توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخبراء الذين نحتاجهم

  مصر اليوم -

الخبراء الذين نحتاجهم

بقلم - عماد الدين حسين

العالم يموج بمتغيرات متسارعة، هناك صراع عسكرى كبير بين روسيا والغرب على المسرح الأوكرانى، وصراع اقتصادى أمريكى صينى شامل فى أكثر من مكان، خصوصا فى آسيا، وهناك صراعات فى أكثر من مكان خصوصا فى منطقتنا العربية والشرق الأوسط. إضافة لتحديات مختلفة خصوصا الأزمات الاقتصادية الناتجة عن تداعيات كوفيد ١٩ والأزمة الأوكرانية، وتحديات أخرى مختلفة مثل الإرهاب والعنف والتطرف والحروب الإعلامية والطبيعى أن أى صانع قرار فى العالم يحتاج إلى عقول تفهم هذه الصراعات وتقدم رؤى وتصورات وسيناريوهات مختلفة لشرح وتوصيف وتشخيص هذه الصراعات والأحداث، والأهم لكيفية التعامل معها.
ومساء الأحد الماضى ولمدة ساعتين شاركت فى نقاش مهم وحيوى مع نخبة من العقول المصرية المتميزة فى برنامج المشهد الذى يقدمه الإعلاميان نشأت الديهى وعمرو عبدالحميد على قناة «تن» بصحبة كل من الدكاترة عبدالمنعم سعيد ومحمد كمال وجمال عبدالجواد والسفيرين عبدالرحمن صلاح ومحمد بدر الدين زايد.
عنوان الحلقة هو «العالم ومرحلة التحولات الكبرى» لكن مع سؤال مهم وجوهرى هو ما الذى ينبغى أن تفعله مصر للتعامل مع هذه التحولات.
النقاش استمر ساعتين كاملتين وتضمن الكثير من الأفكار والرؤى المهمة، وكان النقاش ثريا لأنه جرى فى أجواء عقلانية هادئة بعيدا عن الصراخ والزعيق.
حينما جاء دورى فى الكلام، تحدثت عن نقطة أراها ضرورية ومفتاحية وهى أن عددا لا بأس به من المحللين والمراقبين والتابعين فى مصر والمنطقة العربية، بل وفى الغرب أيضا تعاملوا بخفة منقطعة النظير مع الصراع الروسى الغربى على الأرض الأوكرانية، خصوصا فى شقه العسكرى.
قلت إن هؤلاء المتابعين قالوا وكتبوا فى بداية الغزو الروسى فى ٢٤ فبراير الماضى، إن القوات الروسية سوف تكتسح كل الأراضى الأوكرانية بسرعة قياسية، وأنه لن يمر أسبوع على بداية الحرب، إلا وهذه القوات قد سيطرت على كامل أوكرانيا، وأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين داهية ومخطط عسكرى بارع لا يشق له غبار. وأن هذا النجاح سوف يجعل الصين تغزو تايوان فورا وتعيدها للوطن الأم.
نفس الخبراء وحينما تعثرت الحملة العسكرية الروسية فى الشهر التالى، غيروا كل كلامهم وأفكارهم وبدأوا يتحدثون عن الفخ الذى أحكمت الولايات المتحدة نصبه لروسيا وجعلت بوتين يسقط فيه. وهذا الاستنتاج تبناه كثيرون، خصوصا بعد بدء فرض العقوبات الاقتصادية الغربية غير المسبوقة على روسيا ووصلت شطحات بعضهم إلى أن أمريكا والغرب سوف يعيدون روسيا لتصبح دولة عادية جدا، بل وربما ما هو أقل من ذلك، وأن الصين لن تجرؤ على غزو تايوان أو حتى التحرش بها، بعد أن رأت بعينها ما حدث لروسيا.
مرّ شهران تقريبا بعد هذا الكلام وبدأت روسيا تعيد النظر فى تكتيكاتها العسكرية، وأصلحت بعض الأخطاء وتمكنت من السيطرة على معظم إقليم الدونباس فى شرق أوكرانيا، ومعظم موانئ أوكرانيا على البحر الأسود ما عدا أوديسا. والمفاجأة أن نفس الخبراء عادوا مرة أخرى ليتحدثوا عن الدهاء الروسى والنفس الطويل لبوتين. بل قرأنا كتابات فى صحف غربية كبيرة مثل الجارديان تقول إنه ثبت أن المتضرر الأكبر من العقوبات الغربية لم تكن روسيا، بل هو الغرب نفسه الذى بدأ يلغى بعض العقوبات عن روسيا، ليس حبا فى بوتين ولكن لأنه هو الذى سيدفع ثمنها الأكبر.
مثل هذا النوع من الذين يقولون عن أنفسهم إنهم خبراء لا يختلفون كثيرا عن المحللين فى استديوهات تحليل مباريات الدرجة الثالثة فى أى دورى كرة «نص لبة» فى أى دولة بالعالم، وهم أقرب إلى مشجعى الترسو منهم إلى المحللين. وقاعدة ذلك هى لو أن فريقا سجل هدفا بالصدفة وفاز فهو الأفضل، ولو أنه قدّم أفضل أداء ممكن وانهزم لأى سبب فهو فريق سيئ ومدربه لا يفهم شيئا!!
وبالتالى فالعالم يحتاج خبراء حقيقيين يقرأون المشهد بعناية فى إطار سياق شامل، وبالتالى تكون رؤيتهم قائمة على المنطق وليس التمنيات، وإذا فعلوا ذلك يكونون قد قدموا أفضل خدمة لحكوماتهم وبلدانهم والعالم أجمع. وأتصور أن لدينا منهم فى مصر كثيرين لكن نحتاج للاستماع إليهم أكثر وأكثر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخبراء الذين نحتاجهم الخبراء الذين نحتاجهم



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon