بقلم: عماد الدين حسين
مساء الأحد الماضى كنت ضيفا على الزميلين خيرى رمضان وكريمة عوض فى برنامج «حديث القاهرة» بصحبة الزميلين محمد سعد عبدالحفيظ وخالد داوود.
موضوع الحوار كان عن الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ويحسب لهذا البرنامج أنه كان أول برنامج تليفزيونى يناقش الموضوع بمجرد عودته من الإجازة، ويستضيف العديد من رموز المعارضة المصرية.
نقاش الأحد الماضى كان موضوعيا وطرح العديد من الأفكار، وأكرر دائما أن الإعلام المصرى هو أكثر المستفيدين حتى الآن من هذا الحوار لأنه صار يمتلك هامشا أكبر من الحرية، والتى سوف يستفيد منها المجتمع بأكمله إذا أحسنا إدارة الحوار وإنجاحه، إن شاء الله.
فى إجابتى على سؤال ما الذى أتمناه للحوار الوطنى قلت بوضوح إننى أتمنى أن يتوصل هذا الحوار فى نتائجه النهائية إلى إعادة إحياء تحالف ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الذى أسقط حكم الإخوان، وأنقذ مصر من مصير مظلم مثلما حدث للعديد من البلدان التى ابتليت بفيروس التطرف، والتجارة بالدين الإسلامى الحنيف والعظيم.
فى تقديرى وتقدير آخرين أن إحياء هذا التحالف ما يزال صالحا وقادرا إلى حد ما على التصدى لغالبية التحديات والصعوبات والمشكلات التى تواجه مصر.
لا نريد الدخول فى جدل لماذا تعثر هذا التحالف، ولماذا انهار، ولماذا اشتبك أصحابه فى معارك طاحنة طوال السنوات الماضية. السياسة لا تعرف الجمود والتصلب، لكنها يفترض أنها شديدة المرونة، طالما أنها كانت قادرة على تحقيق الأهداف.
نتذكر أن تحالف ٣٠ يونيو الذى تشكل عقب إصدار جماعة الإخوان الإعلان الدستورى فى ٢١ نوفمبر ٢٠١٢، وهو الأمر الذى رأته مختلف القوى السياسية انقلابا مكشوفا على القانون والدستور وتأميما للحياة السياسية ومحاولة لأخونة البلد والمنطقة بأكملها.
هذا التحالف هو الذى لعب الدور الأكبر مع قوى أخرى كثيرة فى إنجاح ثورة ٣٠ يونيو، بل إنه كان أحد الأسباب التى جعلت العالم الخارجى يتعامل مع ٣٠ يونيو باعتبارها ثورة شعبية أصيلة، وليست انقلابا كما زعمت جماعة الإخوان، أو بعض القوى الإقليمية والدولية المؤيدة لها.
بالطبع المشهد السياسى المصرى والإقليمى والدولى تغير بصورة كبيرة منذ ٣٠ يونيو، وجرت فى النهر مياه كثيرة فى كل الاتجاهات، لكن المؤكد أن الشارع المصرى يحتاج إلى أكبر قدر ممكن من التوافق الوطنى، فى ظل التداعيات الكثيرة التى نتجت عن انتشار فيروس كورونا، ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرات الأخيرة على مصر شديدة الوطأة، بحكم أننا نستورد معظم غذائنا ودوائنا وأسلحتنا من الخارج، ثم إن ارتفاع أسعار البترول إلى ما فوق حاجز المائة دولار يكبدنا وسيكبدنا الكثير، وهذا الاعتماد المبالغ فيه على الخارج والتضخم المستمر بفعل ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، يضغط بقوة على اقتصادنا. وعلى الظروف المعيشية لغالبية المواطنين، خصوصا الطبقة الوسطى والفقيرة وبالتالى فنحن فى أشد الحاجة إلى التوافق الوطنى بين غالبية القوى السياسية لكى نمر من هذه الأزمات بأقل قدر من الأضرار.
حينما أتحدث عن التوافق الوطنى، فلا أتحدث عن أشخاص أو زعماء أو أسماء بعينها، بل عن مفهوم أوسع مما كان الأمر عليه فى ٣٠ يونيو، أى يتجاوز القوى السياسية إلى القوى الاقتصادية والاجتماعية الحية والفاعلة فى المجتمع الآن، من إضراب ونقابات وهيئات ومؤسسات ومجتمع مدنى وغرف تجارية وصناعية ومستثمرين ورجال أعمال وفلاحين وعمال.
إعادة الروح لهذا التحالف سيؤدى إلى نتائج كثيرة أهمها التوصل إلى برنامج عمل وطنى شامل لمواجهة التحديات المقبلة، وثانيا قطع الطريق نهائيا على كل قوى التطرف والعنف والإرهاب، لأنها سوف تفقد كل المتعاطفين معها أو المختلفين سابقا مع النظام.
ثم إن هذا التحالف سيقطع الطريق على القوى الخارجية المتربصة والتى تحاول استمرار وإدامة التوتر وعدم الاستقرار فى مصر.
مرة أخرى أتمنى مخلصا أن ينجح الحوار الوطنى فى مصر حتى نستطيع أن نمر من هذه الفترة الصعبة ونحافظ على الإنجازات الكثيرة التى تحققت فى البلاد منذ عام ٢٠١٤ وحتى الآن.