بقلم : عماد الدين حسين
هل تراجع اهتمام بعضنا بفيروس كورونا، بحكم أننا تعودنا عليه، أم لاعتقاد البعض أنه اختفى، أو فى طريقه للاختفاء؟!
أطرح هذا السؤال لأننى شخصيا كنت دائم تصفح إحصائيات انتشار كورونا دوليا أكثر من مرة يوميا، خلال الشهور الأولى من انتشار الفيروس.
هل تتذكرون تلك الأيام حينما ظلت الصين فى المركز الأول فى عدد الإصابات والوفيات بأكثر من ٨٠ ألف إصابة، ثم تجمد هذا العدد، وثبت طوال أكثر من عام ونصف العام ولم يزد حتى الأسبوع الماضى عن ٩٤٫٥ ألف إصابة و٢٨٢٤ وفاة، رغم أنها بلد منشأ الفيروس. الصين حققت معجزة فعلية حينما تمكنت من محاصرة هذا الفيروس.
فى حين صارت الولايات المتحدة فى المركز الأول من حيث عدد الإصابات «٣٨ مليونا» و٦٤٣ ألف وفاة، وبعدها الهند ٣٢ مليون إصابة، والبرازيل ٢٠ مليون إصابة وروسيا ٦٫٧ مليون إصابة، وفرنسا ٦٫٥ مليون إصابة.
الآن يندر أن أعود إلى هذه الإحصائيات لأنها لم تعد خبرا، وعدت إليها فقط يوم الجمعة الماضى، لأتأكد من صحة الأرقام، وفوجئت مثلا أن عدد الإصابات المعلنة رسميا فى دول مثل أوغندا وغانا وناميبيا وموزمبيق وزامبيا، صارت أعلى من الصين.
الأعداد فى مصر طبقا لما هو منشور رسميا، أى ما يصل من الحكومة إلى منظمة الصحة العالمية هو ٢٨٥ ألف إصابة شفى منهم ٢٣٥ ألفا، ووفاة ١٦٫٤ ألف مصاب. فى حين أن إجمالى الإصابات حتى يوم الجمعة الماضى على مستوى العالم وصل إلى ٢١١ مليون شخص، وعدد الوفيات ٤٫٤ مليون شخص، وعدد المتعافين يقترب من ١٨٩ مليون شخص.
من وجهة نظرى فإن الأرقام رغم ضخامتها لكنها فقدت بريقها، وصار الناس يتعاملون معها بصورة عادية، مثل عدد ضحايا المعارك والحروب.
فى الأيام الأولى نحزن ونتحدث عن كل ضحية على حدة، عن حياته وأولاده وكيف أصيب وماذا كان ينوى أن يفعل فى المستقبل.
شىء من هذا حدث بالضط مع ضحايا كورونا سواء كانوا مصابين أو متوفين؟
هل تتذكرون كيف كان الإعلام يتعامل مع أوائل المصابين بكورونا، وخصوصا السائحين الذين كانوا فى باخرة سياحية فى الأقصر، أو الموظف الصينى الذى كان يعمل فى سيتى ستارز، وكيف تابع الإعلام عملية نقلهم وعلاجهم فى مركز العزل الأول والوحيد فى النجيلة بمحافظة مطروح؟!
هذا الفضول كان موجودا فى كل بلدان العالم تقريبا التى ابتليت بهذا الفيروس، الذى قلب حياة العالم بأكمله رأسا على عقب، لكن استمرار الفيروس فى الفتك بالناس جعل معظمهم يتعاملون معه باعتباره واقعا لا يمكن الفكاك منه. الفارق الجوهرى أن بعض الناس يتعامل معه بأنه خطر طوال الوقت، وينبغى الاحتراز والاحتراس منه، وقسم ثان هو الأكبر، صار يتعامل معه باستهتار غريب، وكأنه اختفى أو بلا خطورة تذكر!.
من الواضح أن الطبيعة الإنسانية فى كل مكان تكره اتباع الإجراءات الاحترازية خصوصا الكمامة، ورأينا مظاهرات واحتجاجات فى العديد من دول العالم المتقدمة ضد هذه الإجراءات بحجة أنها قيود تنتهك خصوصية الناس وحرياتهم الفردية والشخصية.
لكن الفارق مرة أخرى هو أن الالتزام بالتعليمات يبدو قويا فى البلدان المتقدمة، والعكس صحيح فى البلدان النامية. رغم أن البعض يشكك فى هذه الخلاصة، استنادا إلى أن العدد الأكبر من الإصابات موجود فى الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، أو دول أقرب للمتقدمة مثل الهند والبرازيل والأرجنتين والمكسيك وجنوب أفريقيا وماليزيا.
ما يهمنا فى كل الأحوال أن نكون حريصين فى مصر، حتى لا ندخل فى موجات إصابات عاتية مثل تلك التى تحدث فى العديد من بلدان العالم، والحمد لله أننا نجونا من معظمها لأسباب لا نعلمها تفصيلا حتى الآن. والحمد لله أكثر أن الدولة تمكنت أخيرا من توفير ملايين الجرعات من اللقاحات المختلفة، وسيتم تطعيم كل الموظفين والمعلمين والعاملين فى التعليم وطلاب الجامعات قبل بداية أكتوبر المقبل، بما يؤدى إلى تقليل مخاطر الفيروس.