بقلم : عماد الدين حسين
الذين رسبوا فى الثانوية العامة أو لم يحصلوا على مجموع جيد يلبى طموحاتهم ورغباتهم، لا يريدون أن يعترفوا أن جزءا كبيرا من المشكلة عندهم ولذلك يحلمون بمعجزة ــ لن تحدث ــ تعيد الأمور إلى ما كانت عليه فى السنوات الماضية. والدليل على صحة كلامى، أن هناك آلاف الذين نجحوا بتفوق فى ظل كل المعوقات والمشاكل الموجودة.
فى الأيام الماضية حاول بعض الراسبين أو المتعثرين التظاهر أمام وزارة التربية والتعليم احتجاجا على الرسوب أو المجاميع الضعيفة، الأمر الذى أدى إلى تشديد الحراسة على الوزارة، بل ومنع المرور فى العديد من الشوارع المحيطة بها، مما جعل سكان المنطقة يعيشون أوقاتا صعبة.
طبقا للبيانات الرسمية فإن إجمالى طلاب الثانوية العامة لهذا العام ٢٠ ــ ٢١ بلغ حوالى ٦٤٩٫٣٨٧ ألف طالب، وأدى منهم الامتحان ٥٨٢ ألف طالب، ولا أعرف هل يعقل أن أكثر من ٦٧ ألف طالب تخلفوا عن حضور الامتحان أم أن هناك خطأ فى البيانات؟
الذين نجحوا ٤٢٨٫٧٠٠ ألف طالب بنسبة ٧٤٪، والذين رسبوا ١٥٣٫٣٩٦ ألف طالب، بنسبة ٢٦٪، ولو جمعنا الرقمين معا أى الناجحين والراسبين فإن النتيجة ستكون ٥٨٢ ألف تقريبا. وهناك أكثر من 215 ألف طالب تقدموا بتظلمات، ما بين راسب فى مادة أو أكثر أو نجح، لكنه حصل على مجموع يظنه غير عادل، وتظلمات الفئة الأخيرة وصلت لأكثر من 118 ألف طالب.
حاولت الوصول إلى حقيقة الأرقام، بشأن الراسبين وما فهمته أن الطلاب الراسبين يريدون أن تتاح لهم فرصة لتحسين المجموع لكن ذلك مستحيل، لأنه مخالف للقانون.
والدكتور طارق شوقى وزير التعليم قال يوم الخميس ١٩ أغسطس أن المادة ٢٨ من قانون التعليم رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١، تنص على أن لكل طالب رسب بالدور الأول فى مادة أو اثنتين على الأكثر، أن يتقدم لإعادة الامتحان بالدور الثانى، فيما رسب فيه، بحيث لا يحصل فى المواد الراسب فيها على أكثر من ٥٠٪، من النهاية الكبرى للمادة. ويجوز له إعادة التقدم للامتحان لمرة واحدة فقط، يتم بعدها التقدم للامتحان من الخارج برسم قدره ٢٠٠ جنيه ولمدة عامين فقط.
طبقا لوزير التعليم فإن امتحانات الدور الثانى سيخوضها ١٦٠ ألف طالب، أى الذين رسبوا فى مادة أو مادتين على الأكثر. أما الراسب فى أكثر من مادتين فسوف يعيد السنة فى مواد الرسوب فقط.
وأظن أن التباين فى عدد الراسبين ربما يكون سببه أن البعض يخلط بين من رسبوا فى مادة أو اثنتين فقط، وبين من رسبوا فى ثلاث مواد وأكثر.
الوزير طارق شوقى قال إنه ليس فى وسعه أن يعيد تحسين المجموع، لأن القانون تم رفضه فى مجلس الشيوخ، وسيعاد تقديمه ربما قريبا بعد استبعاد البنود، التى أثارت ضجة. لكن هذا البند لم يكن منفردا بل فى إطار عام من تصور الوزير لتطوير الثانوية العامة.
السؤال ما الذى حدث وجعل العديد من الراسبين يحتجون ويحلمون بمعجزة تحولهم إلى ناجحين، رغم ظهور النتيجة؟
أولا: هناك حق قانونى لأى طالب أن يتقدم بتظلم ويطالب بإعادة التصحيح، وواجب على وزارة التعليم أن تكون شديدة الوضوح والشفافية فى عملية التصحيح بما يقطع الطريق على أى شكوك. وأحد خبراء التعليم قال لى إنه يعتقد أن فرص الاستجابة لهذه التظلمات، ستكون قليلة بسبب أن التصحيح كان إلكترونيا، والإجابات معظمها «اختيار من متعدد»، وبالتالى فإن فرص الخطأ البشرى فى التصحيح تكون قليلة.
كل ما سبق يبدو تقليديا، لكن السؤال الأساسى، لماذا كل هذا الغضب من النتيجة؟!
ظنى أن الغضب مفهوم إلى حد ما، لأن الطلاب تعودوها على طريقة ومنهج وسيستم يقوم على فلسفة المجاميع الكبيرة التى كانت تتجاوز المائة بالمائة بعد إضافة درجات القدرات. والسبب الأساسى الثانى أن الأسئلة صارت أكثر صعوبة، وتراعى كل المستويات، خصوصا المتفوقين. وبالتالى فإن الذى يدفع الثمن فى هذه العملية هم الطلاب ذوو المستوى المنخفض دراسيا، وبهذا المعنى فإن من كان يحصل على ٦٠٪ العام الماضى، هبط مجموعه ليصل إلى المستوى الحقيقى، وهو ٥٠٪ أو ربما الرسوب.
هذه النوعية من الطلاب كانت تلتحق بالمعاهد المتوسطة نظام السنتين، أو يدخل كلية ما فى جامعة خاصة بمصاريف باهظة، ثم فوجئوا بأن العملية اختلفت بأكملها. وهنا كانت المفاجأة أو الصدمة، التى قادت إلى الاحتجاج والغضب.