بقلم:عماد الدين حسين
هل هناك حلول عاجلة يمكن اتخاذها فى الأيام المقبلة للتخفيف من حدة أزمة تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار وارتفاع الأسعار وندرة بعض السلع؟
بالطبع المفترض أن هناك حلولا على المديين المتوسط والطويل فى جعبة الحكومة، لكن نحن نتحدث عن حلول تتعلق بأسابيع وشهور تعمل على وقف استمرار تراجع الجنيه، وتوفر الدولارات وبالتالى وقف الارتفاع اليومى لغالبية الأسعار.
العامل المهم والعاجل الآن هو ضرورة توافر العملة الصعبة كى يتم الإفراج عن السلع الأساسية المحتجزة فى الموانئ المصرية وعرفنا من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى آخر الأسبوع الماضى أنه تم الإفراج عن بضائع بحوالى ٨٫٥ مليار دولار منذ أول ديسمبر الماضى.
نعلم جميعا أن حوالى ٢٢ مليار دولار من الأموال الساخنة خرجت من مصر فى الشهور الماضية كنتيجة للأزمة العالمية الناتجة فى أحد جوانبها عن الغزو الروسى لأوكرانيا.
هذا الخروج سبب مصاعب كثيرة للاقتصاد المصرى، وهو أحد الأسباب للأزمة الراهنة.
ما يدخل لمصر عموما من عملة صعبة سنويا عبارة عن ٤٥ مليار دولار صادرات، و٣٢ مليار دولار تحويلات المصريين فى الخارج والسياحة حوالى ١٤ مليارا وقناة السويس قفزت إلى ٨ مليارات دولار، إضافة لمبالغ متباينة من الاستثمار الأجنبى المباشر أو غير المباشر.. بالطبع لا يمكن حساب أموال السياحة أو تحويلات المصريين لأنها تخص الشركات الخاصة أو الأفراد.
ونحن هنا نتحدث فقط عما سيدخل لخزينة الحكومة وفى تقدير الدكتور فخرى الفقى رئيس لجنة الخطة والموازنة فى مجلس النواب فسوف يدخل لهذه الخزينة حوالى ١٥ مليارا فى الشهور الستة المقبلة. هى عبارة عن ٤ مليارات من عائدات قناة السويس أى نصف عائداتها السنوية، إضافة إلى ٧ مليارات من تصدير الغاز الطبيعى والقليل من العائدات لشركات السياحة الحكومية، وهذه المبالغ ستكون كافية للإفراج عما تبقى من بضائع وسلع مخزنة فى الموانئ وقيمتها حوالى ٧٫٧ مليار دولار أو أقل قليلا.
وفى تقدير بحوث «شركة نعيم القابضة» فهى تعتقد أن التدابير المختلفة التى اتخذتها الحكومة فى الفترة الماضية ــ وأدت إلى تعرضها للانتقاد الشعبى ــ سوف تسمح بتدفقات نقدية خلال الفترة المقبلة تصل إلى عشر مليارات دولار، منها جزء من قرض صندوق النقد الدولى البالغ ثلاث مليارات دولار، و٥ مليارات أخرى من شركاء التنمية والمقصود بها الاستثمارات القادمة بالأساس من بلدان الخليج ونعرف أن معظمها صار يتركز فى الاستحواذات أو الاستثمار فى الأصول.
هذه التدفقات ستكون شديدة الأهمية فى تأمين استقرار سعر الصرف والقضاء على نسبة كبيرة من مخاطر السيولة المتراكمة فى سوق العملات الأجنبية التى تجعل المستثمرين باختلاف أنواعهم لا يقبلون على الاستثمار فى الأعمال الجديدة وسوق الأسهم وسندات الخزانة وأذونها.
طبعا هذا هو الجزء المتفائل فى تقديرات شركة نعيم، لكنها تعتقد أيضا أن الجنيه سوف يخسر ٥٪ أخرى من قيمته قريبا حتى يقترب من سد الفارق مع السعر غير الرسمى والذى يصل إلى حوالى ٣٠ جنيها، وهو الأمر الذى حدث بالفعل فى الأسبوع الماضى حينما قفز سعر الدولار من ٢٧ جنيها إلى ٣٢ جنيها، ثم تراجع لاحقا يوم الخميس الماضى إلى ما دون الثلاثين جنيها. كما تتوقع الشركة أيضا زيادة أسعار الوقود بنسبة ٧٫٥٪ فى المراجعة المقبلة.
لكن بصفة عامة فإن «نعيم» ترى أن التطورات الأخيرة خطوة إيجابية وتوجيه صحيح للاقتصاد وللبورصة المصرية.
قد يبدو كل ما سبق لا يهم كثيرا المواطن المصرى البسيط الذى لا يفهم الاقتصاد إلا بطريقة بسيطة للغاية وهى كيف ينعكس كل ما سبق على مستوى معيشته وهل دخله يكفيه أم لا، وهل الأسعار فى مستوى دخله أم لا.
كان الله فى عون الجميع..