بقلم: عماد الدين حسين
عصر يوم الثلاثاء الماضى اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى مجموعة من القرارات شديدة الأهمية، أظن أنها سوف تجد صدى شعبيا جيدا، وستخفف إلى حد ما من المصاعب المعيشية التى يواجهها عدد كبير من المواطنين.
الرئيس وبعد اجتماعه مع رئيس الوزراء
د.مصطفى مدبولى ووزير المالية محمد معيط ونائبيه أحمد كجوك وإيهاب أبوعيش وجه برفع الحد الأدنى للأجور من ٢٤٠٠ جنيه إلى ٢٧٠٠ جنيه، كما وجه بإقرار علاوتين بتكلفة ٨ مليارات جنيه، الأولى للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة ٤٪ من الأجر الوظيفى، والثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة ١٣٪ من المرتب الأساسى، وزيادة الحافز الإضافى للمخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، بتكلفة تصل إلى ١٨ مليار جنيه.
وتعيين ٣٠ ألف مدرس سنويا لمدة ٥ سنوات، واعتماد حافز إضافى للمعلمين بقطاع التعليم ليصل إجماليه إلى ٣٫١ مليار جنيه، وتخصيص ١٫٥ مليار جنيه لتمويل حافز الجودة الإضافى لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية، وضم تخصصات طب الأسنان والعلاج الطبيعى والتمريض إلى قرار مكافأة أطباء الامتياز خلال فترة التدريب.
هذه هى أهم القرارات أو التوجيهات التى أصدرها الرئيس السيسى الأسبوع الماضى، وظنى أن كل قرار على حدة مهم فى حد ذاته، لأنه ببساطة يلبى مطالب أو جزءا من مطالب شريحة معتبرة من المواطنين، ويحتاج إلى شرح وتحليل وتناول مستقل ومفصل.
ومن أسف أن هناك فئة لا يعجبها العجب، هى كانت تنتقد الظروف المعيشية الصعبة لعدد كبير من المواطنين، ولها كل الحق فى ذلك، لأن برنامج الإصلاح الاقتصادى كان شديد القسوة عليهم وجعل عددا كبيرا منهم يعانى بشدة بصورة أو بأخرى.
هؤلاء المنتقدون كانوا يطالبون الحكومة ــ ومعهم كل الحق ــ بأن تتخذ إجراءات وقرارات للتخفيف على المواطنين المتأثرين ببرنامج الإصلاح.
هذه الفئة أيضا كانت تنتقد الحكومة مرارا وتكرارا ــ ومعها بعض الحق ــ بسبب الرسوم المختلفة التى أرهقت كاهل المواطنين فى الشهور الأخيرة.
الآن فإن الحكومة استجابت ــ ولو بصورة جزئية ــ لبعض مطالب هؤلاء المنتقدين، واتخذت بعض الإجراءات التى كانوا يطالبون بها. وأظن أنه واجب على هذه الأصوات الناقدة أو الناقمة أن ترحب بهذه الإجراءات، لأنها فى النهاية خطوة إيجابية.
سيقول بعض هؤلاء ــ وليس لهم أى حق فى ذلك ــ إن غلاء الأسعار أكبر بكثير من هذه الإجراءات، التى قد يتم التهامها فى إجراءات لاحقة، مثل زيادة أسعار سلع وخدمات أخرى خصوصا الوقود أو رفع بعض أنواع الدعم.
قد يحدث هذا بالطبع، لكن النقطة الجوهرية هى أنه لا توجد أية حكومة فى العالم يمكنها أن تحل مشاكل متراكمة بقرار واحد وفى وقت واحد.
النقطة المحورية أن المنتقدين كانوا يلومون الحكومة على بعض سياساتها ــ وربما يكون لهم الحق فى ذلك ــ وبالتالى حينما تقوم هذه الحكومة باتخاذ إجراءات لإصلاح هذه السياسات، أو تحسين معيشة الناس، وجب أن نشجعها على ذلك، لأن هذا التوجه سوف يقنعها أن المعارضين لها يتسمون بالموضوعية ويختلفون معها فى السياسات، وليس «عمال على بطال، ومن باب جر الشكل فقط»، وأنها حينما تتخذ قرارات تصب فى صالح المواطنين، يحق لها أن تتلقى بعض التشجيع.
هل قرارات الحكومة الأخيرة سوف تحل كل مشاكل المواطنين خصوصا غلاء الأسعار؟ الإجابة هى لا بالطبع، لكن حينما تتخذ الحكومة إجراءات تساعد فى حل بعض المشاكل، فإنه من المفيد شكرها وطلب المزيد، وليس التقليل من هذه الإجراءات أو السخرية منها.
مرة أخرى أوضاع العديد من الدول ومنها مصر لا تخفى على أحد، فى ظل عجز موارد كبير، وجهاز إدارى مثقل بالمشاكل والأزمات وقلة الكفاءة، وفساد متغلغل منذ عقود، وبالتالى فإن الإصلاح الشامل سوف يستغرق وقتا.
كلماتى السابقة كلها موجهة للمعارضين الوطنيين وليست موجهة بالمرة للمتربصين الذين ارتموا فى أحضان كل الشياطين، ولن يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب أو حتى فى أى شهر من الشهور!