توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحوار الوطني.. وكيف نقوي الأحزاب؟

  مصر اليوم -

الحوار الوطني وكيف نقوي الأحزاب

بقلم:عماد الدين حسين

يوم الأحد الماضى كانت بداية مناقشات جلسات الحوار الوطنى لقضية الأحزاب المصرية فى إطار المحور السياسى.
النقاش بصفة عامة كان موضوعيا ومفيدا، والمؤكد أن استمراره قد يؤدى إلى حل مشكلة الأحزاب المستعصية منذ عقود.
وهنا لابد من تسجيل مجموعة من الملاحظات الأساسية علها تفيد فى هذا الصدد.
لا نريد الغوص فى الماضى، لكن ومنذ عودة الأحزاب عام ١٩٧٧ رسميا بعد حلها فى يناير ١٩٥٣ وهى تعانى من أمراض مزمنة لم نشف منها حتى الآن، لأن أساسها كان وجود حزب واحد فعلى مدعوم من الدولة وحصارا للآخرين، وإذا أردنا حقا الشفاء فعلينا أن نبحث عن الأدوية المناسبة.
لدينا ٨٤ حزبا رسميا وأكثر من عشرين حزبا تحت التأسيس، وأكثر من ٩٥٪ منها بلا فاعلية، والعضوية الفعلية فيها لا تزيد عن رئيس الحزب وزوجته وأولاده، بل إن بعض أفراد الأسرة ينشقون على الأب!
ثالثا: ليس عيبا أن يكون هناك مليون حزب لكن بشرط أن تكون هناك أحزاب أساسية فاعلة ولتكن ثلاثة أو أربعة، لكن أن تهيمن على الساحة الأحزاب الكرتونية والأنبوبية فهو أمر لا يليق بمصر.
أظن أنه من المهم أن نطبق قاعدة أن أى حزب لا يحصل على حد أدنى من المقاعد أو ما يسمى بالعتبة الانتخابية يتم حله أو يدمج فى حزب أكبر يتفق معه فى الميول والبرامج والأهداف.
بالطبع غالبية الأحزاب الصغيرة سترفض الحل أو الدمج لأنه سيحرمها من الوجاهة والمكانة وربما «الاسترزاق».
رابعا: المشكلة الجوهرية فى عدم وجود أحزاب قوية وفاعلة تتحملها مناصفة الحكومات المتعاقبة والأحزاب. الحكومات لا توفر البيئة السياسية المناسبة لنشاط الأحزاب وحريتها فى التواصل الفعال مع الجماهير، ولا تسمح بتداول حقيقى للسلطة وتضيق عليها كثيرا، وكانت قمة المأساة حينما ضيقت حكومات ما قبل ٢٠١١ على الأحزاب المدنية وحاصرتها فى مقراتها، فى حين سمحت بحرية النشاط للجماعات المتطرفة المحظورة والتى تمكنت من حصد ثلثى مقاعد برلمان شتاء ٢٠١١.
أما الأحزاب فهى تتحمل المسئولية الكبرى لأن معظمها نسى وظيفة الحزب الأساسية واستسلم للأمر الواقع ولم يستطع الوصول للجماهير وإقناعها ببرامجها وأهدافها، بل اتجه بعضها لممارسة أنشطة الجمعيات الخيرية مثل توزيع الطعام والبطاطين. وهو أمر إنسانى مهم لكنه لا ينبغى أن يكون نشاط الأحزاب الأساسى.
نتيجة هذا المناخ والمسئولية المشتركة بين الحكومات والأحزاب فإن غالبية المواطنين صارت تعتقد أن وظيفة الأحزاب هى تحقيق المنافع المادية والاقتصادية مثل الوظائف أو الترقى أو الحصول على إعانات مادية أو عينية وليس السعى للوصول إلى السلطة لتطبيق البرامج السياسية.
خامسا: المعارضة تنتقد الحكومة كثيرا وتتهمها بأنها غير ديمقراطية، وإذا كان هذا الاتهام صحيحا، فعلى الأحزاب أن تسأل نفسها أولا، وهل هناك ديمقراطية داخل هذه الأحزاب، ومتى تم إجراء انتخابات حقيقية داخلها، وهل يصح أن يستمر رئيس الحزب مدى الحياة رغم أنه لم يتمكن من إدخال عضو واحد فى أى مجلس نيابى منذ تأسيسه وحتى الآن؟!
سادسا: كانت هناك ظروف حتمت ظهور قائمة ائتلافية فى الانتخابات الأخيرة مكنت من دخول أحزاب كثيرة إلى البرلمان. وهو أمر طيب لظروف المرحلة الانتقالية لكن علينا ألا ننسى أن معظم هذه الأحزاب بلا قاعدة جماهيرية حقيقية، ولم يجرب نفسه فى أى اختبار ديمقراطى حقيقى، ولو حتى فى مجلس محلى قرية.
سابعا: وانطلاقا من النقاط السابقة فكل الأمل أن تتمكن جلسات الحوار الوطنى من الوصول لعلاج حقيقى للأمراض التى تعانى منها الحياة الحزبية والتى تتمثل فى ضرورة تقديم أكبر قدر من التحفيزات والتسهيلات غير المادية للأحزاب كى تنتشر وتتحرك وتصل للجماهير وتتنافس فى الحياة السياسية. وأن نضمن وجود هيكلة فعلية داخل هذه الأحزاب حتى لا تظل مغلقة على عائلة أو شلة مدى الحياة. والأهم أن تسمح الحكومة بحرية النشاط الحزبى والمنافسة والاختلاف والتمايز فى إطار القانون والدستور.
وهنا علينا تذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قال فى كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى فى الثالث من مايو الماضى أن التنوع مهم جدا فى الحوار.
وهو توجيه واضح لا لبس فيه للجميع بأن الأصل فى الحياة الحزبية هو الاختلاف فى البرامج والرؤى والتوجهات فى إطار القانون والدستور وأن الفيصل فى ذلك هو صندوق الانتخابات الحر والنزيه. وبالتالى لا يصح أن يخرج علينا أحد بالقول إن الاختلاف الحزبى يضر بالبلد والاستقرار.
هذه نقاط سريعة، ونتمنى أن تسفر المناقشات عن توصيات قابلة للتنفيذ تنمى وتطور الممارسة والنشاط الحزبى لمصلحة التقدم والاستقرار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار الوطني وكيف نقوي الأحزاب الحوار الوطني وكيف نقوي الأحزاب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon