بقلم: عماد الدين حسين
صباح يوم الخميس قبل الماضى التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى مع عدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية وكبار مقدمى البرامج التليفزيونية عقب إطلاقه إشارة بدء موسم حصاد القمح فى توشكى.
قبل أيام تحدثت عن الجزء المتعلق بـ«الحوار السياسى»، لكن من المهم الإشارة إلى أن الجانب الأكبر من الأسئلة فى اللقاء، وبالتالى الإجابات كانت تتعلق بالقضايا الاقتصادية وهو الأمر الذى أعاد الرئيس التأكيد عليه خلال إفطار الأسرة المصرية مساء الثلاثاء الماضى.
غالبية الأسئلة كانت تدور حول ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية، وما هو تصور الرئيس للمستقبل، وهل هناك مواعيد محددة لنهاية هذه الأزمة أم أنها تتعلق بظروف وأوضاع خارجية ليس لنا دخل كبير فيها؟
إجابات الرئيس عن هذه الأسئلة استغرقت الجانب الأكبر من اللقاء، وقال الرئيس إنه سيجيب عن الأسئلة مرة واحدة لكى تكون سياقا عاما وشاملا.
بالطبع الصحفيون دائما، وهذا من طبيعة عملهم، يريدون الحصول على إجابات تصلح عناوبن ساخنة لأسئلة يرونها ملحة، والمصدر، وهو هنا رئيس الجمهورية، يريد أن يناقش القضايا بصورة شاملة؛ لأن نزعها من سياقها يفقدها مضمونها.
وبالتالى ومن وجهة نظر الرئيس فلا يصح الحديث عن القضايا الاقتصادية الملحة الآن، من دون العودة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦، وحتى عندما نتحدث عن هذا البرنامج، فلابد من العودة للتداعيات الاقتصادية التى نتجت عن ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، طبقا لما قاله الرئيس فى بداية كلامه.
الرئيس خلال ردوده على أسئلتنا قال إن الإصلاح الاقتصادى جعل الدولة أكثر قدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية المختلفة، وإن مصر دفعت ثمنا قاسيا عندما بدأنا خطة الإصلاح الاقتصادى، ولولا هذا الإصلاح لكانت الأوضاع أكثر صعوبة، وما شهدنا معدلات النمو الإيجابية خلال أزمة فيروس كورونا، وهو أمر كان نادرا فى المنطقة والعالم، بل إن النمو الاقتصادى فى الربع الأول من هذا العام المالى بلغ ٩٪ قبل أن تندلع أزمة أوكرانيا مباشرة.
الرئيس تحدث بصورة موسعة عن الزيادة السكانية، وقال إننا نسابق الزمن لتقليل الفجوة الحاصلة ما بين النمو الاقتصادى للدولة والنمو السكانى للمواطنين؛ لأنه من دون ذلك لن يشعر المواطنون بثمار ونتائج الإصلاح الاقتصادى.
تحدث الرئيس باستفاضة عن أن الدولة تعالج جميع القضايا من منظور شامل عكس ما كان فى السابق، حينما كان يتم التركيز على قضايا دون غيرها. على سبيل المثال فإن سلاسل توريد وتخزين القمح لم تكن كافية، وشيدنا صوامع لتستوعب ٣٫٥ مليون طن قمح، وحرصنا من عام ٢٠١٧ على ألا يقل احتياطى السلع الاستراتيجية، عن ٦ شهور.
الرئيس قال إننا تأثرنا بالفعل بالأزمة الأوكرانية، ومؤسسات التمويل الدولية قالت إن غالبية دول العالم تأثرت فما الذى يجعلنا لا نتأثر، ورغم ذلك تمكنا من الصمود وامتصاص الصدمات، بل وعدم تأجيل مبادرة حياة كريمة، التى تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية لنحو ٦٠ مليون مواطن فى الريف.
الرئيس قال إن الأزمة الاقتصادية بدأت عقب ثورة ٢٥ يناير، والتداعيات الكثيرة التى عن نتجت عنها. مثلا مصر فقدت الجانب الأكبر من الاحتياطى بالنقد الأجنبى حينما هبط من ٣٦ مليار دولار إلى نحو ١٤ مليار دولار، ولم يبقَ فعليا فى هذا الاحتياطى إلا الأصول العينية، كما تم تعيين نحو مليون مواطن فى هذا الوقت، من أجل تهدئة خواطر الناس، فى حين أن الاقتصاد لم يكن يحتاج هذه التعيينات.
الرئيس قال إن تعداد سكان مصر فى هذا التوقيت كان نحو ٧٧ ــ ٨٠ مليون مواطن، الآن ارتفع العدد إلى ١٠٤ ملايين، وبالتالى لا يسأل كثيرون كيف ستدبر الدولة احتياجات عشرين مليون مواطن جديد، فى حين أن مواردها لم تزد بنفس القدر.
الرئيس قال إنه كان دائما صريحا ومباشرا وصارح المصريين بالحقائق أولا بأول، وقبل أن يعلن ترشحه للمرة الأولى قال للناس حقيقة وضع الاقتصاد، وبالتالى هو لم يخدع الناس، ولم يقدم لهم وعودا وهمية، ورغم كل الصعوبات التى تحدث عنها الرئيس السيسى فإن رسالته الأساسية خلال اللقاء هى أنه وإذا كانت التحديات أكبر من أى رئيس أو حكومة، لكنها ليست أكبر من شعب مصر، وبالتالى فهو واثق أننا سنمر من هذه الأزمة مثلما مررنا قبلها من العديد من الأزمات.