بقلم : عماد الدين حسين
هل سيصمد نظام آبى أحمد أمام المعارضة الإثيوبية المتنامية، خصوصا بعد إعلان تشكيل تحالف من ٩ قوى وجماعات سياسية وعسكرية لإسقاطه.
هذا السؤال مهم، خصوصا بعد الانتصارات العسكرية المتتالية لجبهة تحرير التيجراى بالتحالف مع جيش تحرير أورميا، وهو ما مكنها من السيطرة على مدينتين استراتيجيتين هما ديسى وكمبولتشا، بل وهناك تقارير تقول إن المعارضة سيطرت على مدينة تبعد ١٦٠ كيلومترا فقط شمال أديس أبابا.
نظريا فإن الجيش الاتحادى الإثيوبى يحتل المرتبة رقم ٦٦ فى ترتيب الجيوش العالمية طبقا للموقع الأمريكى «جلوبال فاير باور» بميزانية لا تزيد على ٥٢٠ مليون دولار. ومن بين ١٠٨ ملايين نسمة هم عدد سكان إثيوبيا، فإن هناك ٣٢ مليون شخص فى سن التجنيد، لكن عدد الجيش العامل ١٦٢ ألف عنصر، من دون قوات احتياطية.
القوات الجوية لديها ٩٢ طائرة حربية، منها ٢٤ مقاتلة وطائرة اعتراضية، و٩ للنقل و٢٦ للتدريب و٣٣ مروحية منها ٨ هجومية.
أما القوات البرية فلديها ٣٦٥ دبابة، و١٣٠ مدرعة و٦٥ مدفعا ذاتى الحركة و٤٨ مدفعا ميدانيا و١٨٠ راجمة صواريخ.
وبالطبع ليس لدى إثيوبيا قوات بحرية لأنها دولة حبيسة بلا سواحل.
وفى المقابل لا توجد إحصائيات وبيانات ومعلومات دقيقة عن القوة العسكرية للفصائل والحركات المعارضة لنظام آبى أحمد، وحينما حدثت المواجهة فى إقليم التيجراى فى نوفمبر من العام الماضى، تحدثت تقارير غير مؤكدة عن سيطرة جبهة تحرير التيجراى على أسلحة حديثة كثيرة جدا كانت موجودة فى الإقليم منذ الحرب الحدودية مع إرتيريا فى الفترة من «١٩٩٨ ــ ٢٠٠٠»، وأن هذه الأسلحة لعبت الدور الأكبر فى الهجوم المرتد الذى نفذته الجبهة، وتمكنت عبره من تحقيق انتصارات متتالية وطرد قوات آبى أحمد من الإقليم بل والتحرك عسكريا خارج الإقليم.
الجبهة التى تشكلت ضد نظام آبى أحمد متنوعة وتستغل حالة الغضب واسعة النطاق ضد أحمد، وسياساته التى ترى العديد من الأقاليم أنها تهمش دورها لصالح حكم مركزى قومى من أديس أبابا، فى حين أن دستور أوائل التسعينيات يعطى الأقاليم حرية حركة واسعة.
فى معارك من هذا النوع فإن ضخامة وحجم الأسلحة ورغم أهميتها إلا أنها ليست العامل الحاسم.
مرة أخرى لا يمكن الجزم بحجم ونوعية الأسلحة فى أيدى المعارضة، لكن هناك تقدير بأن الجزء الأكبر من هذه الأسلحة جاء من الجيش الإثيوبى نفسه خلال المعارك مع المعارضة.
بل هناك مخاوف كثيرة لدى نظام آبى أحمد من إمكانية انشقاق العديد من العناصر العسكرية والانضمام إلى التحالف الجديد على أساس عرقى.
قبل أيام قالت القوات المناوئة لنظام آبى أحمد إنها على بعد أسابيع أو شهور من دخول أديس أبابا، لكن المتحدث باسم جيش تحرير أورمو أودا تاربى قال لـ«سى إن إن» قبل أيام إن تقديره للوقت المتوقع لدخول العاصمة قائم على السرعة الحالية، التى تتقدم بها قواته جنوبا، لكنه أكد أن دخول أديس أبابا ليس هدفهم الأساسى، بل الدعوة لإسقاط آبى أحمد وتأسيس مؤتمر انتقال، إلى حين إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية تمثل جميع الأصوات.
كما أن دخول العاصمة، قائم على ما سيحدث إذا أجريت مفاوضات مع الحكومة، لتفادى نزاع عسكرى مباشر فى أديس أبابا المكتظة بالسكان.
نفس الكلام قاله بصورة مختلفة المتحدث باسم جبهة تحرير التيجراى جيتاشو رادا، حينما قال إن الهدف الأساسى لقواته فى اللحظة الراهنة ليس دخول العاصمة، بل كسر الحصار نهائيا على الإقليم، وفى نفس الوقت لم يستبعد مواصلة التقدم نحو أديس أبابا.
مرة أخرى فى مثل هذه المعارك فإن نتيجتها لا تتوقف فقط على ما يملكه هذا الطرف أو ذاك من أسلحة ومعدات بل بعوامل أخرى كثيرة منها الروح المعنوية ومدى تأييد السكان المحليين ودول الجوار والمجتمع الدولى.
ومن الواضح حتى الآن أن حكومة آبى أحمد خسرت تماما إقليم التيجراى. كما أن قومية الأورمو التى ينتمى إليها منقسمة بشأنه وبالتالى فان أحمد يعيش فعليا الآن أسوأ أيامه، وربما ذلك ما يفسر دعوته الجميع صغارا وكبارا لحمل السلاح وإعلان حالة الطوارئ.