توقيت القاهرة المحلي 05:19:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخائفون من الحوار الوطنى

  مصر اليوم -

الخائفون من الحوار الوطنى

بقلم - عماد الدين حسين

هل هناك خائفون من الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أسابيع قليلة؟
الإجابة هى نعم، لكن قبل الإجابة تفصيلا عن هذا السوال، وجب علينا أن نفرّق بين فئتين مختلفتين تماما، الأولى هى المتربصون بالحوار الوطنى والكارهون له، والمتمنون تعويقه وإحباطه وإفشاله وهؤلاء يمكن معرفتهم بسهولة، لأنهم ببساطة أعلنوا عن أنفسهم بمجرد الدعوة للحوار، هذه الفئة تشمل كل أعداء الاستقرار فى الداخل والخارج، وفى القلب منهم من يريدون إعادة المشهد لما قبل ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، بحيث يعودون إلى صدارة المشهد أو على الأقل المشاركة فيه، وبالطبع هم يتمنون المشاركة بأى شكل، وحاولوا ويحاولون ذلك منذ اليوم الأول للدعوة.
لكن فئة الخائفين مختلفة تماما. هم وطنيون، بل وبعضهم داخل النظام نفسه. ولدى كل مجموعة داخل هذه الفئة أسبابها للخوف من هذا الحوار وبعضها مبرر وبعضها مجرد هواجس.
الفئة الأولى الخائفة من الحوار هى مجموعات مختلفة من مواطنين عاديين صار لديهم ربط ميكانيكى بين الحوارات والمجادلات السياسية وبين الفوضى وعدم الاستقرار بالنظر إلى ما عاشوه وخبروه فى الفترة من ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى عام ٢٠١٥ تقريبا، وتخللتها أعمال عنف وإرهاب، وعدم استقرار المجتمع عموما، وبالتالى هم يعتقدون أن عودة مصطلحات مثل الحوار السياسى والديمقراطية والتعددية والمناقشات وكذلك عودة ظهور بعض الشخصيات القديمة، يمكن أن يقود إلى عودة مناخ الفوضى وعدم الاستقرار.
الفئة الثانية هم بعض الموالين والداعمين للحكومة والنظام، وهم يرون أن النظام استقر وثبت ورسخ، ولم يعد هناك ما يهدده، وبالتالى فلا يصح إعادة الروح لقوى وكيانات وشخصيات يعتقدون أنها ماتت إكلينيكيا فى عالم السياسة. وهذه الفئة تعتقد فعلا أن الحوار لن يقود إلى نتيجة، وبالتالى هم يعبرون عن قناعات وليس دفاعا عن مصلحة شخصية.
والفئة الثالثة، عكس الفئة الثانية استقرت أوضاعها وترسخت على الأوضاع الحالية، ويعتقدون أن أى تغيير لهذه الصيغة قد يجعلها تخسر مواقفها أو مكاسبها، وبالتالى فالأفضل أن تستمر الأوضاع على ما هى عليه. هؤلاء خائفون ليس من أجل أن الحوار يتصادم مع أفكارهم ومبادئهم، ولكنه يهدد مصالحهم ومكاسبهم واستقرارهم، لكن مشكلتهم أنهم ينظرون للأمر من زاوية شديدة الضيق.
الفئة الرابعة، هى مجموعة من المعارضين ينظرون لكل الأمور بمنظار الأبيض والأسود، ولا يريدون الاقتناع بأن السياسة هى مجموعة من الألوان المتدرجة والمختلفة، وتحتاج إلى المرونة، وأنه يمكنك أن تحصل على المتاح اليوم، وتطالب بالباقى غدا، وأن الإصرار على فكرة «إما الحصول على كل شىء فورا وإلا بلاش» هى فكرة انتحارية عبثية لا تصلح فى عالم السياسة، أو حتى فى أى عالم آخر. هؤلاء مراهقون سياسيا ولا يتعلمون من التجارب التى مرت بها مصر أو حتى العالم فى الظروف المشابهة.
ظنى أنه من حق كل طرف أو قطاع أو مجموعة أو فئة أن يؤمن بما يشاء، ومن حقه أن يخشى ويخاف من أى فكرة، لكن أظن أيضا أنه لا يمكن تخيل استمرار السياسات المتبعة فى السنوات الأخيرة كما هى، والرئيس عبدالفتاح السيسى قال بوضوح قبل أيام إنه كان مفترضا حدوث الحوار منذ سنوات، لكن التحديات التى واجهت مصر، هى التى أخّرته.
فإذا كان هذا رأى رئيس الجمهورية، فالمفترض أن يجب أى مخاوف، خاصة تلك الموجودة لدى قطاعات داخل النظام نفسه، أو حتى لدى بعض الزملاء الإعلاميين.
ظنى الشخصى أن نجاح الحوار سيكون مفيدا على المدى البعيد لكل فئات الخائفين، بل أظن أن نجاح الحوار الوطنى سيكون أفضل خدمة لقطاع الأمن فى مصر، لأنه سوف ينزع العديد من الألغام الموجودة فى المجتمع، ويقود إلى استقرار أكبر خصوصا حال الاستمرار فى الإفراج عن أكبر عدد ممكن من المحبوسين الذين لم يمارسوا العنف أو يحرضوا عليه.
حدوث هذه الانفراجة سيقلل الاحتقان، وسيجعل أجهزة الأمن تنشغل فقط بالإرهابيين والمخربين، وليس بالسياسيين، الذين يفترضون أن يعودوا لممارسة السياسة داخل أحزابهم ونقاباتهم ومجالسهم النيابية والمحلية وتحت سقف القانون والدستور والدولة المدنية.
من حق البعض أن يخاف، لكنه عليه أن يثق بأن نجاح الحوار سيكون مفيدا للجميع: للحكومة والمعارضة والنظام ولكل المجتمع، وسيكون ضارا فقط بكل أعداء البلد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخائفون من الحوار الوطنى الخائفون من الحوار الوطنى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon