توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة قوانين التصالح فى مخالفات البناء

  مصر اليوم -

معضلة قوانين التصالح فى مخالفات البناء

بقلم:عماد الدين حسين

هل صدور قانون جديد للتصالح فى مخالفات البناء سيحل المشكلة أم أن الأمر أعمق كثيرا من مجرد إصدار قانون جديد، حتى لو تلافى أخطاء القوانين السابقة؟.
هذا السؤال تردد فى مناقشات بعض أعضاء مجلس الشيوخ أيام الأحد والإثنين والثلاثاء الماضية، حينما كان المجلس يناقش مشروع القانون الجديد الذى قدمه النائبان بمجلس النواب إيهاب منصور وعمرو درويش، وكذلك التقرير الذى أعدته اللجنة المشتركة من لجنتى الإسكان والإدارة المحلية والشئون الدستورية فى مخالفات البناء.
مجلس الشيوخ وافق يوم الثلاثاء على القانون الجديد، ويفترض أن يناقشه مجلس النواب قريبا لإصداره نهائيا.
نعود للسؤال الذى بدأنا به ونقول إن قلق بعض النواب منطقى وطبيعى.
وخلال وجودى داخل الجلسات فى الأسبوع الماضى، لفتت نظرى كلمات مهمة صدرت من بعض النواب بالشيوخ، ومنهم مثلا النائبة سها سعيد التى قالت ما معناه: «لن يتغير أى شىء ولو أصدرنا عشرات القوانين، طالما ظل أداء الجهاز التنفذى على حاله».
نعلم أن مجلس النواب أصدر قانونين للتصالح فى مخالفات البناء الأول رقم ١٧ لسنة ٢٠١٩ والثانى رقم ١ لسنة ٢٠٢٠. ونعلم أيضا أن القانونين لم يحلا المشكلة، فلماذا حدث كل ذلك؟!
فى هذا الصدد أظن أنه من الحكمة أن تدرك الحكومة أنها لم تدرس الظاهرة جيدا قبل أن تصدر القانونين، لأنها لو فعلت ذلك، لربما راعت كل جوانب المشكلة ولم تضطر إلى تقديم قانون جديد هذه الأيام.
هل نلوم البرلمان لأنه أصدر قانونين لم يحققا الغرض منهما؟
أظن أن الإجابة هى لا إلى حد ما؛ لأن مهمة مجلس الشيوخ بوضوح هى دراسة القانون جيدا ومناقشته وإصداره كما قال المستشار عبدالوهاب عبدالرزاق رئيس المجلس، ثم يذهب القانون إلى مجلس النواب لإصداره ليصبح ملزما.
هذا هو دور البرلمان، لكن هناك وظيفة أساسية لمجلس النواب، وهى مراقبة أداء الحكومة والجهاز التنفيذى. وحينما يحدث قصور أو إهمال أو تراخٍ فلابد أن يستعمل مجلس النواب أدواته الرقابية ليجعل ما يصدره من قوانين فاعلا.
لكن ظنى أن المسئولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة، وبالأخص على وزارة التنمية المحلية.
أعرف وأدرك تماما أن هذه المشكلة ليس سببها الحكومة الحالية أو حتى التى قبلها ولكنها بسبب تراكم سياسات ربما تعود إلى أربعين أو خمسين عاما مضت حينما حصل التواطؤ الكبير الذى سمح للعشوائيات أن تتغلغل وللمحليات أن تفسد بهذا الشكل الكارثى، وبالتالى وصلنا إلى مرحلة صار فيها تطبيق القانون العادى على المخالفين لا يصبح الحل الأمثل والناجح، بعد أن استقرت المخالفات لسنوات طويلة.
أعذر الحكومة فى أنها وجدت نفسها بين نارين، نار تطبيق القانون على المخالفين وتحصيل حقوق الدولة التى تم انتهاكها، ونار الأزمات الاجتماعية والأمنية والسياسية التى قد تنتج عن تطبيق هذا القانون، وتلك هى بالضبط المعضلة التى واجهت الحكومة منذ إقرارها القانون رقم ١٧ لسنة ٢٠١٩، وقتها كان الحسم هو العنوان الرئيسى للقضاء على المخالفات وبدء صفحة جديدة يكون شعارها: «لا مخالفات بعد اليوم».
القانون الجديد حقق علاجا جزئيا للمشكلة حينما تقدم بعض المخالفين للتصالح وتسديد ما للدولة من حقوق، لكن كثيرين لم يتقدموا، وهكذا صدر التعديل الجديد فى أوائل عام ٢٠٢٠، وبدوره ساهم فى حل جزء آخر من المشكلة، لكنه لم يستطع أن يقضى على جذورها لأن بعض المخالفين، ومعظمهم من الفقراء وذوى الدخول المحدودة، رفضوا التصالح ولسان حالهم يقول: «نحن لا نملك أصلا شيئا ندفعه».
الحكومة خفضت قيمة المخالفات أكثر من مرة لدرجة أن متر المخالفات هبط إلى حوالى ٥٠ جنيها، ونشأت جمعيات خيرية وأهلية وشبه رسمية لسداد الغرامات على غير القادرين، لكن المشكلة لم تنتهِ تماما. ولذلك جاء التفكير فى القانون الجديد الذى أصدره مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضى، والسؤال: ما الذى نحتاجه كى يصبح هذا القانون فاعلا على الأرض، ولا نحتاج إلى إصدار قانون جديد بعد ثلاث أو أربع سنوات؟! هل نحتاج إلى لائحة تنفيذية حقيقية تراعى الواقع، أم قانون جديد للإدارة المحلية، أم إلى ثقافة جديدة فى كل الجهاز التنفيذى أم إلى كل ما سبق مجتمعا؟!
الموضوع مهم للغاية ويحتاج نقاشا لاحقا فى أكثر من زاوية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة قوانين التصالح فى مخالفات البناء معضلة قوانين التصالح فى مخالفات البناء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon