بقلم - عماد الدين حسين
قبل أيام من انتخابات نقابة الصحفيين التى جرت يوم الجمعة الماضى، قابلنى أحد الزملاء، وسألنى عن توقعاتى لمن سيفوز بمنصب النقيب، والزملاء الستة فى التجديد النصفى لمجلس النقابة، فقلت له لا أعرف تحديدا لأن الانتخابات هذه المرة صعبة، والأسس والقواعد التى كنا نحكم عليها فى الماضى تغيرت إلى حد كبير.
الزميل قال إنه متأكد من فوز الزميل خالد البلشى لكن الأجهزة الحكومية ستقوم بتزوير الانتخابات لصالح الزميل خالد ميرى، وستمنع فوز من أسماهم «المشاغبين» فى العضوية!!
قلت لهذا الزميل: قد يكون هناك تزويرا تم في بعض الانخابات البرلمانية في فترات مختلفة،لكن أظن أنك مخطئ تماما فيما يتعلق بانتخابات نقابة الصحفيين، والعبدلله يتابعها بصفة دائمة منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضى، وحتى فى الفترات التى كنت أعمل فى صحيفة البيان بالإمارات، كنت أنزل فى إجازة قصيرة للمشاركة الانتخابات. وعلى حد علمى لم تحدث عملية تزوير واحدة، والدليل الواضح والقاطع أن هناك عددا كبيرا من المعارضين فازوا بمنصب النقيب ولم يحدث ضدهم تزوير أمثال جلال عارف وممدوح الولى ويحيى قلاش. كما أن عدد المعارضين الذين دخلوا المجلس كثيرون، وأتذكر منهم أسماء لامعة أمثال صلاح عيسى وأمينة شفيق وحسين عبدالرازق ومحمد عبدالقدوس وحمدين صباحى وصولا إلى محمد سعد عبدالحفيظ وعمرو بدر، نهاية بالانتخابات الأخيرة التى جددت التأييد لزملاء مثل هشام يونس ومحمود كامل وانتخبت وجها جديدا محترما مثل محمد الجارحى.
لو أن هناك تزويرا ما دخل كل هؤلاء مجلس النقابة، ثم إن المجالس السابقة منذ ٢٠١٣ بها عدد من الزملاء المحسوبين على المعارضين، وفازوا فى الانتخابات وبإشراف قضائى نزيه ومحايد، وبالتالى فإن فوز البلشى مساء الجمعة الماضى يكشف بوضوح أن الانتخابات كانت نزيهة جدا.
ظنى أن أحد الفائزين الكبار فى انتخابات ليلة الجمعة كانت الدولة المصرية والحكومة والمجتمع بأكمله اضافة بالطبع للجماعة الصحفية، لأنها برهنت على ان الحكومة لا تتدخل فى هذه الانتخابات.
صحيح أن البعض له ملاحظات على انحياز البعض لهذا المرشح أو ذاك، ولكن تلك مسألة نسبية، وفى النهاية فإن إرادة الناخبين والجمعية العمومية التى رفضت الميزانية فى هذا اليوم كانت هى الغالبة.
مبدئيا أعجبنى أن الجمع مؤيدون ومعارضون اجتمعوا داخل هذه النقابة من كل الاتجاهات وحينما انتهت الانتخابات هتفوا جميعا «عاشت وحدة الصحفيين».
وأعجبنى أيضا أن الزميل خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار، والذى خسر منصب النقيب بفارق 239 صوتا، بادر فور إعلان النتيجة لتهنئة منافسه خالد البلشى بقوله: «خالص التهانى للزميل خالد البلشى بفوزه بمقعد نقيب الصحفيين وتمنياتى القلبية للجماعة الصحفية وتحقيق كل ما يتمنوه».
ورد عليه البلشى بقوله: «شكرا جزيلا للزميل العزيز خالد ميرى، خضنا منافسة شريفة وعادلة ونبقى زملاء أعزاء تجمعنا نقابة واحدة».
هذه هى المشاعر والروح التى تميز انتخابات نقابة الصحفيين منذ عقود طويلة.. يتنافس الجميع ويتناقشون ويتجادلون ويحتدون، لكن حينما تنتهى الانتخابات، يعود الجميع زملاء لخدمة مهنتهم وزملائهم.
فى نتائج الانتخابات الأخيرة هناك العديد من الدروس التى يفترض أن يقرأها الجميع بتمعن وهدوء، ويستخلص دروسها وعبرها، خصوصا فى مدى دور وتأثير التيار الشبابى الجديد.
أظن أنه صارت هناك حقيقة مهمة وهى أن الكتل التصويتية الأكبر لم تعد فى المؤسسات القومية، بل خارجها وتبين ان زيادة نسبة المشاركة كانت في صالح المرشح المعارض وليس العكس.
وأظن أن الظروف الاقتصادية الضاغطة على الجميع خصوصا على جيل الشباب لعبت دورا مهما فى اتجاهات صناديق الانتخابات. وأظن ثالثا أن خوف الصحفيين من الغد ومن مصير صحفهم وقلة التنوع فى المحتوى داخلها قد لعب دورا مهما فى عملية التصويت، خصوصا أن متوسط رواتب ودخول الصحفيين صارت هي الأدنى بين النقابات المهنية. وهناك دروس أخرى كثيرة نحاول أن نتاولها قريبا إن شاء الله
وبمجرد ظهور نتيجة مقعد النقيب كان متوقعا بالضرورة ملامح الزملاء الفائزين الستة؛ لأن عددا كبيرا من الذين صوتوا لصالح البلشي، صوتوا بالضرورة لصالح المرشحين المعارضين.
النقطة الأخيرة والمهمة هى أن الدولة أكبر من أى انتخابات ومن أى مرشح وهى تمد يدها لجميع أبنائها وستعمل مع المجلس الجديد من دون حساسية. وأتمنى وأتوقع أن يكون المجلس الجديد بكل أعضائه على مستوى المسئولية ويتحرك فى إطار خدمة المهنة والأعضاء، وألا يسمح لأحد أن يجرفه لمعارك جانبية لن تكون فى صالح أحد.
مبروك لخالد البلشى وهشام يونس وجمال عبدالرحيم ومحمد الجارحى وعبد الرؤوف خليفة ومحمد يحيى ومحمود كامل، وحظ أوفر لبقية الزملاء الذين لم يحالفهم التوفيق.