بقلم : عماد الدين حسين
أن تقرر الدولة تخصيص يوم الأول من أكتوبر للاحتفال بيوم القضاء المصرى، فهى لفتة رمزية ومعنوية مهمة ورسالة بأن الدولة والمجتمع يقدرون هذا المرفق المهم والحيوى.
صباح السبت الماضى سعدت بحضور الاحتفال بعيد القضاء، حيث تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى وكرم شهداء القضاة، وقال إنه وجه الحكومة بتوفير المخصصات اللازمة لتطوير منظومة القضاء وتحقيق العدالة الناجزة، كما تحدث وزير العدل المستشار عمر مروان، الذى قال إن إنشاء مدينة العدالة فى العاصمة الإدارية هو درة مشروعات تطوير العمل القضائى والإدارى، كما تحدث أيضا رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار سعيد مرعى الذى قال إن الشعب يرى فى الرئيس السيسى الضامن الأساسى لاستمرار الجمهورية الجديدة وتطورها.
السؤال الذى خطر فى ذهنى وأنا موجود داخل قاعة الاحتفال الرئيسية فى مركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالقاهرة الجديدة هو: ماذا يريد الشعب من القضاء والقضاة ونحن نحتفل بعيدهم أو يومهم؟
المطلب الأول للناس جميعا من القضاء والقضاة هو تحقيق العدل والحكم به، حتى لا يسود الظلم، وأن يتمتع القضاة بالنزاهة والاستقلالية الكاملة، حتى تصدر أحكامهم بأكبر قدر من الحيدة والنزاهة، وأن تكون متفقة مع صحيح القانون، ومحققة للعدالة فى أفضل صورها، حتى لا يهتز ميزان العدل، ويفقد الناس الثقة فى كل شىء.
يحتاج الناس من القضاء، أن تصدر الأحكام فى أسرع وقت ممكن، لأن العدالة البطيئة جدا، قد تتسبب فى مشاكل كثيرة، ولا تنصف المظلومين، وأن تكون الإجراءات سهلة وميسرة. وأتصور أن كثيرا من المشكلات المتعلقة بالتأخير قد يتم حلها مع التوسع فى تطبيق الميكنة والتحول الرقمى فى القضاء، وسمعنا أخيرا أنه يمكن أن يتم الحكم فى بعض القضايا «أونلاين» بما يخفف الزحام والتأخير.
يحتاج الناس من القضاء أن يكون العدل هو الأساس فى كل شىء.
ويحتاج الناس من مرفق القضاء أن تكون المحاكم مهيأة وميسرة لتعامل آدمى، من أول دخول المواطن للمحكمة، مرورا بأماكن الاحتجاز أثناء نظر القضايا، والغرف المخصصة للمحامين، وكل ما يتعلق بعملية التقاضى، أى منذ دخوله إلى مقر المحكمة وحتى خروجه منها، سواء كان متهما أو مدعيا أو محاميا أو شاهدا. وللموضوعية فهناك نقاط مضيئة فى التعامل مع المواطنين، رأيت بعضها بنفسى أكثر من مرة فى الشهر العقارى، وهى المصلحة التابعة لوزارة العدل، والتى يتعامل معها ملايين المصرية بصورة شبه يومية.
ذهبت لفروع متعددة فى الشهر العقارى فى مدن وقرى مختلفة، وفى الفترات الأخيرة، كنت أذهب إلى فرع مجلس النواب قرب لاظوغلى، أو فرع النادى الأهلى بالجزيرة. وقبل أيام زرت مقر المصلحة الرئيسى، وهناك رأيت عملية تجديد شاملة للمكان، والتقيت بالدكتور جمال ياقوت رئيس المصلحة، ويومها عرفت أن عدد العاملين فى مصلحة الشهر العقارى، كان حتى سنوات قليلة مضت يصل إلى ١٢ ألف موظف، انخفض الآن إلى النصف تقريبا، فى حين أن عدد المتعاملين من المواطنين زاد بصورة كبيرة.
فى مرات كثيرة كنت أراقب أداء الموظفين، واكتشفت أن معظمهم حرفيا يعمل منذ دخوله إلى المكتب صباحا وحتى نهاية عمله عصرا، من دون راحة تقريبا لأن حجم العمل لا يتوقف، وتدفق الناس مستمر وعرفت أن معظم المكاتب، أو المأموريات، إن لم يكن كلها لا يعمل بها إلا ثلاثة أشخاص، رئيس فرع، واثنان من الموظفين، وتكون هناك مشكلة كبرى إذا مرض أحد الموظفين أو حدث له ظرف طارئ، فى هذه الحالة تحدث عملية تباديل وتوافيق كثيرة، حتى يتم حل المشكلة.
عرفت من الدكتور جمال ياقوت أيضا أن عملية الربط الإلكترونى بين المأموريات والمكاتب والهيئات والمؤسسات المختلفة، ستقضى على معظم عمليات التزوير فى الأوراق، التى يلجأ إليها المزورون والمزيفون، ونعلم جميعا خطورة تزوير فى ورقة أو مستند أو وثيقة وهو ما يمكن أن يكلف شخصا آخر، كل ما يملك.
تحية لمرفق القضاء فى يومه، وتحية تقدير لكل وكيل نيابة أو قاض يقوم بعمله على أكمل وجه، وكما ينبغى، ويحقق العدالة قدر المستطاع، ولا يبغى إلا وجه الله فى عمله.