بقلم : عماد الدين حسين
من الأخبار المفرحة والمبهجة أن العديد من أهالى قرى جنوب مدينة الشيخ زويد فى شمال سيناء، بدأوا العودة إلى منازلهم فى الأيام الأخيرة.
فى رحلة عودتهم لقراهم وبيوتهم وضعوا على سياراتهم علم مصر، وهى إشارة ودلالة حاسمة على أن الدولة المصرية انتصرت على الإرهاب الأسود، والفضل فى ذلك لتضحيات الشهداء من القوات المسلحة والشرطة والمجتمع المدنى، وقبل ذلك وبعده الأهالى الشرفاء فى سيناء الذين دفعوا الثمن الأكبر فى مواجهة الإرهاب.
معلوماتى فى هذا المقال اعتمدت فيها على تحقيق صحفى مهم نشره الزميل المجتهد مصطفى سنجر مراسل الشروق. فى شمال سيناء قبل يومين تحت عنوان: «قرى جنوب سيناء تطوى صفحة الإرهاب الأليمة».
المعلومات الأساسية تقول إن الحياة بدأت تعود تدريجيا إلى هذه القرى، بعد أن افتتحت أجهزة الأمن الطرق المؤدية إلى هذه القرى، وكذلك رفعها للارتكازات الأمنية، التى كانت مغلقة منذ نحو ٦ سنوات بسبب المواجهات الدامية مع الإرهاب.
الأهالى بدأوا يعودون إلى بيوتهم وأراضيهم ومزارعهم ومحلاتهم التجارية وإصلاح ما دمره الإرهاب. خصوصا فى قرى أبوالفراج وتجمعات الجغامين والعكور والبراوى والزهريات والعرجانى والبطاوين، وأبوعيطة والعطاوين والشيتوبين وحى أبو فوج والقرعان وأبوخوار الدراوشة وأبورفاعى وأبوهولى.
الأجهزة الأمنية من ناحيتها قامت بعملية تطهير واسعة لرفع العبوات الناسفة التى تركها الارهابيون، فى حين تعهد شيوخ وأعيان المنطقة بعدم السماح بتسلل الغرباء بينهم.
وطلب الأهالى من الأجهزة الحكومية المختصة سرعة إجراء تشكيل لجان رسمية لمعاينة الأضرار فى البيوت والمحال والمزارع التى تسبب فيها الإرهاب، وكذلك ضمان توافر الخدمات والسلع الأساسية خصوصا التموينية.
من الأشياء الإيجابية أن مديرية التموين بشمال سيناء سارعت بالفعل إلى توفير منافذ لشركة الجملة لبيع السلع والخضراوات للأهالى، وكذلك تخصيص بدالين للتموين.
ومن الإيجابيات أيضا أن مؤسسات المجتمع المدنى بدأت فى توزيع أغطية ومستلزمات دراسية وصهاريج مياه ومواد غذائية على الأسر بغرض الرعاية العاجلة لحين استعادة أهالى القرى قدرتهم على مواصلة سبل الحياة اليومية.
وأتمنى أن يكون هذا التحرك مستمرا وفاعلا، وينضم إليه كل القادين خصوصا رجال الأعمال، وكذلك مؤسسات المجتمع المدنى، وأن يدرك كل هؤلاء أن ما سيقدمونه ليس منًا أو منحة، ولكنه لمصلحة كل المجتمع؛ لأن أى مساعدة يتم تقديمها لأهالى سيناء هى رصاصة قوية فى صدر الإرهاب، ربما تكون أقوى من الرصاصة الحقيقية.
انتصار الدولة المصرية على الإرهاب فى بؤرته الأساسية ببعض قرى مثلث الشيخ زويد ورفح والعريش تطور مهم، وربما يكون الانتصار الفعلى الحقيقى على الإرهاب فى المنطقة العربية؛ لأن الإرهابيين للأسف تمكنوا من العودة إلى أماكن كنا نظن أنهم اندحروا فيها فى العديد من البلدان العربية، ونسمع كل يوم عن عمليات وتفجيرات إرهابية فى أكثر من بلد عربى شقيق، ونتمنى لهم أن يحققوا الانتصار النهائى على هذا الفيروس اللعين.
الإرهاب فى سيناء لم يكن هيِّنًا ولا سهلًا، هو استغل دعم بعض الدول وأجهزة المخابرات الاقليمية والدولية ليكون شوكة فى ظهر مصر، ومقدمة لتفكيك الجيش وهدم الدولة، كما حدث فى أكثر من بلد عربى، والحمد لله أن المصريين تمكنوا من دحر هذا الارهاب الأسود، بل نجحت السياسة الخارجية لمصر فى تحييد بعض من كانوا يدعمون الإرهاب ولو بصورة مؤقتة.
ما حدث فى شمال سيناء مهم جدا ولكى يكون مستداما فلابد من الاستمرار فى الاهتمام بهذه المنطقة من جميع النواحى وتنميتها بصورة شاملة، وأتصور أن عودة أهالى الشيخ زويد لبيوتهم، لن تكون آخر الأخبار السعيدة التى نسمعها من سيناء، فربما تكون هناك أخبار أخرى سعيدة فى قادم الأيام.