فى السابعة وعشر دقائق من مساء يوم الأربعاء الماضى، قابلت الفريق الركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السودانى، ضمن مجموعة صغيرة من الصحفيين والإعلاميين المصريين. اللقاء تم فى قاعة بقصر القبة الرئاسى، وحضره كبار المسئولين السودانيين الذين رافقوا البرهان فى زيارته المهمة لمصر التى استمرت يومين، كما حضره أيضا السفير السودانى بالقاهرة محمد الياس الحاج.
البرهان يزور مصر فى توقيت شديد الأهمية، بسبب الظروف الصعبة جدا التى يمر بها السودان الشقيق خصوصا عدم القدرة على الوصول لتوافق بين المكونيين المدنى والعسكرى، بل وداخل كل مكون على حدة، وبالتالى فإن كل الاحتمالات مفتوحة.
خلال اللقاء سألت الفريق البرهان أربعة أسئلة، السؤال الأول: عن المحاولات المستمرة التى يبذلها تيار داخل السودان لشيطنة مصر والمصريين، خصوصا بعد خلع عمر البشير فى ديسمبر ٢٠١٩، وما الذى يمكن فعله لمواجهة هذا التيار.
البرهان أجاب متحدثا عن العلاقات المتجذرة بين البلدين، ووجود أكثر من أربعة ملايين سودانى فى مصر، و٤ آلاف منحة دراسية وعشرة آلاف سودانى يتلقون العلاج فى مصر، وأن مصر أم الدنيا.
من وجهة نظر البرهان فإن هذا التيار محدود جدا، لكن ربما تكمن مشكلته فى أن صوته مرتفع إلى حد ما، وهم يعتقدون مخطئين أن مصر تدعم المكون العسكرى السودانى، وهناك جزء منهم لهم مصلحة فى تعكير صفو العلاقة بين البلدين، لكنهم فى كل الأحوال لن يكونوا قادرين على التأثير فى العلاقة القوية جدا شعبيا.
السؤال الثانى كان: متى تستقر العلاقة بين البلدين بعيدا عن الاتفاق أو الاختلاف بين الحكومات؟!
رد البرهان كان أن العلاقة لم تتأثر بالأنظمة، والدليل على ذلك أننا ننفذ معظم اتفاقيات «الحريات الأربعة» موجها الشكر لمصر على دعمها المستمر للسودان.
السؤال الثالث: عن تقييم الفريق البرهان لما جناه السودان من إقامة علاقات مع إسرائيل، وهل كان المقابل يساوى هذه الخطوة المفاجئة؟!
البرهان قال إن هدفنا كان الانفتاح على الجميع، وأننا لا نريد عداوات مع إسرائيل أو غيرها، وأن الأساس هو التصالح والمصالح المتبادلة والتسامح بين مختلف الأديان والشعوب.
للموضوعية لم أقتنع بهذه الإجابة، وأعرف أن الضغوط على السودان كانت رهيبة فى هذا الملف لكن ظروف اللقاء لم تسمح لى بمجادلة الرئيس البرهان أكثر من ذلك.
السؤال الرابع: كان عن آخر تطورات سد النهضة، وإلى متى سوف تظل مصر والسودان يقبلان بهذا التعنت الإثيوبى وفرض الأمر الواقع، خصوصا بعد ما تبين للسودان أن السد يمثل خطرا داهما عليه، خلافا لرؤية نظام البشير الذى اعتقد عكس ذلك؟!
إجابة البرهان على هذا التساؤل كانت مختلفة وقال إنه متفائل بشدة، ويعتقد أننا يمكن أن نصل إلى تفاهمات مشتركة قريبا.
الفريق البرهان رد أيضا على سؤال مهم وجهته الزميلة سمر إبراهيم محررة الملف السودانى فى «الشروق» عن اتفاق جوبا الموقع بين القوى السودانية قبل عامين، قائلا إنه يواجه العديد من الصعوبات والتحديات خصوصا التمويل؛ حيث إن غالبية الدول التى تعهدت بتقديم التمويل والمساعدات لم تفِ بوعودها، ورغم ذلك هناك خطوات اتخذناها: مثل بدء تجميع القوات وفرزها داخل معسكرات التدريب، وعندما يتم استكمال هذا الملف، فسوف يكون هناك جيش واحد فى السودان.
البرهان تحدث مطولا ردا على أسئلة الزملاء الحاضرين عن الوضع السياسى ملخصا القضية فى شعار «إما التوافق، أو الانتخابات» وقال: «كنا نتمنى أن يقف الجميع معنا، ولكن بعض القوى السياسية ظنت أن الجيش يريد السيطرة على السلطة وإزاحتهم، وتعاونا مع الجميع ولا نزال نريد التعاون مع الجميع خصوصا الذين يريدون التعاون والتكاتف والتوافق وكل من أتى للسودان داعيا للوحدة، بما يحمى البلاد من حالة عدم الاستقرار لكن إذا لم ننجح فى ذلك فليس أمامنا إلا الانتخابات.
انتهى اللقاء بعد حوالى ساعة ونصف. ولا أملك إلا الدعاء أن يحمى الله السودان الشقيق وشعبه الطيب من كل الشرور.