بقلم : عماد الدين حسين
فى حوالى الدقيقتين وربما الثلاث عبرنا من شرق القناة إلى غربها، عبر نفق الشهيد أحمد حمدى الشمالى الجديد، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى صباح الثلاثاء الماضى.
فى السابعة والنصف من اليوم نفسه عبرت النفق من اتجاه الغرب إلى الشرق، متجها إلى خيمة الاحتفال التى أعدتها هيئة قناة السويس للاحتفال بتدشين النفق الجديد، وفى الحادية عشرة والنصف صباحا، عبرناه مرة أخرى، حينما افتتحه الرئيس رسميا، وتفقده بصحبة كبار المسئولين، ثم عبرته للمرة الثالثة فى طريق العودة من شرق القناة إلى غربها، فى طريق العودة للقاهرة. وفى كل مرة لم تكن مدة العبور تتجاوز الدقائق الثلاث.
سيقول قائل، وما هو المغزى، أو الغرابة حينما تقطع سيارة مسافة لا تزيد عن ٤٢٥٠ مترا فى ثلاث دقائق فقط؟!
المغزى أن زمن المرور بين ضفتى القناة كان يستغرق أكثر من ثلاث ساعات وربما أربع، قبل افتتاح الأنفاق الثلاثة الاسماعيلية وبورسعيد، لأنها كانت تتم إما عبر معديات، أو كبارى عائمة تستغرق الإجراءات فيها وقتا كبيرا جدا، خصوصا فى ظل أى ظروف أو متغيرات أمنية.
كل من تابع صعوبات ومعوقات عملية تنمية سيناء منذ نهاية حرب أكتوبر المجيدة فى ١٩٧٣، يدرك أن أحد أهم تلك المعوقات، هى صعوبة التنقل بين شرق وغرب القناة، لأنه من دون حرية وسهولة الحركة بين كل من سيناء والوادى والدلتا، لن يمكن الحديث عن تنمية حقيقية فى سيناء.
قناة السويس صارت واحدة من أهم الممرات المائية العالمية التى حفرت بيد البشر، ورغم كل ما حققته من فوائد استراتيجية واقتصادية، إلا أنها أدت إلى عزل سيناء بحاجز مائى طبيعى، استغله كل الغزاة والمتآمرين والمتربصين بمصر منذ عام ١٨٦٩.
حفر نفق أحمد حمدى بعد حرب أكتوبر قرب السويس حل جزءا من المشكلة، وكذلك المعديات والكبارى المتعددة، لكن إجراءات العبور بين الضفتين جعل مسألة العبور صعبة، بل إن بعض أهالى سيناء كانوا يتنفسون الصعداء حينما تصل المعدية إلى البر الشرقى بعد طول رحلة معاناة من الانتظار.
كتبت كثيرا، وأكرر اليوم أن الأنفاق الستة أو الثلاثة المزدوجة فى الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، سوف تغير من طبيعة سيناء وعلاقتها بالوادى بصورة جذرية، بل ستلعب دورا مهما فى حماية الأمن القومى، لأن حرية الحركة لجميع المصريين من وإلى سيناء، ستكون متاحة وسريعة وسهلة ولن يكون بمقدور أى عدو الزعم أنه سوف يستخدم القناة كحاجز طبيعى لفصل سيناء عن الوادى والدلتا.
صباح الثلاثاء الماضى تشرفت بحضور افتتاح نفق أحمد حمدى رقم ٢ أو النفق الشمالى، وعرفت من خلال كلمات الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، واللواء إيهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أنه بافتتاح النفق الأخير صار لدينا عشرون نقطة عبور بامتداد القناة، وهى عبارة عن ٦ فى بورسعيد هى معديات بورسعيد والرسوة وشرق التفريعة وكوبرى النصر العائم، ثم أنفاق ٣٠ يونيو. وعشر نقاط فى الإسماعيلية هى معديات القنيطرة والفردان ونمرة ٦ وسرابيوم، ثم كوبرى السلام، وثلاثة كبارى عائمة أخرى بأسماء الشهداء المنسى وأبانوب وطه زكى، وأخيرا أنفاق تحيا مصر. وفى السويس ٤ نقاط هى معدية بورفؤاد والشهيد شبراوى، ثم نفقا الشهيد أحمد حمدى ١ و٢.
يومها عرفنا أيضا أن إيرادات القناة ارتفعت إلى ٤٫٩ مليار دولار بزيادة ١١٫٦٪ رغم كل تداعيات أزمة كورونا، وتباطؤ التجارة العالمية، واستمعت إلى مشروعات تطوير مستمرة للقناة عبر التوسعات وزيادة الأعماق، والأهم أن كل هذه التطويرات يفترض أن تقود إلى الهدف الأسمى، وهو تنمية سيناء بصورة شاملة، بما يربطها بصورة جذرية بالوادى والدلتا، ويحولها إلى مجموعات متكاملة من المستوطنات البشرية، بحيث تكون عاملا مساعدا للأمن القومى سواء بمحاربتها للإرهاب والتطرف، أو التصدى لكل المحاولات الأجنبية، التى لم تتوقف يوما.
تحية تقدير لكل من ساهم ويساهم فى ربط سيناء الحبيبة بالوادى والدلتا.