بقلم : عماد الدين حسين
نصيب الفرد فى إثيوبيا من المياه ٧٥٠٠ متر مكعب سنويا، فى حين أن نصيب الفرد المصرى لا يزيد على ٥٧٠ مترا مكعبا سنويا. هذه المعلومة المهمة جدا سمعتها ظهر يوم الإثنين الماضى من الدكتور عبدالرحيم يحيى معاون الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الرى، خلال اللقاء الذى جمع الوزير وكبار مساعديه، مع الصحفيين والإعلاميين فى استراحة الوزارة بالقناطر الخيرية بمبادرة وتنظيم من المجلس الأعلى للإعلام.
من المعلومات المهمة التى قالها د. يحيى إن ما يسقط من مياه على دول حوض النيل سنويا لا يقل عن ٧٠٠٠ مليار متر مكعب، منها أكثر من ٩٠٠ مليار متر تسقط على الهضة الإثيوبية فقط.
إثيوبيا تكذب على مواطنيها وعلى العالم أجمع منذ سنوات طويلة، مدعية أنها لا تستفيد من المياه، وأن مصر والسودان هما من يستأثران بالحصة الأكبر من مياه النيل الأزرق.
الحكومات الإثيوبية المتعاقبة تكذب ولا تقول لشعبها إن الثروة الحيوانية فى بلدهم تستهلك ٨٤ مليار متر مكعب، وهو ما يعادل إجمالى حصة مصر والسودان مجتمعين، بمعنى أن مواشى إثيوبيا تستهلك نفس حصة كل مواطنى البلدين والزراعة والصناعة فيهما.
وهناك ٩٠ مليون فدان فى إثيوبيا يتم زراعتها اعتمادا على الأمطار، ولدى إثيوبيا أيضا ٤٠ مترا مكعبا من المياه الجوفية المتجددة على أعماق قريبة.
خلال اللقاء مع وزير الرى وكبار معاونيه رأينا العديد من الصور والبيانات، واحدة من هذه الصور، تبين مشهدا جويا ملتقطا بالأقمار الصناعية، يظهر خريطة إثيوبيا، وقد اكتست باللون الأخضر بنسبة ٩٤٪ من إجمالى مساحتها، فى حين أن هذا اللون الأخضر لا يشكل أكثر من ٥٪ من مساحة مصر، والـ٩٥٪ الأخرى صحراء صفراء.
إثيوبيا لا تخبر شعبها ولا العالم بأنها تخزن ٥٥ مليار متر من المياه فى بحيرة تانا، و١٠ مليارات متر مكعب فى سد تكيزى، و٥ مليارات فى سد فنشار وشارشار، و٣ مليارات فى مشروع تانابلس، وتحلم بأن تخزن ٧٤ مليار متر مكعب خلف سد النهضة.
لدى إثيوبيا ١٢ نهرا تنبع من أراضيها أو تمر بها، فى حين أن مصر ليس لديها أنهار تنبع منها، يصب فيها فقط نهر النيل، التى تعتمد على مياهه بنسبة أكثر من ٩٥ من إجمالى مصادرها المائية، والمياه الجوفية لديها لا تمثل ربما أكثر من ٣٪، خصوصا أن غالبية أراضيها صحراوية أو جبلية.
ومقابل الـ٩٣٦ مليار متر مكعب التى تسقط على إثيوبيا سنويا، لا يصل منها لمصر والسودان إلا ٨٤ مليار متر مكعب، ٥٥٫٥ مليار متر منها تصل مصر، والبقية تصل للسودان.
طبقا لما قاله مساعدو وزير الرى فى استراحة القناطر، فإن إجمالى الموارد المائية المتجددة فى مصر لا تزيد عن ٦٠ مليار متر مكعب أى حصتنا من مياه النيل، إضافة للكميات القليلة من الأمطار التى تهطل عليها، وهذه الكمية ترتفع إلى ٨٠ مليار متر مكعب، بعد إضافة بند «إعادة الاستخدام»، أى ما يتم معالجته سواء من مياه الزراعة أو الصرف الصحى، فى حين أن احتياجات مصر المائية تصل إلى ١١٤ مليار متر مكعب، وبالتالى فإن الفجوة المائية فى مصر تصل إلى ٣٤ مليار متر مكعب، ويمكن ترجمتها فى صورة أن مصر لو كان لديها هذه الكميات، أى الـ٣٤ مليار متر، ما اضطرت إلى استيراد سلع وبضائع كان يمكن زراعتها أو صناعتها فى مصر، لو توافرت هذه الكميات.
طبقا لوزير الرى الدكتور محمد عبدالعاطى، فإن مصر تحتاج من الآن وحتى عام ٢٠٣٧ ما بين ٧٫٦ مليار إلى ١٠ مليارات متر مكعب إضافية من المياه، وأن تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحى إحدى هذه الآليات لتدبير هذه الكميات.
ظنى أن علينا كمصريين؛ حكومة وإعلاما ومجتمعا مدنيا، أن نفضح الحكومة الإثيوبية أمام شعبها وأمام الأفارقة وأمام المجتمع الدولى ونعرض عليهم هذه المعلومات والبيانات المهمة، لأن ترجمتها الحقيقية هى أنهم يريدون أن يستأثروا بكل مياه النيل ثم يتركونا نموت عطشا، وهو ما لن يحدث أبدا إن شاء الله.