بقلم: عماد الدين حسين
هل فعلا اعتقد المصريون أو غالبيتهم أن الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» سوف يحكم بإعادة مباراة كرة القدم بين منتخبى مصر والسنغال التى أقيمت يوم ٢٩ مارس الماضى وانتهت بفوز السنغال بضربات الجزاء الترجيحية؟!
والسؤال الأهم، هل كانت هناك إمكانية أن يتخد «الفيفا» قرارا بالإعادة؟!
والسؤال الأكثر أهمية: ما هى خطورة أن تروج بعض وسائل الإعلام والمسئولين الرياضيين إحساسا بأن هناك إمكانية فعلا لإعادة المباراة؟!
هذه الكلمات كنت أنوى كتابتها عقب نهاية المباراة، لكننى خشيت أن يفهمها البعض باعتبارها تثبيطا للهمة وضربا للروح المعنوية للشعب المصرى، لكن أجّلتها حتى أصدر «الفيفا» قراره يوم الإثنين قبل الماضى بعدم إعادة المباراة واعتماد نتيجتها بصعود السنغال إلى نهائيات كأس العالم التى ستقام نهاية هذا العام فى العاصمة القطرية الدوحة، بل وستلعب السنغال مباراة الافتتاح.
الفيفا قرر تغريم منتخب السنغال ١٨٠ ألف دولار أمريكى، وخوض مباراة من دون جمهور، كما تم تغريم المنتخب المصرى ستة آلاف فرنك سويسرى بسبب سوء السلوك.
المتابع لقرارات الفيفا سيكتشف أنه غرم عشرات الفرق بسبب مخالفات وقعت خلال المباريات المؤهلة لنهائيات كأس العالم ومنها الجزائر التى كانت تأمل أيضا إعادة مباراتها مع الكاميرون التى انتهت نهاية درامية لصالح الكاميرون فى الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع فى الجزائر.
الفيفا غرم أيضا نيجيريا والمغرب ولبنان وإيران وتشيلى وكولومبيا والهندوراس والسلفادور.
المنتخب السنغالى وجماهيره ارتكبوا أخطاء متعددة خلال المباراة، وانتهكوا قواعد السلام والحفاظ على النظام فى الاستاد الذى أقيمت عليه المباراة، وإلقاء الجماهير لمقذوفات واستخدام الليزر والقنابل الدخانية فى المدرجات، ورفع لافتات مسيئة ضد لاعبى مصر خصوصا محمد صلاح.
وحتى هذه اللحظة أتمنى أن ننجح فى الاستئناف المقدم للمحكمة الرياضية العليا، رغم إدراكى أنه مستحيل.
وكمصرى كنت أتمنى اعتماد فوز فريقنا مباشرة أو على الأقل إعادة المباراة فى أجواء رياضية، لكن كنت أدرك فى قرارة نفسى أن ذلك صعب للغاية، فما حدث من منتخب وجماهير السنغال خاطئ جدا ومعيب، ولكنه تكرر من عشرات المنتخبات قبل ذلك، من دون أن يدفع الفيفا لاعتبار ذلك كافيا لإعادة المباراة، مثلما حدث حينما تم الحكم علينا بإعادة مباراة مع زيمبابوى فى ١٥ أبريل ١٩٩٣ فى ليون الفرنسية بسبب الطوبة الشهيرة التى أصابت مدرب زيمبابوى خلال المباراة الحاسمة مع مصر فى ٢٨ فبراير ١٩٩٣. وكان هذا هو القرار الأول والأخير بإعادة مباراة حيث انتهت مباراة الإعادة بالتعادل السلبى لتصعد زيمبابوى إلى المباراة الفاصلة.
كل ما سبق قابل للجدل والنقاش، لكن ما أراه خاطئا وخطيرا هو لجوء بعض وسائل الإعلام المصرية وبعض مسئولى اتحاد الكرة إلى تخدير الجماهير والإيحاء عبر تصريحات متعددة بإمكانية ليس فقط إعادة المباراة، ولكن اعتماد فوز مصر مباشرة بالمباراة وهو أمر غريب، ولا نعرف على ماذا استند إليه أصحابه؟!
والأغرب أن هناك مسئولين كبارا فى المنظومة الرياضية شاركوا فى عملية التخدير، وهم يعلمون تمام العلم أن فرص إعادة المباراة تكاد تكون مستحيلة فلماذا فعلوا ذلك؟!
ظنى أن السبب هو حيلة دفاعية لكى يبرروا تقصيرهم الفادح فى إعداد المنتخب المصرى بطريقة صحيحة تضمن صعوده بالعرق والجهد والمهارة، وليس بالقرارات الإدارية.
صحيح أن المنتخب المصرى قدّم كل ما يستطيع ليس فقط خلال المباراتين، ولكن خلال المباراة النهائية ضد منتخب السنغال فى نهائى بطولة أمم إفريقيا، ولكن غالبية خبراء الكرة يكادون يجمعون على أن المنتخب السنغالى كان الأفضل بدنيا وفنيا وأنه استحق الفوز بجدارة.
ثم إنه لو وفّق المنتخب المصرى فى ضربات الترجيح سواء فى كأس العالم أو قبلها فى أمم إفريقيا، هل كنا سنلجأ وقتها إلى كل هذه التبريرات، أم كنا سنقول إننا فزنا رغم كل الصعوبات؟!
خطورة الشماعة التى رفعها بعض مسئولى الكرة المصرية أنها مدمرة، وتعفيهم من المحاسبة على تقصيرهم، ثم إنها ــ وهذا هو الأخطر ــ تعفى كل مسئول فى أى مجال من أى محاسبة طالما أن الشماعة جاهزة وهى العوامل الخارجية.
أتمنى أن يكون درس السنغال الأخير رادعا لعدم تكرار ما حدث، وأن يبذل كل مسئول الجهد الكافى فى مجال عمله، بدلا من ثقافة الشماعات والتبريرات، وهو الأمر الذى يزيد الجماهير إحباطا بدلا من مواجهة المشكلات.