توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الذى يحدث فى بريطانيا؟

  مصر اليوم -

ما الذى يحدث فى بريطانيا

بقلم:عماد الدين حسين

ما هذا الزلزال الاقتصادى الرهيب الذى يعصف بغالبية بلدان العالم المتقدم منها والمتخلف والبين بين؟!
خطر هذا السؤال على ذهنى، وأنا أتابع التطورات السياسية والاقتصادية المتتالية فى العديد من دول العالم، ومنها ما حدث فى بريطانيا الأسبوع الماضى؟!
رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس قدمت استقالتها يوم الخميس الماضى قائلة: «لم يعد باستطاعتى الوفاء بالتزاماتى فى ظل الوضع الراهن»، وأبلغت الملك تشارلز الثالث باستقالتى من حزب المحافظين، وسنجرى انتخابات مبكرة للحزب الأسبوع المقبل لاختيار رئيس جديد، والمفارقة أن تراس سجلت رقما قياسيا فى الحياة السياسية البريطانية حيث إنها استقالت بعد ٦ أسابيع فقط من توليها السلطة، وهى أقصر مدة حكم فى تاريخ بريطانيا.
السؤال ما الذى دفع تراس إلى هذه الاستقالة السريعة؟
الإجابة السريعة هو برنامجها الاقتصادى الذى أصاب بريطانيا وأسواقها وغالبية مواطنيها بصدمة شديدة.
قد يبدو هذا عنوانا عاما، لكن ترجمته الفعلية على الأرض جاءت فى نتائج استطلاع للرأى أجراه معهد «ويتش» البريطانى، وبينت أن ملايين البريطانيين صاروا يفوتون وجبات الطعام بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية.
الاستطلاع الذى نشرته هيئة الإذاعة البريطانية يوضح أن نصف الأسر البريطانية خفضت عدد الوجبات اليومية، ونسبة مماثلة تؤكد أنها تواجه صعوبة فى تناول أطعمة صحية مقارنة بمرحلة ما قبل الأزمة، وأنها تختار شراء وجبات جاهزة حتى تتمكن من خفض استخدام الغاز والكهرباء بسبب ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة كبيرة.
الاستطلاع يكشف عن أن ٦٠٪ من الذين تم استطلاع آرائهم ــ وهم عينة من ثلاثة آلاف شخص ــ يقولون إنهم يعانون صعوبات مالية، ومعظمهم صار يمتنع عن شراء الحلويات والسكريات ويكتفون بالمواد والسلع الأساسية.
فى نفس التوقيت حذرت الجمعية البريطانية لحماية المستهلك من أن ملايين الأسر قد تجد نفسها فى حالة فقر على صعيد الطاقة، لأنها عاجزة عن الحصول على التدفئة المناسبة خلال الشتاء الحالى.
السبب فى ذلك أن وزير المالية جيرمى هانت قام بتقصير مدة تحديد سقف لفواتير الطاقة، كما ألغى العديد من الإجراءات فى الميزانية التى كانت تمزج بين دعم كبير لنفقات الطاقة للأسر والشركات إضافة إلى خفض ضريبى على مستويات مختلفة.
هذه السياسة التى أقرها وزير المالية الأسبق كواسى كوارتينج تسببت من وجهة نظر العديد من الخبراء فى تفاقم الأزمة، كما أن تراس نفسها كانت تتبنى فكرة تقديم المزيد من الدعم للأغنياء وتخفيض قيمة الضرائب عليهم.
والنتيجة هى أن معدل التضخم فى بريطانيا سجل ١٠٫١% بمعدل سنوى فى سبتمبر الماضى، وهى أعلى نسبة تضخم بين دول مجموعة السبع الأكثر ثراء فى العالم، وهذا المعدل أيضا هو الأعلى فى البلاد منذ ٤٠ عاما.
السؤال كيف وصلت بريطانيا إلى هذه الحالة؟!
هناك العديد من الإجابات، لكن مما يلفت النظر مثلا هو أن الرئيس الأمريكى جو بايدن وصف يوم ١٦ أكتوبر الحالى السياسة الاقتصادية البريطانية بأنها خاطئة، قائلا: «إن محاولة تراس دفع الاقتصاد قدما وتحفيز النمو عن طريق منح إعفاءات ضريبية دون وجود تمويل لها، كان خاطئا، وبالتالى فإن الإخفاق كان متوقعا، ولم أكن الوحيد الذى اعتبره خطأً». أضاف بايدن: «أعتقد أن فكرة تخفيض الضرائب عن كبار الأثرياء فى هذا الوقت أمر أختلف معه، لكن هذا شىء يخص بريطانيا ولا يخصنى»!!!.
بالطبع ليس من المعتاد أن ينتقد رئيس الولايات المتحدة زعيم إحدى الدول المقربة بهذا الشكل خصوصا بريطانيا التى تربطها بالولايات المتحدة علاقة عضوية جدا.
المعروف أن بايدن الديمقراطى يعارض سياسة خفض ضرائب كبار الأثرياء، فى حين أن ذلك كان فى قلب سياسة تراس التى تعتقد أن تخفيض ضرائب الشركات والأثرياء سيدفع عجلة النمو، مما يتيح تدفق الثروات باتجاه جميع فئات المجتمع. وهى السياسة أو الفلسفة التى تذكرنا بما روجه جمال مبارك وأنصاره تحت عنوان «تساقط ثمار النمو» قبل شهور قليلة من ثورة 25 يناير 2011.
السؤال من الذين أسقط ليز تراس وهل صحيح أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو من أسقطها، وأسقط معها بعض قادة أوروبا، وربما سيسقط آخرون فى الطريق كما يزعم من يتبنون وجهة النظر الروسية، أم أن الأمر أكبر بكثير من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بأكملها، ويتعلق بأوضاع اقتصادية عالمية خاطئة منذ سنوات، خصوصا فيما يتعلق بالديون المتراكمة؟!
سؤال يستحق المزيد من النقاش.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذى يحدث فى بريطانيا ما الذى يحدث فى بريطانيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon