توقيت القاهرة المحلي 09:13:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الميكنة والفساد.. من ينتصر؟!

  مصر اليوم -

الميكنة والفساد من ينتصر

بقلم : عماد الدين حسين

لو أن الحكومة نفذت وأنجزت ما طلبه الرئيس السيسى بضرورة ميكنة جميع الإجراءات فى مصر، فإن ذلك سيحل العديد من المشكلات المستعصية، وفى مقدمتها تقليل نسب الفساد بدرجة كبيرة.
الرئيس السيسى وخلال كلمته يوم الثلاثاء قبل الماضى على هامش تفقد عملية تطوير ميناء الإسكندرية، قال إن الدولة تتجه لميكنة جميع الإجراءات الضريبية والجمركية بشكل كامل بحلول مارس ٢٠٢٢، والهدف هو تسهيل العمل والإجراءات وتحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية والأداء والحد من الفساد.
الرئيس طالب الحكومة بميكنة كل الإجراءات، مع الاستعداد لتوفير ١٠٠ مليار جنيه لتنفيذ هذا الهدف.
كنت حاضرا لوقائع الاحتفال الذى جرى فى ميناء الإسكندرية، واستمعت إلى العرض التفصيلى الذى قدمه الدكتور محمد معيط وزير المالية أمام الرئيس والحاضرين، وقال خلاله إنه جرى تطبيق الميكنة فى الضرائب والجمارك خلال الشهور الماضية، بشكل تجريبى، والعمل الفعلى سيبدأ فى مارس المقبل.
وزير المالية قال إن إجراءات التخليص الجمركى، سوف يتم اختصارها فى ٤ مستندات فقط، وجارٍ العمل على قبول المستندات والتخليص إلكترونيا، وتوفير أرشفة إلكترونية. وهناك ربط إلكترونى للجهات العاملة بالموانئ، إضافة إلى وجود ١٢ مركزا لوجستيا مطورا لتسهيل عمليات الإفراج الجمركى عن الواردات، تغطى ٩٨٪ من قيمة الواردات إلى مصر خلال ١٤ شهرا بقيمة ٧٩٫٣ مليار دولار.
معيط كشف عن نقطة مهمة وهى التسجيل المسبق للواردات، مما يحمى البلاد من دخول البضائع الممنوعة مثل المخدرات، أو مجهولة المصدر، وبالتالى تقليل معدلات التلاعب، مضيفا أن التطبيق التجريبى لهذه المنظومة جارٍ العمل به منذ شهور، أما التنفيذ الإلزامى لمنظومة التسجيل المسبق للشحنات فسيبدأ فى الشهر المقبل.
الرئيس السيسى أيضا تحدث باستفاضة عن هذا الموضوع، وقال إنه سيؤدى للقضاء على الفساد واختصار الجهد والوقت والمال. الرئيس ضرب مثلا بسنغافورة، التى يدير ميناءها الضخم 8 أفراد فقط. وبالتالى لابد أن تكون مصر مثل هذه البلدان المتقدمة، ولابد من تطبيق المعايير الأوروبية فى عملية استيراد البضائع. وكلما كانت هناك سيطرة على المنافذ، كلما أمكن منع دخول الممنوعات، إضافة بالطبع لتحصيل حقوق الدولة، علما بأن الضرائب والجمارك من المصادر الرئيسية للدخل القومى وإيرادات الموازنة العامة.
مرة أخرى إذا جرى تطبيق ميكنة الضرائب والجمارك، فسوف يتم القضاء على العديد من أوجه الفساد، والتهرب من سداد حقوق الدولة فى هذين المجالين المهمين.
ونعلم جميعا أن المحتالين واللصوص والفاسدين، لديهم عشرات الطرق والحيل والأساليب، للتهرب من سداد حقوق الدولة فى الضرائب والجمارك، مما أدى إلى إهدار مليارات الدولارات، كان يمكن أن تعالج الكثير من المشاكل.
المفروض أن تطبيق الميكنة يعنى عمليا القضاء على الفساد، لأنه سيمنع التعامل المباشر بين العميل والموظف، وبالتالى فإن كل طرق الإفساد المعروفة يفترض أن تختفى من أول «صباح الخير يا باشا»، نهاية بـ«كل سنة وإنت طيب»، وما بينهما من كلمات ستدخل فى قسم العبارات المأثورة بمتحف الفساد!
لكن السؤال هو: هل تطبيق الميكنة يعنى فعليا القضاء على الفساد؟!
نظريا الإجابة هى نعم، لكن عمليا لا أجزم، ولذلك أدعو وزارة المالية وجميع الأجهزة الرقابية ذات الصلة بالموضوع، إلى دراسة هادئة ومعمقة للطرق التى يمكن أن يلجأ إليها الفاسدون، للتغلب على العوائق المستحدثة والمتمثلة فى الميكنة.
الفاسدون فى مصر، وبعض ضعاف الضمير، أثبتوا دائما أنهم بارعون فى الالتفاف على كل الإجراءات، مثلما هم بارعون فى الفساد والإفساد.
وبالتالى وجب على الخبراء والمختصين التنبه والتحسب لهذه الحيل الجديدة، التى قد يلجأ إليها المتضررون من نظام الميكنة الجديد.
البيروقراطية المصرية عودتنا دائما على أنها قادرة على الالتفاف على كل طرق الإصلاح والتحديث والشفافية والحوكمة، ولكن أظن أن هناك فرصة مهمة لتوجيه ضربة مؤثرة لصنم الفساد، الذى أثبت أنه قادر على التكيف مع كل المتغيرات. وكل ما نأمله ألا يكون قادرا على التكيف مع الميكنة.
الميكنة والتحول الرقمى قضية فى غاية الأهمية وتستحق نقاشات معمقة من كل جوانبها حتى نلحق بالعالم المتقدم، بدلا من التراجع إلى طابور المتخلفين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميكنة والفساد من ينتصر الميكنة والفساد من ينتصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon