بقلم:عماد الدين حسين
الكبار والأغنياء يلوثون الكوكب والصغار والفقراء هم من يدفعون الثمن.
وبمناسبة قمة المناخ العالمية فى شرم الشيخ فإن القارة الإفريقية بأكملها لا تتسبب إلا فى نحو 2٪، من غازات الاحتباس الحرارى، لكنها تدفع الفاتورة الكبرى.
فى تقرير حديث صدر عن «جمعية الخسائر والأضرار»، التى تضم أكثر من ١٠٠ باحث وصانع سياسات من جميع أنحاء العالم، جاء فيه أن ٥٥٪ من أكثر الاقتصادات عرضة للتأثر بالمناخ عانت من خسائر اقتصادية ناجمة عن تغير المناخ تجاوزت نصف تريليون دولار بين عامى ٢٠٠٠ ــ ٢٠٢٠، ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بمقدار نصف تريليون آخر فى العقد المقبل.
وعلى عهدة هارجيت سينج رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية فى شبكة العمل المناخى الدولية فإن «المجتمعات التى ساهمت بأقل قدر فى أزمة التغيرات المناخية هى التى تدفع الثمن الأكبر وتقف على خط المواجهة بين أسوأ الآثار».
مؤلفو هذه الدراسة يقولون إن كل جزء فى ارتفاع درجة الحرارة يعنى خسائر فى البلدان النامية تقدر بما يتراوح بين ٢٩٠ مليار دولار و٥٨٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠.
الدول الفقيرة والأقل تصنيعا تقول إن تأثير التغيرات المناخية يقوّض أى تقدم تحرزه فى التنمية الاقتصادية، حيث زادت نسبة ديونهم، لأنهم يضطرون للاقتراض لإعادة بناء ما تعرض للدمار، ثم إن تغير المناخ أدى إلى إبطاء معدل النمو.
ميشاى روبرتسون كبير مفاوضى تمويل المناخ لتحالف ٣٩ دولة جزرية صغيرة يتساءل أين كانت الهيئات الدولية والبلدان الغنية، حينما تدمرت باكستان بسبب الفيضانات وكذلك الأمر فى فيضانات نيجيريا، أو إعصار إيان الأخير الذى ضرب منطقة البحر الكاريبى؟
الأبحاث تفيد بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون الأكثر تضررا، حيث تشهد ارتفاعا فى درجات الحرارة يبلغ ضعفى المتوسط العالمى. والمتوقع أن ترتفع بمقدار ٤ درجات مئوية ٢٠٥٠ عن مستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية.
وفى دراسة أخرى للوكالة الأوروبية للبيئة فإن درجات الحرارة ستزيد بمقدار ثلاث درجات عن المعدل الطبيعى. فى شرق الدول الإسكندنافية وحوض البحر المتوسط عام ٢١٠٠
تطوير البيانات الموثقة التى تتيح لكل دولة معرفة مقدار الضرر الاقتصادى الذى سيلحق بها يظهر أن دولا مثل بولندا والتشيك والمجر وروسيا سوف تكون من المتأثرين بالاحتباس الحرارى فى شرق أوروبا، وحتى الولايات المتحدة ستتأثر بسبب استمرار الثورة الصناعية فيها طوال ٥٠ عاما متواصلة.
الأمر نفسه فى الهند بسبب موقعها الجغرافى وكثافة التوزيع السكانى فيها، وكذلك حجم وكبر الطبقة العاملة والصناعة. وقد لقى ٣٢٤ هنديا مصرعهم بسبب الانهيارات الأرضية والفيضانات وأجبر نحو ٢٢٠ ألف شخص على مغادرة منازلهم وخسارة تقدر بـ٢٫٨ مليار دولار. من بين المتأثرين أيضا الدول الاستوائية الأكثر فقرا والأقل إصدارا للغازات الدفيئة.
ألمانيا ستتأثر أيضا، حيث واجهت ابتداء من عام ٢٠١٨ موجة حر مرتفعة جدا وأثرت بقوة على النشاط الزراعى، وأدت لوفاة ألف شخص. وأصيبت التربة بالجفاف بسبب عدم سقوط الأمطار فى بعض الأقاليم.
من الدول التى عانت كثيرا اليابان من حوادث جوية خطيرة خصوصا الأمطار الغزيرة التى تسببت بحدوث فيضانات وانهيارات طينية أدت لمقتل ٢٠٠ شخص وتدمير ٥٠٠٠ منزل، وخسرت ٧ مليارات دولار بسبب العواصف و١٣ مليار دولار بسبب الإعصار جيبى. وفى عام ٢٠١٨ أيضا ضرب إعصار قوى شمال الفلبين وصلت سرعته إلى ٢٠٧ كجم وأثّر على ربع مليون شخص.
سريلانكا تعرضت لأمطار موسمية شديدة ابتداء من عام ٢٠١٨ مما أدى لوفاة ٢٤ شخصا وتضرر أكثر من ١٧٠ ألف شخص.
الأمطار الموسمية أيضا أثرت بشكل كبير على كل من كينيا ورواندا وكذلك المالديف التى تعتبر الدولة الأكثر انخفاضا فى العالم، ومعها مدغشقر التى ضربها الإعصار آفا ثم جاء بعده الإعصار الياكيم ما أدى لتشرد ٧٠ ألف شخص.
وسوف تتأثر كندا بالتغيرات المناخية حيث إن ارتفاع الحرارة صيفا فيها أسرع مرتين مقارنة بغالبية دول العالم، وفى الشتاء انخفضت الحرارة بشكل شديد لأدنى مستوى منذ مائة عام.
ومن بين المتأثرين أيضا جزيرة فيجى التى تعانى من الأعاصير. وطبعا مصر سوف تتأثر كثيرا طبقا لدراسات علمية كثيرة خصوصا إذا ارتفع منسوب البحر المتوسط مما قد يؤدى إلى أخطار كثيرة تهدد الإسكندرية وبعض المدن الأخرى الواقعة على شاطئ البحر المتوسط.
هؤلاء هم الأكثر تضررا، فمن يعوضهم عما تعرضوا له فى الماضى والحاضر وأغلب الظن فى المستقبل؟