توقيت القاهرة المحلي 21:18:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التضخم ومؤشر قرص الطعمية!

  مصر اليوم -

التضخم ومؤشر قرص الطعمية

بقلم: عماد الدين حسين

أحد الأصدقاء أرسل لى صباح السبت الماضى الرسالة القصيرة التالية على «الواتس اب»: «طول ما قرص الطعمية بيصغر، اعرف على طول إن التضخم بيزيد»!!
ومن الواضح أن هذه الرسالة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، لدرجة أن البعض أطلق عليها ساخرا: «مؤشر الفلافل».
قرص الطعمية مثال عملى لشرح فكرة التضخم فى أى مكان بالعالم، فحجمه أو حجم أى سلعة أخرى، مقارنة بسعرها مثال حى لفكرة التضخم.
وحينما كنت أناقش هذه الفكرة مع أحد الأصدقاء الذين أعرفهم من أيام الطفولة فى إحدى قرى محافظة أسيوط قال لى بصورة جادة: «حتى تدرك معنى التضخم بصورة عملية، وحتى تعرف ماذا حدث لقيمة النقود، يكفى أن تعرف أننى حينما كنت تلميذا فى المرحلة الابتدائية بداية من عام 1971، كان مصروفى من والدى قرش صاغ أبيض. هذا القرش كان يشترى لى رغيفا ومعه قرصان من الطعمية، ولكى تعرف ماذا حدث للنقود وقيمتها عليك أن تحسب ببساطة كم تحتاج لكى تشترى الآن نفس الرغيف والطعمية. أغلب الظن أن السعر لن يقل بأى حال من الأحوال عن جنيهين، وبالتالى فإن القيمة الحقيقية للقرش الواحد فى بدايات السبعينيات ارتفعت الآن إلى ٢٠٠ قرش، يعنى ٢٠٠ ضعف».
معظمنا فى مصر خصوصا كبار السن مغرمين بالحكاوى التقليدية عن أن القرش الواحد كان يشترى «زمان» أكثر من عشر بيضات، نكرر ذلك لأولادنا، ولكن لا نخبرهم ببقية الحقيقة، وهى أنه ليس مهما كم كان حجم دخلنا المالى أو ممتلكاتنا، بقدر ما أن المهم هو: هل هذا المرتب كان يكفى احتياجاتنا الأساسية أم لا؟!
على سبيل المثال نفس الصديق يقول لى إن مرتب والده فى بداية السبعينيات كان ١٨ جنيها مصريا، لكن هذا الراتب كان يكفى الأسرة المكونة من أربعة أفراد بصورة جيدة. والآن فإن الحد الأدنى لتكاليف نفس الأسرة هو خمسة آلاف جنيه. إذا الـ ١٨ جنيها فى بداية السبعينيات هى نفسها الخمسة آلاف جنيه الآن.
وبالتالى فإن السؤال الذى ينبغى أن نفكر فيه دائما ليس هو حجم الراتب أو الدخل، أو ما نملك من أموال، بل هى قيمة ما يمكن لهذه الأموال أن تشتريه.
والتضخم حسب التعريفات الاقتصادية هو أن يكون هناك أموال كثيرة، لكن لا يقابلها إنتاج أو سلع فى الأسواق.
وكلما زادت الأموال وقلت السلع، كلما كان التضخم مرتفعا، وإذا تساوت الأموال مع السلع فمعنى ذلك أن التضخم مسيطر عليه، أما الأفضل فهو أن يكون لديك إنتاج أكثر من استهلاكك، وبالتالى تستطيع أن تصدر فائض الإنتاج للخارج، وتحصل على عملات أجنبية أكثر يمكن ترجمتها إلى سلع مختلفة أو فوائض مالية تجعل مستوى الحياة مرتفعا فى هذا البلد أو ذاك.
والواقع يقول إنه ومع تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، فإن غالبية بلدان العالم تعانى من ظاهرة تضخم واسعة النطاق، والخشية الكبرى أن يكون هذا التضخم مصحوبا بركود اقتصادى كبير وممتد، وبالتالى يدخل العالم فى نفق لا نعرف متى وكيف نخرج منه.
ونتيجة لأسباب كثيرة ومتعددة فإن ديون العالم زادت والإنتاج قل كثيرا، ودول كثيرة اضطرت لتقديم حوافز مالية لمواطنيها لمواجهة تداعيات كورونا وأوكرانيا، وهو أمر كان حتميا، لكنه زاد من معدلات التضخم. وحينما كثرت الأموال الورقية وقل الإنتاج الفعلى، اضطرت العديد من الدول إلى رفع أسعار الفائدة، حتى تسحب السيولة المالية من الأسواق.
ورأينا أن البنك الفيدرالى الأمريكى زاد من سعر الفائدة بنسبة ٧٥ نقطة أساس قبل أيام قليلة، وهى الزيادة الثالثة هذا العام. ونظرا لارتباط العديد من دول العالم بعملة الدولار الأمريكى والاقتصاد الأمريكى، فقد اضطرت هذه البلدان إلى رفع نسبة الفائدة أيضا، كما حدث فى دول الخليج مثلا، والنتيجة هى أن كثيرين سيفضلون وضع أموالهم فى البنوك بدلا من استثمارها، وبالتالى يتراجع الاستثمار لأن العائد من وضع النقود فى البنوك سيكون أعلى من توظيفه فى الاستثمار بسبب ارتفاع سعر الفائدة على القروض الموجهة لهذا الاستثمار. وإحدى نتائج ذلك زيادة معدل البطالة، وانخفاض معدل النمو، ودخول معظم دول العالم فى حالة تضخم قد تتطور إلى ركود وهو ما يعنى مزيدا من البطالة ومزيدا من تراجع الإنتاج، وهكذا دواليك.
هل أدركتم الآن العلاقة بين مؤشر قرص الطعمية أو الفلافل والأوضاع الاقتصادية المتعثرة فى العالم أجمع؟!.
بنود مترابطة - 5

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضخم ومؤشر قرص الطعمية التضخم ومؤشر قرص الطعمية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 20:53 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن رد فلعها بعد موجة التنمر
  مصر اليوم - منى زكي تكشف عن رد فلعها بعد موجة التنمر

GMT 07:02 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 02:31 2021 الإثنين ,22 آذار/ مارس

طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة

GMT 00:00 2023 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كولر يدرس تصعيد شباب الأهلي بعد تألقهم مع منتخب الشباب

GMT 02:52 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تبهر متابعيها بـ إطلالة جديدة

GMT 02:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مسعود أوزيل يغادر لندن للانضمام إلى صفوف فناربخشة التركي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة لا ينبغي تقديمها للأطفال في فصل الشتاء تعرّفي عليها

GMT 02:48 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على السيرة الذاتية للفنانة عبير بيبرس

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف السعودية الصادرة الثلاثاء

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شقيق جيجي حديد وبيلا حديد ينافسهما في مجال عرض الأزياء

GMT 10:43 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة صينية ترتدي فستان زفاف ساحرًا من مئات الطبقات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon