توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التضخم ومؤشر قرص الطعمية!

  مصر اليوم -

التضخم ومؤشر قرص الطعمية

بقلم: عماد الدين حسين

أحد الأصدقاء أرسل لى صباح السبت الماضى الرسالة القصيرة التالية على «الواتس اب»: «طول ما قرص الطعمية بيصغر، اعرف على طول إن التضخم بيزيد»!!
ومن الواضح أن هذه الرسالة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، لدرجة أن البعض أطلق عليها ساخرا: «مؤشر الفلافل».
قرص الطعمية مثال عملى لشرح فكرة التضخم فى أى مكان بالعالم، فحجمه أو حجم أى سلعة أخرى، مقارنة بسعرها مثال حى لفكرة التضخم.
وحينما كنت أناقش هذه الفكرة مع أحد الأصدقاء الذين أعرفهم من أيام الطفولة فى إحدى قرى محافظة أسيوط قال لى بصورة جادة: «حتى تدرك معنى التضخم بصورة عملية، وحتى تعرف ماذا حدث لقيمة النقود، يكفى أن تعرف أننى حينما كنت تلميذا فى المرحلة الابتدائية بداية من عام 1971، كان مصروفى من والدى قرش صاغ أبيض. هذا القرش كان يشترى لى رغيفا ومعه قرصان من الطعمية، ولكى تعرف ماذا حدث للنقود وقيمتها عليك أن تحسب ببساطة كم تحتاج لكى تشترى الآن نفس الرغيف والطعمية. أغلب الظن أن السعر لن يقل بأى حال من الأحوال عن جنيهين، وبالتالى فإن القيمة الحقيقية للقرش الواحد فى بدايات السبعينيات ارتفعت الآن إلى ٢٠٠ قرش، يعنى ٢٠٠ ضعف».
معظمنا فى مصر خصوصا كبار السن مغرمين بالحكاوى التقليدية عن أن القرش الواحد كان يشترى «زمان» أكثر من عشر بيضات، نكرر ذلك لأولادنا، ولكن لا نخبرهم ببقية الحقيقة، وهى أنه ليس مهما كم كان حجم دخلنا المالى أو ممتلكاتنا، بقدر ما أن المهم هو: هل هذا المرتب كان يكفى احتياجاتنا الأساسية أم لا؟!
على سبيل المثال نفس الصديق يقول لى إن مرتب والده فى بداية السبعينيات كان ١٨ جنيها مصريا، لكن هذا الراتب كان يكفى الأسرة المكونة من أربعة أفراد بصورة جيدة. والآن فإن الحد الأدنى لتكاليف نفس الأسرة هو خمسة آلاف جنيه. إذا الـ ١٨ جنيها فى بداية السبعينيات هى نفسها الخمسة آلاف جنيه الآن.
وبالتالى فإن السؤال الذى ينبغى أن نفكر فيه دائما ليس هو حجم الراتب أو الدخل، أو ما نملك من أموال، بل هى قيمة ما يمكن لهذه الأموال أن تشتريه.
والتضخم حسب التعريفات الاقتصادية هو أن يكون هناك أموال كثيرة، لكن لا يقابلها إنتاج أو سلع فى الأسواق.
وكلما زادت الأموال وقلت السلع، كلما كان التضخم مرتفعا، وإذا تساوت الأموال مع السلع فمعنى ذلك أن التضخم مسيطر عليه، أما الأفضل فهو أن يكون لديك إنتاج أكثر من استهلاكك، وبالتالى تستطيع أن تصدر فائض الإنتاج للخارج، وتحصل على عملات أجنبية أكثر يمكن ترجمتها إلى سلع مختلفة أو فوائض مالية تجعل مستوى الحياة مرتفعا فى هذا البلد أو ذاك.
والواقع يقول إنه ومع تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، فإن غالبية بلدان العالم تعانى من ظاهرة تضخم واسعة النطاق، والخشية الكبرى أن يكون هذا التضخم مصحوبا بركود اقتصادى كبير وممتد، وبالتالى يدخل العالم فى نفق لا نعرف متى وكيف نخرج منه.
ونتيجة لأسباب كثيرة ومتعددة فإن ديون العالم زادت والإنتاج قل كثيرا، ودول كثيرة اضطرت لتقديم حوافز مالية لمواطنيها لمواجهة تداعيات كورونا وأوكرانيا، وهو أمر كان حتميا، لكنه زاد من معدلات التضخم. وحينما كثرت الأموال الورقية وقل الإنتاج الفعلى، اضطرت العديد من الدول إلى رفع أسعار الفائدة، حتى تسحب السيولة المالية من الأسواق.
ورأينا أن البنك الفيدرالى الأمريكى زاد من سعر الفائدة بنسبة ٧٥ نقطة أساس قبل أيام قليلة، وهى الزيادة الثالثة هذا العام. ونظرا لارتباط العديد من دول العالم بعملة الدولار الأمريكى والاقتصاد الأمريكى، فقد اضطرت هذه البلدان إلى رفع نسبة الفائدة أيضا، كما حدث فى دول الخليج مثلا، والنتيجة هى أن كثيرين سيفضلون وضع أموالهم فى البنوك بدلا من استثمارها، وبالتالى يتراجع الاستثمار لأن العائد من وضع النقود فى البنوك سيكون أعلى من توظيفه فى الاستثمار بسبب ارتفاع سعر الفائدة على القروض الموجهة لهذا الاستثمار. وإحدى نتائج ذلك زيادة معدل البطالة، وانخفاض معدل النمو، ودخول معظم دول العالم فى حالة تضخم قد تتطور إلى ركود وهو ما يعنى مزيدا من البطالة ومزيدا من تراجع الإنتاج، وهكذا دواليك.
هل أدركتم الآن العلاقة بين مؤشر قرص الطعمية أو الفلافل والأوضاع الاقتصادية المتعثرة فى العالم أجمع؟!.
بنود مترابطة - 5

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضخم ومؤشر قرص الطعمية التضخم ومؤشر قرص الطعمية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon