بقلم: عماد الدين حسين
زرت ألمانيا لمدة خمسة أيام لحضور الاحتفال بمرور عشر سنوات على إنشاء فرع للجامعة الألمانية بالقاهرة فى برلين علما بأن الجامعة الأم احتفلت قبل أيام أيضا بمرور عشرين عاما على افتتاح مقرها الرئيسى فى القاهرة.
الزيارة كانت فرصة جيدة للتجول فى بعض شوارع اثنتين من أهم المدن الألمانية وهما بون وبرلين إضافة لقضاء بضع ساعات فى ميونخ.
الملمح الرئيسى فى هذه الجولة أن الشعب الألمانى مثله مثل كل شعوب الدنيا هو الطهق والزهق من كورونا والرغبة فى العودة إلى الحياة الطبيعية.
فى كل مكان سرت فيه كانت غالبية الناس لا ترتدى الكمامة.
أحد المصريين المقيمين هناك قال لى إن الألمان كانوا من أكثر الناس التزاما خلال فترة صعود وانتشار كورونا وتحملوا بشجاعة فترات التقييد والإغلاق لدرجة أن الجد لم يكن يستطيع أن يقابل حفيده وجها لوجه، وذات يوم أحضر الأب أبناءه فى الشارع كى يراهم الجد من البلكونة رغم توسلاته لمسئولى البلدية والشرطة!!.
علاقة كثير من الناس بالشارع فى فترات انتشار كورونا كانت من خلال النوافذ وفى بعض الولايات كان هناك إغلاق كامل، وبالتالى فمن المنطقى أن يكون الاحتفال بنهاية إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعى صاخبا.
فى انتظار فتح إشارات مرور المشاة فى الشوارع الألمانية كان عدد المنتظرين كبيرا جدا، وقال لى الصديق المقيم فى برلين إنه فى فترات كورونا كان عدد الواقفين فى كل الإشارات لا يزيد أحيانا على عدد أصابع اليد الواحدة.
الدخول للمنشآت والمولات كان يتم فى أضيق الحدود، وبعدد محدود جدا حرصا على السلامة العامة، وبالتالى لم يكن هناك أى تهاون فى تطبيق هذه الإجراءات، ومن لا يلتزم يتعرض لدفع غرامات باهظة، تزيد إذا تكررت المخالفة.
الآن وقد بدأت الإصابات فى التراجع بصورة كبيرة، فقد بدأت الحياة تعود إلى صورتها شبه الطبيعية.
ورغم ذلك فإن دخول بعض الأماكن لايزال يتطلب ارتداء الكمامة. وهو ما حدث خلال احتفالات الجامعة الألمانية سواء فى بون أو العاصمة برلين.
ثم تكرر الأمر فى بعض المطاعم، أما فى الطائرات المختلفة التى ركبناها فإن ارتداء الكمامة كان إلزاميا ومن دونه لا يمكنك الدخول.
الألمان والمقيمون هناك من كل الجنسيات عادوا ليملأوا الشوارع ويرتادوا المقاهى والكافيهات الكثيرة المنتشرة فى الشوارع وعلى الأرصفة لكنهم يفعلون ذلك بصورة منظمة وحضارية والأهم أيضا مهذبة.
الناس تبتسم لك حينما تتقابل العيون خصوصا فى الأماكن المغلقة مثل المصاعد أو المطاعم.
يحترمون قواعد المرور بصورة كاملة، ركبنا مع صديق مصرى لمسافة تزيد على ٧٠ كيلومترا خارج برلين، وكنا نستغرب أنه لا يتجاوز السرعة.
ولم نسمع الكلاكسات ولم نرَ التكاتك ولم نشاهد ضابطا أو شرطى مرور، الناس تفعل ذلك بصورة طبيعية، كما أنهم يحترمون إشارات المرور حينما يعبرونها سيرا على الأقدام، وإذا رأيت شخصا يخالف ذلك فاعلم أنه ليس ألمانيا، أو لا يقيم فى ألمانيا، لكنه جاء من مناطق تخاصم النظام والانضباط.
فى الثامنة وخمس دقائق مساء ذهبت إلى إحدى الصيدليات فوجدتها مغلقة، وحينما سألت قالوا لى إنه غير مسموح لأى محل أو منشأة بالاستمرار بعد مواعيد الإغلاق، وقا لى أحدهم إن هناك صيدليات مناوبة لكنها موجودة على مسافة تبعد أكثر من ١٥ كيلومترا فى المحطة المركزية للقطارات فى قلب برلين.
فى اليوم التالى ذهبت لنفس الصيدلية فوجدتها تفتح فى العاشرة صباحا بالثانية والدقيقة.
الناس تعود إلى بيوتها لتنام، ولا يبقى فى الشوارع إلا عدد قليل من الشباب فى الكافيهات والمطاعم التى يسمح لها بالاستمرار إلى العاشرة أو الحادية عشرة.
لكن الذى أدهشنى وجود مشردين يفترشون الشوارع خصوصا حول محطة قطارات «فريدريش شتراسا» ولا أعلم كيف سمحت لهم السلطات بذلك؟!
ما يزال الشعب الألمانى منضطبا، لكن الذى تغير هو تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الكثير من مناحى الحياة خصوصا أسعار العديد من السلع والخدمات، وهو موضوع يستحق نقاشا لاحقا إن شاء الله.