بقلم: عماد الدين حسين
ما الذى يفترض أن يعنيه إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية صباح يوم الإثنين الماضى فى العاصمة الإدارية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والعديد من كبار المسئولين؟
المفترض أن قطار معالجة أزمة الزيادة السكانية قد انطلق، لكن أظن أن الشىء الجيد الذى استمعت إليه صباح يوم الإطلاق خلال جلسة الحوار النقاشية على المنصة الرئيسية بالعاصمة الإدارية، هى أن الحكومة بدأت تتحدث عن الحوافز والإغراءات بدلا من أن تبدأ الحديث بالعقوبات والخصومات.
نعرف أن هناك تهديدات متنوعة، صدرت فى الشهور الأخيرة تلوح بأن من لن يلتزم بتنظيم الأسرة فسوف يتم حرمانه من جميع أنواع الدعم من أول الرغيف حتى السلع التموينية، بل كان هناك من اقترح حرمانه من التعليم والعلاج المجانى. ولو حدث ذلك لكان خطأً وخطرا كبيرا خصوصا فيما يتعلق بالتعليم، لأننا فى هذه الحالة كأننا نسلم أجيالنا الجديدة إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة، أو العاطلين المدمنين الجهلاء.
قضية مواجهة الزيادة السكانية لابد أن تكون قضية كل الدولة بأجهزتها ومؤسساتها العامة والخاصة والمجتمع المدنى. طبعا من المهم أن تكون هناك جهة واضحة صاحبة قرار تنسق مع بقية الجهات.
فى الكلمات التى استمعت إليها فإن الجميع أكد أهمية القضية وضرورة مواجهة مشكلة الزيادة السكانية.
الدكتور مدبولى قال إننا نواجه تحديات صعبة بسبب الزيادة السكانية، والدكتورة نيفين القباج قالت إنه كلما زاد الدور الإنتاجى للمرأة قل معدل الإنجاب، وإن هناك ١٢٠ فرصة عمل سنويا من برنامج «مستورة» و«تنمية المرأة الريفية»، وتقديم حوافز لأمهات أطفال المدارس، وهناك ثلاثة محاور للتأثير المباشر على السلوك السكانى واتجاهات الأسر نحو الإنجاب من خلال التأثير على القوى الاقتصادية ثم على القوى الناعمة بتقديم حوافز إيجابية أو الحرمان منها، ثم تصحيح المفاهيم الخاطئة، إضافة لوجود مبادرات لمحو الأمية خصوصا لدى الأميات الريفيات.
الدكتورة هالة السعيد تحدثت عن ضرورة ضبط النمو السكانى، ومعها الارتقاء بخصائص السكان. الدكتور خالد عبدالغفار القائم بعمل وزير الصحة كشف عن أن الدولة نفذت ١٢ مبادرة رئاسية فى آخر ٤ سنوات لتحسين الحياة الصحية للمواطنين، وأن هناك ٥٤٠٠ وحدة رعاية صحية أولية منتشرة فى جميع المحافظات، وأن مراكز تنظيم الأسرة تقدم جميع الوسائل لمن يطلبها، وأن ميزانية وزارة الصحة زادت من ٣٢ مليار جنيه قبل عام ٢٠١٣ إلى ١٠٨ مليارات هذا العام بزيادة ٣٠٠٪، لكن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى وخلال مداخلاته قال إننا إذا كنا نملك الآن ٥٠٠ مستشفى، فنحن نحتاج لمثلها حتى نواكب الزيادة السكانية.
خلال النقاشات استمعت لمفاهيم جديدة وهى الترغيب أولا وليس الترهيب. من أمثلة ذلك دعم الأم المتعلمة التى تتزوج فى السن القانونية، وتنجب أطفالا أقل يذهبون إلى المدارس ولا يتسربون من التعليم. وهذه نقطة جوهرية لابد أن تصل إلى الجمهور المستهدف خصوصا فى الريف والمناطق الشعبية.
نفس هذه الفكرة تحدثت عنها الدكتورة مايا مرسى بأن تمكين المرأة والاستثمار فى الفتيات هما أساس ضبط النمو السكانى، وعلينا ألا نضع العبء الخاص بالزيادة على المرأة لأنها جزء من المجتمع.
التمكين يتمثل فى ضرورة استمرار المرأة فى التعليم وتنمية مهاراتها التى يمكن أن تساعدها على خلق فرص عمل. وحمايتها فى القطاع الخاص حتى لا تخرج منه، خصوصا أن المرأة تشغل ثلث الوظائف فقط مقابل الرجل. والأهم الحفاظ على الرعاية الصحية للمرأة، وكذلك الصحة الإنجابية والقضاء على الزواج المبكر أو العنف ضد المرأة.
مايا مرسى كشفت عن مبادرة مهمة لتدريب عشرة آلاف قيادة دينية فى كل المحافظات للتوعية والتثقيف للمرأة والمجتمع بشأن الزيادة السكانية بالتعاون مع كل قوى المجتمع من الحكومة إلى المسجد والكنيسة والمجتمع المدنى.
الرئيس السيسى قال أيضا إن الدولة قدمت للمواطنين برنامجا للصحة الإنجابية، حتى يطمئنوا على ظروفهم الصحية قبل الزواج، لكن للأسف فإن البعض كان يغش فى هذا الكشف المبكر.
يوم الإثنين الماضى تحدث الرئيس عن العديد من القضايا المهمة والمتراكمة التى تتعلق بالصحة والتعليم والقيم وصولا إلى معالجة الانفجار السكانى، وهى قضايا تحتاج لنقاشات موضوعية لاحقة إن شاء الله.