توقيت القاهرة المحلي 12:59:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل كل حدث وراءه مؤامرة؟

  مصر اليوم -

هل كل حدث وراءه مؤامرة

بقلم: عماد الدين حسين

أعرف بعض الناس لا يؤمنون إلا بنظرية المؤامرة فى كل شىء وأى شىء، ولا يؤمنون إطلاقا بأن هناك أحداثا تقع من دون تخطيط أو تآمر مسبق.

هذا الفريق يرفع شعار «بص شوف العصفورة فين»!
هذا الفريق لا يؤمن بتطبيق هذه النظرية على الأحداث والوقائع التى تدور فى مصر فقط، ولكن يطبقها على غالبية الأحداث فى العالم أجمع، وبالتالى فالنقاش مع مثل هذه النوعية من البشر شديد الإجهاد ويدفعك إلى أن تتخذ قرارا بألا تناقشهم أو تجادلهم أبدا طالما أنهم يؤمنون فعلا بأن كل حدث هو نتيجة مؤامرة.
ذات يوم ناقشت أحد هؤلاء ورأى مثلا لو أن الحكومة نظمت مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فالهدف ليس الارتقاء بالفن وتعظيم قوتنا الناعمة، بل لصرف أنظار الناس عن قضاياهم الحقيقية، ولو أن قضية تفجرت مثل معلمة المنصورة التى تم تصويرها ترقص فى حفلة نيلية، أو أن فتاة انتحرت لأن مجموعة من الناس ابتزوها بصورة مفبركة، فالهدف هو أيضا صرف انتباه الناس عن قضاياهم الملحة. ولو أن الأهلى لعب مع الزمالك فالهدف ليس التنافس فى الدورى أو الكأس ولكن تشتيت انتباه الناس إلى قضايا هامشية.
معظم القضايا التى تثار فى وسائل الإعلام وتشغل الناس هى فى وجهة نظر هذا الفريق مفبركة لإلهاء الناس. وبالتالى فليس هناك أى أحداث طبيعية، بل كلها مصنوعة من طرف القوى الخفية.
قلت له: لو أن نظريتكم سليمة فمعنى ذلك أن هناك قوى خفية وشريرة تدير العالم بأكمله، طالما أنه لا توجد أحداث طبيعية.
وطبقا لهذه النظرية أيضا فإن الدولة أو الأجهزة فى كل بلد فى العالم مشغولة فقط باختلاق أحداث مختلفة طوال الوقت لجعل الناس لا تركز على قضاياها الحقيقية. ثم أنه لو صح ذلك التفسير فالمعنى أن موظفى أو مسئولى هذه البلدان يملكون قوى خفية وخارقة، بحيث إنهم قادرون طوال الوقت على اختراع أو فبركة الأحداث، أو حتى صناعة أحداث أخرى. وإذا صح ذلك فإن أى دولة ستكون بحاجة إلى مؤسسة أو وزارة كاملة تكون مهمتها صناعة وفبركة الأحداث، حتى تتمكن من إلهاء الناس طوال الوقت.
وإذا صدقنا هذه النظرية فإن الأجهزة الأمنية فى كل البلدان ستكون أسطورية لأنها تمتلك القدرة على اختلاق وتنظيم كل هذه الأحداث والأهم جعل الناس يصدقونها.
حينما يظهر فنان أو لاعب كرة أو أى شخصية عامة ويتحدث فى موضوع جدلى، فإن هذا الفريق يرى فيه مؤامرة هدفها تشتيت انتباه الناس عن الهموم والقضايا الحقيقية.
وبالتالى وطبقا لهذا التفسير فإن كل المعارك الخاصة بأغانى المهرجانات أو الجدل بشأن الأفلام التى تبثها شبكة نتفليكس وغيرها، هى أمور مفتعلة من قبل قوى خفية لإلهاء الناس.
الرد المنطقى والأساسى على أنصار هذه النظرية بسيط جدا وهو أن الناس فى كل مكان لا تنسى همومها ومشاكلها وقضاياها الحقيقية، مهما تكاثرت القضايا المفتعلة أو المصنوعة حولها.
سيقول البعض وهل معنى كلامك أنه لا يوجد دول وحكومات لا تختلق أحداثا أو معارك هامشية لتشتيت انتباه الناس؟!
الإجابة هناك دول تفعل ذلك، وسوف تظل تفعل ذلك، لكن الاستغراق فى تفسير كل شىء باعتباره ناتجا عن مؤامرة، هو أمر عبثى تماما، ويجعل صاحبه يعيش فى الأوهام ولا يرى الحقائق.
ليس معقولا أن كل طلاق أو جواز أو حادث أو مشكلة اخترعتها الحكومة لإلهاء الناس.
نعم هناك محاولات طوال الوقت من معظم حكومات العالم لصرف انتباه الناس عن القضايا الأساسية، لكن من قال إن الناس نست همومها وقضاياها؟!
طبقا للتجارب المختلفة فإن المواطن العادى يمكن أن ينشغل لبعض الوقت فى قضايا هامشية مثارة فى الإعلام أو التواصل الاجتماعى، لكنه فى النهاية يدرك أن هناك قضايا أخرى أساسية تشغله مثل عمله ودخله ومستقبل أولاده وصحتهم وتعليمهم.
وبالتالى على هؤلاء العائشين فى وهم المؤامرة طوال الوقت أن يفيقوا ويحاولوا فهم الواقع كما هو، وليس كما يتمنونه وعليهم أن يقرأوا بعناية الحكاية الشهيرة وجوهرها لا تتعمق أكثر من اللازم ولا تجهد عقلك فى أفكار خاطئة «لأن النسر العجوز لا يطير»!!!! وأرجو أن أعود إليها فى وقت لاحق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كل حدث وراءه مؤامرة هل كل حدث وراءه مؤامرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon