بقلم: عماد الدين حسين
هل ستتأثر مصر ومواطنوها وحكومتها بارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية عالميا، خصوصا بسبب التغيرات المناخية وارتفاع أسعار البترول وتداعيات كورونا وهو الموضوع الذى تحدثتا عنه بالأمس؟!
الإجابة هى نعم: سنتأثر ، بل بدأنا نتأثر بالفعل.
مصر جزء من العالم، ولأنها تستورد العديد من السلع الأساسية، فالمؤكد أن درجة تأثرها ستكون كبيرة.
ارتفاع أسعار بعض السلع الرئيسية أدى إلى رفع معدل التضخم فى شهور كثيرة العام الماضى، ومنها مثلا فى شهر أكتوبر بنسبة ١٫٧٪ على أساس شهرى، فى حين تراجع المعدل على أساس سنوى إلى ٧٫٣٪ مقابل ٨٪ فى سبتمبر الماضى.
ونظرة سريعة على موقف السلع الأساسية فى مصر، ستقدم لنا إجابة عن السؤال .
نحن، الدولة الأكثر استيرادا للقمح عالميا واستوردنا طبقا لإحصاءات ٢٠٢١ حوالى ٥٫٥ مليون طن، مقابل ٣٫٥ مليون طن، تم توريدها محليا من الفلاحين.
الخبر المؤسف أن سعر طن القمح سجل ارتفاعات متوالية خلال عام ٢٠٢١ وسعره الآن عالميا يزيد بنسبة ٤٢٪ مقارنة بسعره قبل عام، وإن كانت هناك توقعات أن يبدأ مرحلة الاستقرار وربما التراجع فى مارس المقبل .
وارتفعت أسعار الدقيق بنسبة ٧٪ للطن بسبب ارتفاع أسعار القمح، وهو ما أدى آليًا إلى ارتفاع سعر المكرونة بنسبة ٥٪.
أما عن الزيت، فقد اضطرت وزارة التموين لزيادة سعر زجاجة الزيت المدعم من ٢١ جنيها إلى ٢٥ جنيها، اعتبارا من أول نوفمبر الماضى. وهى الزيادة الثانية، حيث سبق ورفعت الحكومة سعر العبوة للتر من ١٧ جنيها إلى ٢١ جنيها فى يونيو الماضى، والسبب هو ارتفاع عالمى حيث قفز سعر طن الزيت الخام من ٢١ ألفا إلى ٢٥ ألف جنيه، علما أن مصر تستورد أكثر من ٨٧٪ من استهلاكها.
ومن القمح والدقيق والمكرونة والزيت إلى السكر، حيث أعلن الدكتور على المصيلحى وزير التموين رفع سعر كيلو السكر فى المجمعات الاستهلاكية بمقدار جنيهين من ٨٫٥ جنيه إلى ١٠٫٥ جنيها بداية من شهر يناير الجارى. علما أن سعره الحر يتراوح بين ١١ و١٣ جنيها، حسب قول الوزير الذى قال إنه من الظلم أن يتحمل المصنِّعون خسائر، لأن سعر شراء القصب من المواطنين ارتفع، وقفز سعر طن السكر الأبيض إلى ٨٢٠٠ جنيه في بداية سبتمبر الماضى بعد أن كان سعره ١١ ألفا فقط. ويبغ حجم استهلاك مصر من السكر ٣٫٢ مليون طن، منها ٢٫٤ مليون طن إنتاجا محليا.
وبحسب أحمد الباشا رئيس شعبة الغلال بغرفة القاهرة التجارية، فإن أسعار الفول المستورد ارتفعت بنسبة تتراوح بين ١٥ و٢٠٪ بسبب زياد أسعاره عالميا إلى ٥٠٠٠ جنيه للطن، والأخطر أن مصر تستورد ٨٢٪ من احتياجاتها من الخارج.
اللحوم الحمراء ارتفعت أيضا بحوالى عشرة جنيهات للكيلو، بحسب هيثم عبدالباسط نائب رئيس شعبة القصابين.
وبحسب حسن فوزى، رئيس شعبة البن فى غرفة القاهرة التجارية فإن الأسعار زادت من ١٢٠ جنيها لسعر الكيلو السادة إلى ١٢٠ بعد أن كان سعره ٩٢ جنيها.
أسعار العدس زادت أيضا بنسب تتراوح من ١٠ و١٥٪ بعد أن ارتفع سعر الطن بنحو ١٨٠ جنيها ليصل إلى ١٨ ألف جنيه، وتستورد مصر معظم احتياجاتها من الخارج.
الحديد قفز قفزات شديدة فى الشهور الماضية ووصل سعر الطن إلى أكثر من ١٥ ألف جنيه بسبب زيادة سعر الخردة فى البورصات العالمية، لكن سعره بدأ فى التراجع قليلا.
أسعار الأدوات الكهربائية والمنزلية ارتفعت ثلاث مرات متتالية خلال الشهور الماضية، ووصلت إلى ٣٠٪ مقارنة بأسعار شهر يوليو، بسبب ارتفاع أسعار الشحن وزيادة قيمة التأمين وارتفاع الأسعار فى الصين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف المنتجات المحلية.
هذه أبرز السلع التى سجلت ارتفاعات متفاوتة فى الشهور الأخيرة، سببها الأساسى ارتفاع الأسعار عالميا وارتفاع أسعار البترول والغاز وتكاليف الشحن والتأمين، والحل الرئيسى أن يزيد الإنتاج وتزيد الصادرات ونقلل الواردات إلى أقل قدر ممكن، حتى لا نجد أنفسنا تحت رحمة الآخرين.
ونتيجة لكل ما سبق يمكن فهم لماذا وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة قبل يومين إلى رفع الحد الأدنى للأجور إلى ٢٧٠٠، وقبله الحد الأدنى فى القطاع الخاص إلى ٢٤٠٠، إضافة للعلاوات وتحسين أحوال المعلمين.
هذه خطوة جيدة وشديدة الأهمية ،وجاءت فى وقتها تماما وتستحق نقاشات معمقة ان شاءالله.