توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على أى أساس سنؤيد أمريكا أو الغرب؟

  مصر اليوم -

على أى أساس سنؤيد أمريكا أو الغرب

بقلم: عماد الدين حسين

ما هو الموقف الصحيح الذى يفترض أن تأخذه الدول العربية فيما يتعلق بالأزمة الروسية الغربية فى أوكرانيا؟!
هذا السؤال سألته لأكثر من دبلوماسى عربى فى الأيام الأخيرة، وكل من سألتهم أجمعوا على ضرورة أن يكون موقفنا محققا لمصالحنا.
العلاقات الدولية فى معظمها لا تقوم على المثاليات والأخلاق، بل على المصالح، التى تحميها القوة الشاملة.
وحينما تنشأ مشكلة مثل تلك التى تشغل العالم بأكمله فى أوكرانيا، فإن كل طرف سواء كانت روسيا، أو الغرب يتمنى أن يقف كل العالم معه، سواء بالتأييد المادى أو المعنوى.
نعود للسؤال الأول: ما هو الموقف الصحيح الذى يفترض على العرب أن يأخذوه؟
الأفضل أن يكون اتخاذ الموقف مع هذه الدولة أو تلك على أساس المبادئ والأخلاق والشرعية الدولية، لكن أيضا بشرط أن يحقق مصالح الدولة المعنية. وفى حالتنا الراهنة فإنه لا يصح أن نتخذ مواقف مجردة، بل أن تكون مبنية على تحقيق مصالح واضحة لبلدنا أو لوطننا العربى الكبير.
فى عالم السياسة القائم على تحقيق المصالح ليس عيبا أن أدرس مزايا وعيوب أى موقف أتخذه.
على سبيل المثال وفى الحالة الراهنة من الطبيعى أن تكون هناك عملية حساب وتقييم دقيقة للمكاسب والخسائر، التى ستعود علينا إذا أيدنا روسيا أو المعسكر الغربى. ونتيجة التقييم هى التى ستخبرنا أى موقف سوف نتخذه.
لكن فى كل الأحوال لا توجد ولا يصح أن توجد مواقف مجانية، حتى لو تم تبرير ذلك بأنه موقف مبدئى. وبالمناسبة إسرائيل ماهرة تماما فى هذا الصدد، وتحقق مكاسب فى كل موقف تقريبا، وأحيانا تستفيد من طرفى الأزمة، بمعنى أنها مثلا أعلنت عن وقوفها مع الموقف الأمريكى الغربى وأوكرانيا، لأن واشنطن هى «ولية نعمتها»، لكنها فى الوقت نفسه تترك بعض منظمات المجتمع المدنى أو جماعات يهودية تناصر روسيا!
لا أطالب أن نكون انتهازيين، لكن فقط أن نبحث عن مصالحنا، ونقول بوضوح للطرف الذى سنؤيده، إننا نتوقع منك فى المقابل أن تؤيدنا فى قضية مهمة بالنسبة لنا كعرب أو كمصر مثل قضية سد النهضة على سبيل المثال. شىء من هذا حدث عربيا قبل حرب إخراج صدام حسين من الكويت فى أوائل عام ١٩٩١ حينما انضمت بعض الدول العربية لهذا التحالف وحصلت على مكاسب اقتصادية مثل إسقاط الديون، أو مكاسب سياسية فى بعض الملفات. سوريا مثلا حصلت على تعزيز وضعها فى لبنان وإنهاء تمرد العماد ميشال عون ضدها، قبل أن يصبح صديقها لاحقا!!
أحد الدبلوماسيين قال لى قبل أيام:
هذا المستوى من النزاع يتطلب حساسية وحسابات دقيقة من الأطراف الثلاثة (كمصر أو أية دولة عربية) من النزاع بسبب تشابك المصالح ودقتها وتأثرها. لذلك كنت أرى أنه من الحكمة التزام الصمت، ولو مؤقتا أو قدر الإمكان، وعدم الإسراع أو الانجرار لإصدار تصريحات أو بيانات صحفية حول الأزمة، لأن كل كلمة ستكون محسوبة علينا من الطرفين اللذين سيحشدان دول العالم المختلة لاستقطابه أو على الأقل تأييد موقفه. حتى وإن كان التصريح عاما من باب إعلاء لغة الحوار والدبلوماسية.. إلخ.
على سبيل المثال، فإن ذلك موقف فى حد ذاته، وسيقرأ كموقف محايد لن يتفهمه أو يرحب به أى من الطرفين لأنهما كانا يتوقعان منك تأييد موقفه على حساب الآخر. كما أرى أن موقف أية دولة من هذا النزاع يجب أن يكون له مقابل وثمن غالٍ بقدر مستوى الأزمة وطرفيها. لذلك لم أكن متحمسا، أن تقوم أية دولة عربية بإصدار بيانات عامة بلا موقف لأنه، وفى أحسن الظروف، سوف يضعنا ذلك فى خانة التحصيل حاصل وقد يستفز أو يخيب أمل طرفى النزاع فينا اللذين كانا يتوقعان منا المزيد بحكم علاقاتنا بكل منهما. هذا بالإضافة طبعا إلى أنه موقف ليس له أى ثمن أو عائد أو حتى تحقيق للمصلحة، بل سيدفع طرفى الأزمة للانصراف عنا كون موقفنا لا يعود عليهما بالنفع من وجهة نظرهما. لم يكن، من وجهة نظرى، مطلوب بيان صحفى فى هذه الحالة كتلك التى نصدرها عند وقوع ضحايا فى حادث مرورى أو انهيار أرضى!!
انتهى كلام الدبلوماسى وأراه عقلانيا، علما أن غالبية الدول العربية صوتت قبل أيام فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموقف الأمريكى والغربى والأوكرانى باستثناء سوريا.. فهل هذا موقف نهائى أم قابل للتعديل؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على أى أساس سنؤيد أمريكا أو الغرب على أى أساس سنؤيد أمريكا أو الغرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon