بقلم: عماد الدين حسين
فى الأيام الماضية حفلت وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية بالعديد من الفيديوهات التى توضح غضبا كثيرا من الأمريكيين من الارتفاعات القياسية لأسعار الوقود.
واحد من هذه الفيديوهات لسيدة أمريكية غاضبة جدا، تسب وتلعن وتقول إن «تفويل» أو تزويد سيارتها بالوقود صار يكلفها ٩٨ دولارا بعد أن كان يكلفها عشرين دولارا فقط، وهى محتارة، هل تنفق ما لديها من أموال على الوقود أم على شراء الطعام لأسرتها؟!!.
هى تهاجم بشدة من تعتقد أنهم يسرقون الشعب ويراكمون الثروات خصوصا المديرين التنفيذيين على حساب غالبية الفقراء.
لماذا كثرت هذه الفيديوهات التى تنقل غضب الأمريكيين فى الأيام الأخيرة؟.
لأنه وبحسب بيانات الجمعية الأمريكية لسائقى السيارات فإن سعر الوقود حقق ارتفاعا قياسيا يوم السبت الماضى بأكثر من خمسة دولارات للجالون الواحد من البنزين الممتاز، والجالون «٣٫٧٨ لتر» مرتفعا بنسبة ٦٢٪ فى حين كان سعره قبل عام ٣٫٠٧٧ دولار، والتقديرات أنه قد يقفز فوق حاجز الدولارات الستة.
وبحسب بيانات رسمية فإن أسعار الطاقة ارتفعت فى البلاد فى مايو الماضى بنسبة ٣٤٫٦ مقارنة بمايو من العام الماضى، وهو ما ساهم فى زيادة أسعار الاستهلاك بنسبة ٨٫٦٪ على أساس سنوى، وهو أعلى ارتفاع منذ ٤١ عاما، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة زادت على ١٠٪، إضافة إلى ارتفاعات مماثلة فى أسعار المساكن والمركبات والخدمات الصحية.
طبقا لما نشرته صحيفة النيويورك تايمز فإن متوسط ما يدفعه المواطن الأمريكى لتلبية احتياجاته من الوقود ارتفع إلى ٤٥٠ دولارا شهريا بزيادة ١٠٠ دولار، عما كان موجودا فى عام ٢٠٢٠.
خبراء الطاقة يقولون إن كل سنت زيادة فى أسعار البنزين، يكلف الأمريكيين ٤ ملايين دولار إضافية فى اليوم الواحد، وأن الارتفاع المستمر فى الأسعار أدى إلى تسارع وتيرة التضخم لتسجل فى مايو الماضى ٨٫٦٪ وهو أعلى مستوى منذ دديسمبر ١٩٨١.
ومن الواضح أن الحرب الروسية الأوكرانية هى العامل الأساسى، إضافة إلى تداعيات فيروس كورونا وأسباب أخرى.
أمريكا هى أكبر منتج للبترول والغاز، لكنها لا تعطى الوقود للناس مجانا، أو حتى بأسعار قليلة. والرابح الأكبر من ارتفاع الأسعار هى الشركات الأمريكية الخاصة المنتجة، وليس الحكومة.
وبالتالى فإن المتضرر الأكبر هو عموم المواطنين الأمريكيين، خصوصا بعد أن قفز سعر البرميل من خام برنت إلى ما فوق ١٢٥ دولارا للبرميل وأقل منه ببضعة دولارات خام غرب تكساس الأمريكى المصنف فى بورصة نايمكس.
السؤال ما هو الهدف من كل الكلام السابق؟
الإجابة ببساطة أن استمرار ارتفاع الطاقة هو أسوأ خبر ليس فقط للمواطنين الأمريكيين، ولكن لإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، لأن هذا التطور الخطير يأتى قبل شهور قليلة من انتخابات التجديد النصفى لانتخابات الكونجرس المقررة فى نوفمبر المقبل.
ارتفاع أسعار الوقود ومعه غالبية الأسعار خصوصا السكن والغذاء والرعاية الصحية، سيعنى أن الناخبين الأمريكيين قد يعاقبون الإدارة الدبمقراطية الحالية، ويصوتون لصالح الحزب الجمهورى».
ومن سوء حظ الديمقراطيين أنه مع موسم الصيف يتوقع تزايد استهلاك الوقود، إضافة إلى أن عددا كبيرا منهم يستخدم السيارات ذات الدفع الرباعى، التى تستهلك المزيد من الوقود، والأسوأ أن بايدن نفسه لا يملك الكثير ليفعله باستثناء مهاجمة شركات النفط التى تهدف حسب قوله إلى مراكمة الأرباح الهائلة، ودعا المواطنين الأمريكية إلى التكيف مع الأوضاع، لأن معدلات التضخم ستستمر مرتفعة لفترة طويلة.
نفس الأمر تقريبا تكرر فى بريطانيا وحسب ما نقلته صحيفة التايمز، فإن وتيرة الارتفاع صعدت لأعلى مقارنة بسلع أخرى فى السنوات الـ17 الماضية، وبلغ سعر لتر الوقود جنيهين تقريبا.
ونقلا عن رابطة سائقى السيارات فإن لتر البنزبن ارتفع خلال أسبوع واحد قرابة بنسين، وإذا استمر نفس المعدل فسيقوم السائقون قريبا بدفع نحو 100 جنيه لملء خزان وقود يتسع لنحو 55 لترا.
السؤال إذا كان ذلك يحدث فى أمريكا الدولة الأقوى والأغنى عالميا وكذلك بريطانيا، فكيف يمكن تصور الأوضاع فى البلدان الأخرى النامية والفقيرة وغير المنتجة للنفط والمستوردة لمعظم احتياجاتها؟!
والأهم هل لذلك علاقة وتأثير على منطقة الشرق الأوسط؟
الإجابة نعم، وبايدن سيكون مضطرا إلى سحب كل كلامه السابق، عن السعودية ومحمد من سلمان، لعل وعسى تزيد السعودية إنتاجها من النفط فتنخفض الأسعار ويقل منسوب غضب المواطنين، وتلك قضية مهمة سنعود لمناقشتها لاحقا إن شاء الله.