توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من يتقشف أولا.. الحكومة أم الشعب؟!

  مصر اليوم -

من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب

بقلم - عماد الدين حسين

يوم الأربعاء الماضى ٢٤ أغسطس كتبت مقالا فى هذا المكان بعنوان «منشفة مبللة بدلا من الاستحمام» لعرض ومناقشة اقتراح رئيس وزراء ولاية بادن فورتنبرج الألمانية وينفريد كريتشمان بضرورة تدفئة غرفة واحدة فى المنزل، والمسح بمنشفة مبللة بالماء بدلا من الاستحمام، وذلك لتوفير الطاقة التى ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة نتيجة للغزو الروسى لأوكرانيا فى فبراير الماضى.
وقلت فى المقال: «إذا كانت ألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد فى العالم بعد أمريكا والصين تتقشف، فما الذى يفترض أن تفعله دول أخرى اقتصادها ليس قويا مثلها؟»..
وسألت: «ماذا لو خرج مسئول مصرى أو عربى أو فى العالم الثالث وطالب مواطنيه باستخدام منشفة مبللة وعدم الاستحمام؟».
جاوبت على نفسى وقلت إن حملات من القلش والخفة والاستظراف والتريقة والتنكيت سوف تنطلق لأيام وأسابيع طويلة ضد هذا المسئول.
حينما قلت ذلك لم أكن أخمن أو أضرب الودع، أو أعلم الغيب حاشا لله، ولكن كنت أعرف الطريقة التى يفكر بها الكثير منا.
ولم يتأخر الرد، وبدلا من المناقشة الموضوعية لكيفية هل يمكن تطبيق ذلك عندنا أم لا، خرجت بعض التعليقات لتهاجمنى وتتهمنى بأننى أطالب المواطنين بالتقشف، ولا أتحدث عن الحكومة المبذرة وغير المتقشفة. وللأسف فإن هؤلاء المنتقدين نسوا أو تناسوا أننى ختمت مقالى بعبارة واضحة محددة لا مجال فيها للتأويل أو اللف والدوران تقول: «إن علينا حكومة ومواطنين أن نرشد استهلاكنا فى كل شىء من أول الطاقة إلى المياه مرورا بالسلع غير الضرورية، بشرط أن تكون الحكومة قدوة للشعب فى الترشيد، وإلا فإن فاقد الشىء لا يعطيه».
ما هو المطلوب من الكاتب أن يقول أكثر من هذا ليشرح فكرته ويحدد موقفه؟! هل مطلوب منه فقط أن يسب ويشتم ويهاجم وينتقد الحكومة فقط حتى يرتاح معارضوها.
كلامى كان واضحا وحاسما فى أن الحكومة هى التى يجب أن تكون القدوة والمثل وعليها أن تتقشف أولا، قبل أن تطالب المواطنين بالتقشف، وبالمناسبة فإن نفس المعنى قلته بوضوح أكثر من مرة آخرهما فى مقالين متتالين يومى السبت ١٣ أغسطس بعنوان: «نعم لترشيد الكهرباء.. لكن كيف سننفذه»، ثم مقال آخر يوم الأحد ١٤ أغسطس بعنوان: «من الذى سيطبق الترشيد». ومن يقرأ المقالين سوف يكتشف أننى أقول بوضوح إن دعوة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى لترشيد استخدام الكهرباء جيدة جدا، لكن هل ناقشنا وبحثنا من الذى سيطبق هذا الترشيد، وهل لدينا كوادر ومسئولون يؤمنون فعلا بالترشيد، وهل جهازنا الإدارى مؤهل لتنفيذ ذلك خصوصا المحليات التى يضرب فيها الفساد والإهمال وسوء التدريب والتأهيل؟!
أحد المنتقدين يقول: «كيف تتحدث عن استخدام سيارة بالكهرباء بدلا من البنزين وغالبية الناس تصرخ من سعر تذكرة الأتوبيس».
أولا: لم أتحدث ولم أطلب إطلاقا من المصريين استخدام سيارات الكهرباء، لأننا لا نملك البنية التحتية الكافية لها فى مصر حتى الآن، بل ذكرت أن المسئول الألمانى يقول إنه يستخدم السيارة الكهربائية والطاقة الشمسية لأنها توفر لهم، والمعنى البسيط فى كلامى هو التوفير بأى طريقة متاحة، فإذا كانت سياراتنا تستخدم الغاز والبنزين والسولار، فعلينا أن نوفر فيهم.
مرة أخرى يجب أن تضرب الحكومة المثل للشعب فى الترشيد والتقشف، لكن الخطأ الجوهرى الذى يقع فيه معظمنا هو التفكير «بطريقة صفرية» أى إنه يقول إنه يرفض التفكير فى أى نوع من الإصلاح أو الترشيد، طالما أنه يرى وجود سياسات حكومية خاطئة أو غير رشيدة. فإذا فكّر مواطن بمثل هذه الطريقة وقرر أن يترك كل لمبات منزله مضاءة، وحنفيات المياه مفتوحة، فإنه هو الذى سيدفع الفاتورة الضخمة لذلك ومعه سيضر الاقتصاد القومى بأكمله.
هذا النوع من «التفكير الصفرى» لن يجعل السياسات الحكومية تتغير، بل سيضر أصحابه أولا. هو طبعا مريح لهم لأنه يعفيهم من أى مسئولية للإصلاح الشخصى، رغم أن هناك مقولة مهمة تقول إن كثرة عدد المواطنين الصالحين الذين يتصرفون بطريقة حكيمة ورشيدة ستقود، إن آجلا أو عاجلا، إلى حكومة رشيدة.
التريقة والسخرية والانتقاد غير الموضوعى أمور سهلة ومريحة لأصحابها، لكنها لن تحل شيئا، ولن تقود إلى أى تقدم، بل إغراق فى العدمية واللامسئولية والتخلف.
وحتى يكون كلامى واضحا مرة أخرى، فمن المهم أن تتقشف الحكومة أولا، لتكون قدوة للناس، وعلى الناس أن تتعلم الاقتصاد والترشيد، لأنها من سيدفع ثمن التبذير والسفه فى النهاية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon