بقلم: عماد الدين حسين
خبر سعيد حقيقى يقول، إنه ابتداء من أول يناير المقبل سيتم تطبيق رفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص إلى ٢٤٠٠ جنيه، وكذلك تحديد قيمة العلاوة الدورية بما قيمته ٣٪ من الأجر التأمينى، بحيث يكون حدها الأدنى ٧٠ جنيها.
هذا الخبر المفرح أعلنه المجلس القومى للأجور خلال اجتماعه يوم الثلاثاء الماضى برئاسة الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وبحضور الوزراء المختصين فى التموين والقوى العاملة ورئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وممثلى الاتحاد العام للصناعات والغرف التجارية والسياحية والتشييد والبناء والاتحاد العام للعمال واتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع الأعمال العام وممثلى كل المؤسسات والأجهزة ذات الصلة.
إذا الراتب الذى سيتقاضاه أى عامل أو موظف فى القطاع الخاص والمستحق فى نهاية شهر يناير المقبل سيكون ٢٤٠٠ جنيه.
أوافق الدكتورة هالة السعد الرأى تماما، حينما قالت إن بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص خطوة مهمة وغير مسبوقة فى تفعيل مهام المجلس القومى للأجور.
للعلم فإن الوصول لهذه الخطوة استغرق زمنا طويلا وكانت هناك معارضة واسعة من غالبية منشآت القطاع الخاص لتطبيق هذه الخطوة، باعتبار أنها ستقلل هامش الربح، أو تجعله غير موجود أصلا، وأن بعضها يعانى من صعوبات اقتصادية متعددة. فى المقابل فإن هناك شركات قطاع خاص كثيرة طبقت هذا الحد الأدنى من تلقاء نفسها منذ سنوات.
الحد الأدنى للأجور مطبق فى القطاع الحكومى والعام، وبعد ثورة ٣٠ يونيو مباشرة، وللعلم أيضا فإن هناك عددا من وزراء حكومة د. حازم الببلاوى عارض تطبيقه وقتها، باعتبار أنه سيؤدى إلى مشاكل اقتصادية جمة، وأن رفعه لـ١٢٠٠ جنيه سيزيد من عجز الموازنة، فى حين أن المشير عبدالفتاح السيسى نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقتها، كان من أشد المؤيدين للرفع ومعه عدد آخر من الوزراء. وقبل حوالى عام جرى رفع هذا الحد الأدنى ليصبح ٢٤٠٠.
فى حين أنه جرى رفع الحد الأدنى فى القطاع الخاص قبل حوالى عامين ليصبح ١٢٠٠ جنيه، لكنه لم يكن ملزما وبالتالى لم يطبقه الكثيرون.
قرار رفع الحد الأدنى فى القطاع الحكومى والعام وقطاع الأعمال العام تتحمله الدولة لحوالى ٦ ملايين موظف وعامل، لكن العدد فى القطاع الخاص أكبر ويتراوح عدد العاملين فى هذا القطاع ما بين ٢٢ إلى ٢٧ مليون شخص، قليل منهم مؤمن عليهم، والباقى «على باب الله أو ظهورات».
قرار القطاع الخاص تم إرساله منذ 6 أشهر لكل الجهات والمنشآت الخاصة وتم مطالبتهم بتحديد آليات التطبيق وإرسال الموازنات المالية لكل شركة وقطاع خلال السنوات الماضية؛ لمعرفة وضعهم المالى ولعدم التهرب من تطبيق الحد الأدنى، أما الشركات الخاصة المستقرة التى لن تنفذ قرار الحد الأدنى فسيتم فرض غرامات مالية عليها.
أظن أن تطبيق هذا الحد الأدنى ليكون إلزاميا فى القطاع الخاص هو خطوة فى منتهى الأهمية، لأنها تصب فى إصلاح هيكل الأجور المختل بشدة وبالتالى فإن الإلزام مهم للغاية.
سيقول البعض ولكن حتى الـ٢٤٠٠ جنيه قليلة، ولا تكفى للمتطلبات الكثيرة فى ظل الارتفاعات المستمرة فى الأسعار والرسوم؟!
والإجابة أن هذا الحد الأدنى أفضل كثيرا من عدم وجوده، ونظرية الحصول على كل شىء مرة واحدة لم تحدث فى أى دولة ولن تحدث. وسيقول البعض أيضا إن هناك منشآت وشركات خاصة سيتم استثناؤها من تطبيق القرار، وبالتالى قد يحاول كثيرون التهرب من التنفيذ.
الحقيقة أن البعض يعانى بالفعل بسبب تداعيات كورونا، وبالتالى فعلى أجهزة الحكومة المختلفة التأكد من جدية إعلانات هذه المنشآت بأنها غير قادرة الآن على تنفيذ الحد الأدنى، وإمهالها لوقت محدد حتى تتحسن ظروفها الاقتصادية، تطبيقا للمادة الثانية من القرار رقم ٥٧ لسنة ٢٠٢١، والتى تنص على أنه فى حال تعرض منشأة لظروف اقتصادية يتعذر معها الوفاء بالحد الأدنى يجوز لها أن تتقدم بطلب الاستثناء الموثق فى موعد أقصاه ٣١ أكتوبر ٢٠٢١. وبالفعل تقدم ٣٠٦٠ طلبا فرديا و٢٨٠٠ طلب من ٢٢ قطاعا من يوليو الماضى حتى نهاية أكتوبر، وسيتم تأجيل تطبيق الحد الأدنى عليها حتى منتصف فبراير المقبل، ليتم الدراسة والفحص والتحقق من صحة طلبات الاستثناء.
مرة أخرى ما حدث خطوة مهمة نرجو أن تتلوها خطوات مختلفة للتخفيف عن المواطنين الذين واجهوا ويواجهون ظروفا صعبة جدا منذ تعويم الجنيه وإعادة هيكلة أسعار الوقود والطاقة مما انعكس سلبا على حياتهم.