بقلم : عماد الدين حسين
فى السادسة إلا الربع من مساء يوم الإثنين الماضى بتوقيت القاهرة، أصيبت غالبية وسائل التواصل الاجتماعى بسكتة دماغية حادة، استمرت حوالى ست ساعات كاملة، وحينما حدث ذلك، فقد اصيب مليارات الناس حول العالم، بصدمة هى الأعنف منذ ظهور تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى.
العطل أصاب شبكة الفيسبوك وغالبية تطبيقاتها مثل واتساب وانستجرام وماسنجر ومحركات بحث وخدمات هاتفية مختلفة حول العالم وجوجل وآمازون، والى حد ما تويتر. موقع فيسبوك كتب فى بداية المشكلة يقول: «نحن ندرك أن بعض الأشخاص يواجهون مشكلة فى الوصول إلى تطبيقاتنا ومنتجاتنا، ونحن نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها فى أسرع وقت ممكن ونأسف لأى إزعاج».
بالطبع صياغة الأزمة بهذا الشكل لم تكن دقيقة، فالمستخدمون لم يواجهوا فقط مشكلة فى الوصول للوسائل، ولكنهم عجزوا تماما عن دخولها.
لكن ما الذى حدث، وهل هو بسبب أعطال فنية أم هجمات إرهابية؟
فيسبوك قالت في بيان ان العطل سببه "تغيير خاطئ في اعدادات الخوادم" التي تربط من خلال الانترنت هذه المنصات بمستخدميها، لكن تقارير أخرى تحدثت عن احتمال وجود عمل متعمد وراء هذا العطل الأكبر من نوعه على الإطلاق مقارنة بالعطل الجزئى فى ٢٠١٩ والذى أدى إلى تعطل العمل لمدة ساعة فقط.
على سبيل المثال كان لافتا تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية يقول إن العطل يجىء بعد يوم واحد فقط من ظهور الموظفة السابقة البارزة في الموقع فرانسيس هوجن مع برنامج ٦٠ دقيقة على شاشة سى بى إس ،وقولها أن "فيسبوك يعرف أن منتجاته تغذى الكراهية وتضر بصحة الأطفال العقلية،وانه أسوأ بكثير من كل ما رأته سابقا،وان الشبكة اختارت الربح المادي علي حساب سلامة المستخدمين»،وعلق الرئيس الامريكي جو بادين علي هذه المعلومات بقوله ان "الشركة لا تعرف ضبط نفسها"!!.
أما خبير الأمن السييرانى أندريه ماسالوفبتش فقد قال لقناة روسيا اليوم إن سبب التعطل قد يكون هجوما على جدول خودام الـDNS ومن دون هذه الجداول المختلفة، لا تستطيع الخوادم الاتصال ببعضها البعض، فإذا كان الهجوم صغيرا فإنه يؤدى إلى تعطيل حى أو منطقة مثلا، وإذا كان متوسطا فلن تتمكن مدينة من رؤية مدينة أخرى وإذا كان الهجوم كبيرا، فقد يؤدى لفصل دول عن بعضها البعض. وخدمة نظام عنونة الموقع DNS تترجم اسم الموقع من «فيسبوك. كوم» إلى ١٢ رقما.
خبير آخر فى معهد أمريكى قال إن ما حدث ليس عطلا طارئا، بل إن الأمر ببساطة أن لدينا تطبيقات تعتمد على الـGBS الذى يرصد وينظم عمل الطائرات وأبراج المراقبة والأقمار الصناعية.
قد يسأل سائل، وما الذى يضر الناس أو العالم أجمع من تعطل وسائل التواصل الاجتماعى؟
الأمر لم يعد مجرد وسائل تواصل للتسلية والدردشة لكنه صار المصدر الأول للمعلومات، بل والأهم أنه يستخدم على نطاق واسع فى التسوق والتجارة الإلكترونية، وهناك شركات صارت تعتمد بنسبة ٩٠٪ على المبيعات الإلكترونية خصوصا بعد ظهور فيروس كورونا وطبقا للتقديرات فهناك 3.5 مليار شخص يستخدمون منصات الفيسبوك الاربعة.
نتذكر أنه فى شهر يونيو الماضى، حدث اختراق أمنى وتقنى خطير أدى إلى تغيير مسار سفينة كانت متجهة من تكساس إلى نيوجيرسى.
وما يكشف أن ما حدث مساء الإثنين الماضى، لم يكن عاديا، هو أن إسرائيل أعلنت حالة التأهب القصوى، خوفا من هجوم سييرانى محتمل على سيرفرات فيسبوك وبقية وسائل التواصل الاجتماعى، خصوصا أنها نفذت هجمات إلكترونية كثيرة ضد دول أخرى بعضها موجود فى الإقليم.
الخسائر المبدئية للساعات الست من مساء الإثنين الماضى، قد تصل إلى ١٥٠ مليار دولار، وخسائر فيسبوك فقط بلغت عشرين مليار دولار علما بأن قيمتها السوقية تبلغ ٩٦٧ مليار دولار بعد أن هبطت قيمة السهم ٥٪، ، وثروة مؤسسها مارك زوكربيرج تراجعت ٧ مليارات دولار، ومؤشر ناسداك تراجع ٢٪، كما تراجعت معظم الأسهم الأمريكية خصوصا أسهم شركات التكنولوجيا.
لا أحد يستطيع أن يجزم سبب التعطل حتى نصل لحقيقة ما حدث بالفعل، لكن وبغض النظر عن ذلك، فإن ملايين الناس فى العالم قد اكتشفوا، أنهم لا يمكن لهم أن يستغنوا عن وسائل التواصل الاجتماعى سواء للترفيه أو فى أمور وقضايا مهمة جدا وحساسة.
فهل صرنا لا نستطيع الاستغناء عنها فعلا وكيف كنا نعيش فى الماضى من دونها؟!
سؤال يحتاج إلى نقاش لاحق.