توقيت القاهرة المحلي 08:45:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هزيمة مدمرة للغرب

  مصر اليوم -

هزيمة مدمرة للغرب

بقلم : عماد الدين حسين

«الأسبوع الماضى شهد هزيمة تاريخية ومدمرة لرئاسة الرئيس الأمريكى جو بايدن ولبريطانيا وحلف شمال الأطلسى، والغرب والديمقراطية والأخلاق وحقوق الإنسان العالمية».
لست أنا صاحب الكلمات السابقة، ولكنها جاءت فى ختام افتتاحية مهمة جدا لصحيفة الأوبرزرفر، يوم الإثنين الماضى، تتمحور حول رأى الصحيفة فى «المأساة التى تشهدها أفغانستان».
أن يكون هذا رأى صحف ووسائل إعلام وقوى سياسية معادية للغرب فهو أمر معتاد وشائع، ولكن أن يصدر من صحيفة مهمة مثل الأوبرزرفر، فهو أمر مهم جدا، خصوصا أنه تكرر فى الايام الاخيرة فى العديد من وسائل الإعلام الغربية خصوصا الأمريكية والبريطانية.
ما تقوله الصحيفة البريطانية يضع يدنا على المعضلة الصعبة التى تعانى منها أمريكا وبريطانيا وربما الغرب بأكمله، لكننا نحن فى الشرق الأوسط لا نراه على حقيقته ونتعامل مع هذا الغرب باعتباره عملاقا طوال الوقت، لا يتأثر بأى تغيرات أو تطورات.
فى افتتاحية الأوبرزرفر، نقرأ عن صفات تميز سياسة حكومة رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون مثل: «عدم الكفاءة والحكم الضعيف وعدم الاستعداد وغياب الحقائق والالتباس والزهو بالنفس، والتأخير»، كل هذه الصفات ميزت سياسة حكومة جونسون طوال العامين الماضيين، لكنها برزت «بشكل مزعج» فى مأساة أفغانستان على حد وصف الصحيفة.
فى رأى الصحيفة أن الأمر نفسه أى «التعلثم والفشل» قد حدث مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى أو كيفية الاستجابة لوباء كورونا، لكن ظهر بوضوح حينما تركت بريطانيا الأفغان الذين خدموها فى خطر كبير وهم محاصرون وخائفون على حياتهم فى كابول، وتتحمل بريطانيا تجاههم مسئولية أخلاقية، لم تكن قانونية.
تقول الصحيفة إن هناك ما يشبه الإجماع فى بريطانيا بأن ما حدث فى الأيام الأخيرة فى أفغانستان هو «أسوأ إذلال بريطانى فى الخارج منذ أزمة السويس» عام ١٩٥٦. الصحيفة انتقدت بشدة جونسون وحكومته بسبب ضعف رد فعلهم على التصرف خلال تقدم حركة طالبان، وخلال عمليات الإجلاء، لكن الخلاصة التى تصل إليها هى أن بريطانيا تبدو مثل جونسون: «ضعيفة وخاسرة ورثة وغير جديرة بالثقة»، فى حين أن الأمر الذى لا يغتفر هو الطريقة التى أدت عدم كفاءة جونسون بها إلى تقليص مستوى قوة بريطانيا فى نظر العالم.
وتختم الصحيفة بضرورة وجود تحقيق جاد وطويل وصعب ولا يرحم، حتى يعرف البريطانيون لماذا حدث كل ذلك، ولماذا سُمح بحدوثه من الأصل؟!
الذى لفت نظرى فى افتتاحية الأوبزرفر أنها حادة وصادمة وجريئة وتكشف لنا نحن العرب جزءا لا نريد أن نراه، ليس فقط فيما يتعلق ببريطانيا وسياستها، ولكن بالولايات المتحدة ومعها كل أوروبا.
أظن أن الجزء الأهم الذى ينبغى أن يلفت نظرنا ــ ومع كل التقدير للقوى الناعمة الغربية، والتطورات المذهلة تكنولوجيا ــ إلا أن التأثير الغربى يتراجع بصور مطردة، وفشل بصورة حادة لم يتوقعها أحد فى أفغانستان، خصوصا أن الخصم هناك هو حركة طالبان الآتية من كهوف التاريخ السحيق، وهو ما يعنى أن الفشل الأمريكى الغربى مضاعف، لأنه لم ينهزم أمام قوة مدنية حضارية ذات نموذج جذاب وملهم، بل أمام حركة تفاخر دائما بكراهيتها للتقدم والتحديث، وتتبنى أشد النماذج تطرفا.
أهمية ما حدث فى أفغانستان، قد يكون مفيدا لنا فى احتمال تكراره فى المنطقة العربية، خصوصا أن هناك استعدادات أمريكية ليس فقط للخروج من العراق، ولكن من كل المنطقة والتركيز على الصين وجنوب شرق آسيا.
السؤال، بعد ما حدث فى أفغانستان، هل هناك دراسات واستعدادات عربية للتعامل مع احتمال تكرار ما حدث فى أفغانستان فى منطقتنا خصوصا الخليج، وهل فكرنا فى رد فعل القوى الإقليمية الكبرى، التى تحاول وراثة الامبراطورية الأمريكية؟.
وسؤال أخير: هل يكون ما حدث فى أفغانستان مفيد لنا فيما يتعلق بأزمة سد النهضة مع إثيوبيا، وعدم التعويل الكبير على ما يسمى بالمجتمع الدولى ودوره وحدود تأثيره؟!
أسئلة كثيرة أتمنى أن نكون نحن العرب قد بدأنا فى التفكير فيها والإجابة عليها؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزيمة مدمرة للغرب هزيمة مدمرة للغرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon