بقلم: عماد الدين حسين
يوم الأربعاء الماضى تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح مجمع البنزين بأسيوط ومشروعات خدمية مختلفة فى الصعيد قائلا: «مش هفرح إلا لما كل الشغل يخلص من مدارس ومستشفيات، ولما دخل المواطن يصل إلى ١٠ أو حتى ٢٠ ألف جنيه فى الشهر، ساعتها يمكن أشعر بالرضا».
والسؤال المنطقى بعد هذا الكلام هو، متى يصل متوسط دخل المواطن المصرى إلى ٢٠ ألف جنيه أو حتى إلى عشرة آلاف جنيه فقط؟
قد يفهم البعض أن ما قاله الرئيس السيسى فى أسيوط هو قرار سيتم تنفيذه فورا أو حتى قريبا.
لكن ولكى يصل الدخل حتى لعشرة آلاف جنيه فقط فهو يحتاج لشروط موضوعية كثيرة، ولن يتحقق بمجرد الأمانى.
نذكر الجميع أنه حتى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، لم يكن هناك حد أدنى للأجور فى القطاعين الحكومى والخاص، وبعدها صار الحد الأدنى ١٢٠٠ جنيه، ثم ارتفع إلى ٢٤٠٠ جنيه قبل عامين، ويفترض أن يتم تطبيق هذا الحد الأدنى فى القطاع الخاص ابتداء من رواتب شهر يناير المقبل. وهناك شركات فى القطاع الخاص تطلب استثناءها من تطبيق هذا الحد الأدنى بسبب ما تقول إنه صعوبات ناتجة عن ظروف اقتصادية ناتجة عن فيروس كورونا.
إذا الأوضاع الاقتصادية الراهنة لا تسمح الآن بزيادة المرتبات وبالتالى رفع الأجور أو الدخل العام، بل إن الحكومة فى حقيقة الأمر ومنذ عامين تبحث عن زيادة الرسوم والدمغات لتعويض جزء من خسائر كورونا.
إذا السؤال مرة أخرى: كيف يصل المتوسط العام للأجور إلى عشرة أو عشرين ألفا شهريا؟
الإجابة ببساطة هى الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج.
سيسأل سائل هذا الكلام عام ومطاط، فكيف نترجمه إلى حقائق على الأرض؟.. الإجابة يقولها الخبراء دائما وسمعتها مرة أخرى مساء الأربعاء الماضى من وزير المالية الدكتور محمد معيط، وهو يتحدث مع الإعلامى الكبير رامى رضوان فى برنامج «مساء DMC»، تعليقا على ما تناوله الرئيس السيسى فى أسيوط، ومنها الزيادة السكانية.
معيط قال إن استمرار تحقيق معدل نمو ثلاثة أضعاف الزيادة السكانية، سيجعل الدخول تزيد وترتفع ولن نشعر وقتها بخطورة الزيادة السكانية.
بمعنى آخر لو أن الشعب أصر على استمرار الزيادة السكانية بمعدلها الحالى والذى يصل إلى ٢٫٤٪، وهو من أعلى المعدلات العالمية، فالمطلوب أن يحقق المجتمع فى هذه الحالة أكثر من ٧٫٢٪ معدل نمو سنوى.
الشرط الثانى وهو شديد الارتباط بالشرط الأول يتمثل فى تخفيض نسبة البطالة وهذا يعنى خلق المزيد من فرص العمل. هذا أمر ليس هينا لأن تكلفة فرصة العمل الواحدة قد تصل لمليون جنيه، وبالتالى سنعود مرة أخرى إلى ضرورة الإنتاج ثم الإنتاج، لأنه المجال الوحيد الذى سيوفر فرص العمل، وبالتالى زيادة الدخول والرواتب عموما.
بالطبع فإن تقليل البطالة لا يتعلق فقط بالجوانب المالية والاقتصادية، بل هو فى صلب تحقيق الاستقرار الأمنى والاجتماعى والسياسى، لأن وجود عاطلين كثيرين يعنى ببساطة توفير الخميرة والأرضية والبيئة، للتذمر والغضب وعدم الرضا، وبالتالى عدم الاستقرار بصفة عامة.
وظنى أنه لكى ترتفع الدخول، فلا مفر من تخفيض الزيادة السكانية بشكلها الحالى.
سيقول البعض إن هناك دولا لديها سكان كثيرون ولا تعانى مثلما نعانى، والرد ببساطة أن كل مواطن يستطيع أن ينجب ما يشاء، إذا كان يملك الموارد والإمكانيات لتعليمهم وتربيتهم وعلاجهم بصورة إنسانية طبيعية، وليس لمجرد تحقيق فكرة «العزوة»!!. وكما سمعت من الدكتور معيط فى نفس البرنامج مع رامى رضوان فإن المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف، وهى تعنى فى هذا المقام أن أكون قادرا على تربية وتعليم وتنشئة وعلاج أولادى، وأن أوفر لهم الحياة الكريمة وإلا تحولوا إلى عالة على المجتمع.
وبالتالى فالترجمة الحرفية أنه لا يمكن لغالبية الناس أن يحصلوا على هذا الأجر أو الدخل المعقول لو استمروا فى إنجاب أطفال أكثر، طالما أنهم لا يملكون الإمكانيات الكافية لتعليمهم مثلا.
هل المسئولية تقع فقط على المواطنين؟!.. الإجابة بالطبع هى لا، بل المسئولية الكبرى تقع على الحكومة، لأن السياسات المتبعة هى التى تحدد الاتجاه فى أى مجتمع.
وبالتالى فوجود سياسات سليمة ومعها أولويات أصح تفرق كثيرا. وفى هذا الإطار فلابد من تطوير التعليم خصوصا الفنى، وتشجيع الاستثمارات خصوصا فى القطاعين الزراعى والصناعى، لأنها ستوفر فرص العمل وتقلل البطالة وتوفر الإنتاج، وبالتالى زيادة الصادرات وهو ما يعنى عملة صعبة وحياة كريمة.