بقلم: عماد الدين حسين
ما هو حجم الإصابات الحقيقى لفيروس كورونا فى مصر؟
سؤال يصعب تقديم إجابة حاسمة عليه، لكن يمكن الاستناد إلى بعض المؤشرات الواضحة. صباح يوم الأربعاء الماضى ذهبنا لحضور المنتدى العالمى للتعليم العالى والبحث العلمى، بالعاصمة الإدارية الجديدة، لدى دخولنا من باب الفندق كان مطلوبا من كل شخص أن يجرى مسحة كاملة من الأنف للتأكد من خلوه من فيروس كورونا، وليس مجرد «الرابيد تيست» أو الاختبار السريع الذى قد لا يكون كافيا للتأكد من وجود الفيروس من عدمه.
وقفنا طابورا، وحينما حل دورى وأجريت المسحة كان رقمى ٨٦، وكان معى الأستاذان نشأت الديهى وأكرم القصاص.
بعد خمس دقائق من إجراء المسحة أخبرنى الطبيب بأن نتيجة مسحتى سلبية. سألته كم عدد من تم اكتشاف إصابتهم بالفيروس؟ فكانت إجابته: واحد فقط.
حينما دخلت إلى الصالون الملحق بقاعة الفندق قبل بدء المؤتمر وجدت مجموعة من الزملاء الإعلاميين والمسئولين وكان بينهم الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الجديد باسم وزارة الصحة، والذى عاد للمنصب بعد أن شغله سنوات طوالا، قلت له إنه من بين نحو ٩٠ شخصا تم إجراء المسحات لهم كانت هناك إصابة واحدة فقط، فرد على مبتسما بقوله: هذا دليل عملى على صحة البيانات التى تصدرها وزارة الصحة منذ بداية الجائحة.
قلت له ضاحكا أيضا: لا أظن ذلك!!!.
وبعيدا عن هذه المداعبة، فإن السؤال: هل هذه النتيجة يمكن اعتبارها عينة عشوائية حقيقية لحجم الإصابات بفيروس كورونا فى مصر؟!
إجابتى هى: «لا». وهذه الإجابة لا تعنى التشكيك فى بيانات وزارة الصحة، لأن عددا كبيرا من مسئولى الوزارة قالوا أكثر من مرة إن ما يتم إعلانه من بيانات يومية لا يعبر بالضرورة عن حجم الإصابات، بل إن أحد كبار المسئولين بالوزارة قال قبل شهور إن العدد الحقيقى قد يكون عشرة أمثال ما يتم إعلانه من بيانات يومية. وظنى أنه حتى لو كانت الإصابات عشرة أمثال فإنها تظل معقولة مقارنة بالعديد من بلدان العالم.
لا يعنى ذلك التشكيك فى بيانات وزارة الصحة لكن الأمر ببساطة أن هذه البيانات تعكس فقط العدد الذى تقوم مستشفيات وزارة الصحة بإجراء المسحات لهم.
ونعلم جميعا أن الموارد المالية القليلة لا تجعلنا نقوم بالتوسع فى عمليات الفحص والتشخيص، على نطاق واسع كما تفعل الدول المتقدمة والغنية. لكن ربما تكون النسبة الأكثر صوابا هى عدد الوفيات، وحتى هذا العدد لا يمثل الحقيقة الكاملة لأن بعض المصريين يموت متأثرا بفيروس كورونا من دون أن يكون قد أجرى المسحة أو حتى ذهب إلى مستشفى حكومى أو خاص.
النقطة الثانية أن العينة التى تم إجراء المسحات لها قد لا تكون ممثلة فعلا بالتعبير العلمى والإحصائى لأن معظمهم ــ إن لم يكن كلهم ــ قد حصلوا على أحد لقاحات فيروس كورونا، وبالتالى فالمناعة لديهم قوية إلى حد ما.
ما أريد قوله من وراء كل ذلك هو أنه لا يمكن إغفال أن هناك اصابة واحدة بين نحو ٩٠ فردا، فالحقيقة المؤكدة التى يمكن أن نخرج بها هى أن نسبة الاصابة قليلة جدا، وأن اللقاحات مهمة جدا وتمنع إلى حد كبير من الإصابة بالفيروس اللعين، وحتى إذا أصيب من تلقى اللقاح فإن الأعراض تكون أقل حدة ونسبة الوفيات أقل وأقل، طبقا لما يقوله كل خبراء منظمة الصحة العالمية والمتخصصون فى هذا المجال.
وأخشى أن يفهم من كل كلامى السابق أننى أدعو إلى التساهل باعتبار أن الإصابات تتراجع، فالحقيقة عكس ذلك وقد يكون هناك سبب لا نعرفه بوضوح حتى الآن يفسر لنا قلة عدد الإصابات فى مصر، لكن هناك المتحور دلتا والمتحور الإفريقى الجديد «أومكرون» الذى ينتشر بسرعة شديدة فى عدد كبير من بلدان العالم، ثم إن الإصابات لاتزال موجودة وكذلك الوفيات، وبالتالى فالحرص واجب تماما، واتباع الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى يظل أمرا فى غاية الأهمية حتى نتأكد تماما أن الخطر قد زال، خصوصا أن غالبية المصريين بدأوا فى هجران الكمامة، ويتعاملون وكأن الفيروس قد اختفى تماما، وهو أمر غير صحيح.
نحن الآن فى عز الشتاء وفرص الإصابات أكثر كما حدث فى العام الماضى حينما عرفنا كورونا للمرة الأولى، وبالتالى وجب إعادة التنبيه على الجميع بضرورة الحذر حتى نطمئن تماما أن الاصابات قد تراجعت بالفعل، وليس فقط بين عينة التسعين شخصا.