بقلم: عماد الدين حسين
بالأمس سألت عن مدى إمكانية تحسين التعليم المصرى بحيث يقدم لنا خريجين قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل التى تغيرت بصورة واضحة فى السنوات الأخيرة سواء على المستوى المحلى أو بصورة أوضح على المستوى الدولى فى البلدان المتقدمة.
الإجابة الأساسية عن هذا السؤال قدمتها الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية خلال كلمتها فى الجلسة الافتتاحية لمنتدى التعليم والبحث العلمى، وأدار الجلسة الدكتور خالد عبدالغفار ظهر يوم الأربعاء الماضى فى العاصمة الإدارية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى والعديد من المسئولين المصريين والأجانب.
مطلوب من الحكومة والمجتمع توفير ما بين ٨٠٠ إلى ٩٠٠ ألف فرصة سنويا للمنضمين إلى سوق العمل، وإذا لم نطور مهارات هؤلاء الخريجين بحيث يلبوا المتطلبات الجديدة للوظائف، فسوف نواجه مشكلة ضخمة.
الدكتورة هالة السعيد سألت: كيف نقلل الفجوة فى سوق العمل خصوصا فى ظل التأثيرات الضخمة التى فرضتها التكنولوجيا الحديثة، والعلوم الجديدة التى ظهرت وصارت أساسية فى العديد من المجتمعات مثل علوم البيانات الضخمة والروبوتكس والذكاء الاصطناعى وعلوم الفضاء وما تحتاجه أيضا من مهارات سلوكية وتحليل نقدى.
الدكتورة هالة السعيد لفتت النظر إلى العامل الديموجرافى المهم فى سوق العمل المصرى خصوصا أن المجتمع المصرى يعتبر الأكثر شبابا على مستوى العالم، حيث إن ٣٥٪ من المصريين يقعون فى الفئة العمرية بين ١٥ ــ ٢٩ سنة، وهى ميزة ديموجرافية مهمة ينبغى استغلالها وتعظيمها.
إضافة للهيكل الديموجرافى تطرقت الدكتورة هالة للعديد من المحاور الأساسية ومنها فكرة الإتاحة والجودة التى توفرها منظومة التعليم الأساسى، ثم إن الحكومة ضاعفت عدد الجامعات فى ٤ سنوات، وصارت هناك شراكة مع العديد من الجامعات الأجنبية.
محور مهم أيضا هو التوجه للاستثمار فى البنية التكنولوجية للجامعات المصرية والتخصصات البينية الجديدة، وضربت مثلا بكلية الاقتصاد، وصار هناك تخصصات عن اقتصادات الصحة، أو الهندسة الطبية مثلا فى كليات الهندسة وعدم الاقتصار على التخصصات التقليدية المعروفة.
هناك أيضا محور مهم يتعلق بحاضنات الأعمال، وترجمة الأفكار إلى مشروعات وجائزة مصر للتطبيقات الحكومية التى تهدف لخلق فرص عمل استفادة من الثروة البشرية المصرية.
هناك محور التعليم الفنى وإعادة هيكلته ليصبح أكثر جودة، ولأول مرة صار هناك مهارات قطاعية حتى يمكن ضمان أن يجد الخريجون فرص عمل حقيقية.
محور ثالث يتعلق بأكاديمية المعلمين ودورها الأساسى هو تأهيل المعلمين والاستثمار فى المهارات السلوكية والقيادية، وهناك الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب على القيادة التى صارت تلعب دورا مهما فى تأهيل الموظفين الجدد أو القيادات الموجودة بالفعل، وكذلك تعزيز المهارات الرقمية، خصوصا أن وظائف المستقبل تتطلب مهارات رقمية وفى هذا الصدد جاءت أهمية مدينة المعرفة فى العاصمة الإدارية ومعهد الحوكمة وتخصصات الذكاء الاصطناعى فى الجامعات.
والمحور الأخير يتعلق بريادة الأعمال، وهو يسعى لأن يجعل الخريج لا يبحث عن فرصة عمل، بعد تخرجه مباشرة، بل أن يخلق مشروعه الخاص سواء كان صغيرا أو متوسطا، وتم تدريب ٤٦٠ ألف طالب فى المدارس على ريادة الأعمال حتى يتم تعزيز هذه الثقافة والفكر لديهم إضافة لإنشاء حاضنات أعمال وترجمة الأفكار إلى مشروعات.
حينما انتهت الدكتورة هالة السعيد فإن الدكتور خالد عبدالغفار، قال إن خريطة التعليم على رأس أولويات الدولة وأن الأحلام التى حلمنا بها صارت تتحقق على أرض الواقع، وإن عدد الجامعات تضاعف فى ٥ سنوات بإنشاء ٤٥ جامعة، ومنها الجامعات التكنولوجية، وهناك توجه بإنشاء جامعة تكنولوجية فى كل منطقة صناعية، وكل محافظة، وهناك أكثر من ٦ جامعات أجنبية فى العاصمة الإدارية، وأضفنا تخصصات جديدة فى معظم الجامعات، وتم تطوير الجامعات الحكومية القديمة.
السؤال بعد كل هذا العرض: متى نستطيع أن نرى ترجمة لكل هذا الكلام الجميل على أرض الواقع، ومتى يجد خريج الجامعة فرصة عمل حقيقية تتواءم مع العالم المتقدم وهل الإنفاق على التعليم بوضعه الراهن يقود إلى خلق فرص عمل كبيرة وحقيقية؟!