أولا: أن رئيس الجمهورية متابع ومهتم بما يدور فى الحوار لوطنى.
ثانيا: التأكيد على أنه لا يوجد تعارض أو تناقض حقيقى بين الحوار الوطنى والمؤتمر الاقتصادى، على أساس أن الحوار أكثر شمولا، وبه محاور أخرى اجتماعية وسياسية، وأن المؤتمر الاقتصادى يهتم أساسا ــ كما فهمت ــ بالإجراءات العاجلة للخروج من الأزمة الاقتصادية، فى حين أن الحوار الوطنى قد يكون مهتما أكثر بالرؤى والسياسات بعيدة المدى.
ثالثا: وفيما يتعلق بالمضمون فإن الأسئلة التى وجهها الحوار الوطنى للمؤتمر الاقتصادى فى غاية الأهمية، وأظن أنها تمثل جوهر النقاشات الاقتصادية فى مصر منذ فترة طويلة، خصوصا منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية.
استعراض الأسئلة الثمانية التى أعدها المحور الاقتصادى للحوار ولجانه، وأرسلها منسق عام الحوار ضياء رشوان لرئيس الوزراء يكشف مدى أهمية هذا الأمر، خصوصا بعد أن وجه الرئيس السيسى رئيس الوزراء بالرد عليها.
السؤال الأول: يتعلق بقضية التضخم وسعر الصرف، وفيما يسأل الحوار الوطنى المؤتمر الاقتصادى: ما هى الآليات المزمع استخدامها فى المدى القصير لكبح جماح ارتفاع الأسعار المتوقع حدوثه إذا شهدنا مرونة جديدة فى أسعار الصرف قريبا فى ظل الاتفاق مع صندوق النقد، وما أثر ذلك على دخول المواطنين وعلى النمو والتشغيل، ولماذا لا تفكر الحكومة فى وضع ضوابط على حركة رءوس الأموال الساخنة لتجنب مفعول الثالوث المستحيل، وما هى الإجراءات التى تنوى الحكومة اتخاذها لضبط الأسواق ورفع الإنتاج والإنتاجية؟.
السؤال الثانى: ماذا نحن فاعلون للتأكد من عدم تسلط السياسة المالية على السياسة النقدية عن طريق طبع النقود.
السؤال الثالث: ويتعلق بالاستثمار الخاص: ماذا عن الطاقات المعطلة وهى استثمار سابق، وهل يكفى ما يفعله الصندوق السيادى لتحقيق الاستخدام الأفضل لما هو متاح؟.
السؤال الرابع: ويتعلق بالاستثمار العام، وما هى الآلية الجديدة إن وجدت للتأكد من أولويات الإنفاق الاستثمارى تتفق مع طموحات المواطنين والنمو الاحتوائى فى الأجل المتوسط، وهل من الوارد إبطاء الإنفاق على بعض المشروعات القومية لتخفيف الضغط على الميزان التجارى وتقليل احتمالات التضخم؟.
السؤال الخامس: ما هى حزمة السياسات الجديدة التى سوف تتبناها الحكومة لدعم الصناعة وتقليل التحيز للقطاع العقارى على حساب الصناعة؟.
السؤال السادس: ما هى السياسات المزمع اتباعها لزيادة دخل وإنتاجية القطاع الزراعى، وهل يمكن للتعاونيات أن تلعب دورا فاعلا فى هذه المسألة، وكذلك ما هى إجراءات ضمان الأمن الغذائى لمصر؟.
السؤال السابع: ما هى خطة الحكومة للتأكد من عودة السائح لمصر مرة ثانية؟.
السؤال الثامن: يتعلق بالعدالة الاقتصادية، ومفاده: هل يتوافق التوسع فى تقديم الخدمات التعليمية والصحية عن طريق القطاع الخاص مع تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص؟.
أى متابع للشأن العام يدرك أن الأسئلة الثمانية السابقة محورية وشديدة الأهمية، وربما تلخص المشاكل الاقتصادية فى مصر ليس هذه الأيام فقط، بل طوال عقود كثيرة مضت، بل ربما أتجرأ وأقول إنها الأسئلة المثارة تقريبا منذ قرار الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى فى عام ١٩٧٤ بعد شهور قليلة من انتصار أكتوبر ١٩٧٣.
وأظن أن كل سطر فى كل سؤال من الأسئلة الثمانية يحتاج بمفرده إلى مقال مستقل بالبحث والتمحيص والبيانات والمعلومات؛ لأنه يتعلق بقطاع من القطاعات الاقتصادية المهمة.
كل التمنيات الطيبة للمؤتمر الاقتصادى بالنجاح والتوفيق فى الإجابة عن الأسئلة الثمانية، وحتى بعضها، لعل ذلك يقلل من الآثار الصعبة للأزمة الاقتصادية التى نعيشها الآن، ومرشحة للاستمرار فى أماكن كثيرة بالعالم فى الفترة المقبلة.